24-11-2014

هل نعيش الحياة كما يجب أو كما نُحب؟

كثير منا يعتقد بأنه يعيش الحياة بمعانيها ومفرداتها كافة، يصحو صباحاً متوجهاً إلى مقر عمله، أو حرم جامعته، يفعل ما يعتقد أنه صحيح، ويتخذ القرارات التي يؤمن بأنها الأصوب، يعود إلى منزله، ويلقي نظرة سريعة وعابرة على أثاث ظنّ أنه سيجلب له الراحة والسعادة المنزلية التي ظل يبحث عنها، ثم يلتفت ويلقي تحية عاجلة ومرتبكة على أهل بيته، ويمضي وقته غارقا في قراءة وتصفح ما سقط سهواً أو عمداًً من رسائل وتنبهات وردت على شاشة هاتفه، فهذه رسالة من قروب في «الواتس اب» وذاك خبر ورد على توتير، وتلك صورة لم ينتبه لوجودها على الانستقرام. يستحم ويرتدي أقرب قطعة نظيفة وجدها في الخزانة، وينطلق باتجاه استراحة الأصدقاء، يجلس بركن قصي منها، يتناول ريموت التحكم بالتلفزيون، ويقلب القنوات بملل وروتين، وهو ينفث دخان الشيشة من فمه.. يغلبه النعاس والملل، فيقرر أن يعود بعدها إلى المنزل، ليضع رأسه الثقيل على وسادته، ويسأل نفسه: متى كانت آخر مرة جددت بها حياتي؟ وأضفت عادة مختلفة إليها؟ وأمضيت يومي بصفة مختلفة بعيدا عن الروتين الذي يكاد يقتلني مللاً؟ متى يا ترى ستمنحني حياتي فرصة لأحقق قائمة الأمنيات الذي ظلت معلقة في روزنامتي لسنوات طويلة؟ متى سأتصل بصديقي عمر الذي مضت شهور طويلة على انقطاع أخباره؟ ومتى سيسعفني الوقت للاشتراك في النادي الرياضي الذي حدثني عنه قريبي؟ وهل يا ترى سأزور اليونان هذا العام كما خططت منذ سنوات؟ وأين أنا من مسيرة الإعداد والتحضير لمشروع العمر الذي لطالما حلمت به وشاركت شغفه مع أهلي وأقاربي؟ متى كانت آخر مرة عبرت بها لزوجتي عن شكري وامتناني لكل ما قدمته لي طيلة هذه الأعوام؟ ثم هل أنا حقاً الشخص الذي اعتقدت بأني سأصل إليه حينما كنت في الصف السادس الابتدائي؟! تتعبه مرارة الأسئلة، ويؤلمه فراغ الإجابة، فيفضّل أن يخرس ضجيج ذلك الصوت المقلق بداخله وهو يطالبه بأن يعيش حياته كما يريد لا كما أرادت له ظروفه.

كثير منا يعيش حياته مفتقداً لعنصر التغيير والتجديد، وخائف من أن يتخذ خطوات وقرارات جديدة، ويضيف عادات مختلفة إلى حياته، يكرر روتين يومه على مدى شهور بل سنوات، يقابل الأشخاص أنفسهم، ويسافر للبلدان ذاتها، يرفض أن يقرأ لتيار جديد، ويخاف أن يتناول طعاماً مغايراً، يرتاح للتكرار لأنه في باطنه يخاف من الفشل، متناسياً عظم الفرص التي قد تنفتح أمامه نظير ذلك التغيير.

يقول الدكتور صلاح الراشد، من سمات الرسل والأنبياء هي الدعوة إلى التوحيد والتجديد، كما أن الله يبعث على رأس كل مئة عام مجدد، لأن الإنسان الذي لا يتغير ولا يتجدد ينقرض، ويغرق في مستنقع الرتابة والتخلف.

البعض يؤكد أن كلمة التجديد مغرية ومثيرة، لكنها صعبة التحقيق على أرض الواقع، خصوصاً حينما تجهل المسارات التي يجب أن ينعشها التغيير في حياتك، لذا يوصي الراشد بأن تكتب قائمة المجالات في حياتك، الجانب الروحاني، الاجتماعي، العاطفي. العملي والصحي، ثم اكتشف أيا من تلك المجالات ظلت على ما هي عليه لسنوات طويلة، ولم تتغير نتائجها ومخرجاتها، ثم اكتب ما يمكن إحداث من تغيير فيها، وارسم مخططا لهذا التجديد الذي تطمح إليه متبوعا بخطة زمنية واضحة، وأخيراً قم بممارسة خطوات صغيرة من التغيير، ستجد لاحقاً كما وجد الكثيرون بأنهم باتوا يمسكون بزمام حياتهم، ويتحكمون بنسبة عالية من ظروفها وأحداثها، بدلا من أن تتحكم هي بهم، وتفرض عليهم روتينها الذي يبعث عن الخمول في الذهن، والفتور في الإنجاز، والشح في فرص الحياة ومتعها المختلفة. التجديد هو فرصتنا لأن نبدأ من جديد.. فمن يبدأ؟

Twitter:@lubnaalkhamis

مقالات أخرى للكاتب