24-11-2014

وزارة الصحة مسؤولة عن هذه الوفيات

سأتناول في مقالي اليوم الحديث عن الذبحة الصدرية والجلطة الدماغية، ليس من خلال منظور طبي صرف، ولكن عن غياب برامج وطنية لتوعية المواطنين حول كيفية التعامل مع المصاب بأعراض الذبحة أو الجلطة الدماغية، والأهم من ذلك حالة الفوضى التي تعم المستشفيات الأهلية واستقبالها للحالات الطارئة، وهي غير مؤهلة لعلاج مثل هذه الحالات، والتي تحتاج إلى تدخل طبي سريع خلال الساعات الأولى من أجل إذابة الجلطة، والتي من الممكن أن تكون منقذة لحياة مريض.

قد لا يعلم أغلب المواطنين أن المستشفيات المؤهلة في مدينة الرياض لعلاج مثل هذه الحالات لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، هي المستشفيات الحكومية الكبرى بمختلف مرجعياتها، برغم من أن بعضها يفتقد إلى فريق داخلي في قسم الطوارئ لعلاج الذبحة الصدرية وجلطة الدماغ في زمن قياسي، كما تفتقد بعضها إلى أطباء طوارئ متخصصين في هذا المجال الإسعافي.

لهذه الأسباب أفهم حجم المعاناة التي يتعرض لها المواطن أو المقيم عندما يشعر بالآلام أو الأعراض التي تشير إلى إصابته بالذبحة الصدرية أو الدماغية، تلك المعاناة التي تؤدي إلى المأساة عندما تبدأ رحلة التنقل من عيادة خاصة إلى طوارئ مستشفى خاص، في سباق مع زمن النافذة الزمنية لعلاج الذبحة الصدرية في مرحلة مبكرة لإنقاذ قلب المصاب أو دماغه من التلف وموت الخلايا.

وصلت بعض البلاد المتقدمة إلى تدريب الكوادر الطبية في سيارات الإسعاف التي تنقل مرضى الذبحة الصدرية إلى أقسام الطوارئ على التشخيص الأولي وإعطاء الحقنة في السيارة من أجل الحفاظ على أنسجة القلب من التلف، وقد تكون هذه الخطوة شبه مستحيلة في مدينة كالرياض، بسبب غموض نظام العناوين وصعوبة الوصول إلى بيت المصاب في زمن قياسي، لكن نأمل أن تبدأ مرحلة تأهيل أقسام الطوارئ في المستشفيات، وقبل ذلك نشر الوعي بين المواطنين عن كيفية التعامل مع مريض الذبحة الصدرية وسرعة نقله للمستشفى المؤهل.

والأهم من ذلك تحديد المستشفيات المؤهلة لتقديم العلاج المناسب، ومنع المستشفيات الأهلية من تقديم خدمة الطوارىء ما لم تلتزم بالمعايير الطبية الدولية، وأن تكون خدمة الطوارئ في مثل هذه الحالات الاسعافية مجانية ولا تخضع للتجارة، وما يحدث الآن أن بعض المستشفيات الأهلية تقبل مثل هذه الحالات، وهي غير مؤهلة لهذا العلاج، وذلك من أجل المال، ولو كانت النتيجة موت المريض بسبب عدم توفير العلاج المناسب لإذابة الجلطة في القلب أو الدماغ.

آخر إحصائيات وزارة الصحة تقول إن أمراض القلب (16 %) السبب الأول للوفيات، ولكن هل تعلم أن أسباب الوفيات هو غياب برامج وطنية لتطوير أقسام الطوارئ وتأهيلها فنياً وطبياً لاستقبال المرضى المصابين في زمن قياسي، وعدم وجود برامج تدريبية لتأهيل الكوادر الصحية لعلاج مثل الحالات الطارئة في أقسام الإسعاف وخارجها، وعدم وجود مسار واضح لهؤلاء المرضى من أجل اختصار الزمن لمعالجتهم قبل حدوث الوفاة.

أنا أحمل وزارة الصحة المسؤولية الكاملة فيما يحدث من فوضى عارمة وإهمال لأمراض الذبحة الصدرية والجلطات الدماغية، وأحملها المتاجرة بأرواح المواطنين في المستشفيات الأهلية التي تفتح أبوابها لاستقبال المرضى، وهي لا تملك أسس علاج مثل هذه الحالات، بالإضافة إلى ضعف كوادرها البشرية التي ليس لها علاقة بطب الطوارئ، ولم تخضع للتدريب والتأهيل في علاج حالات الذبحة الصدرية.

أحمل الوزارة وفاة كل مريض بالذبحة الصدرية، مات وهو يتنقل من مستشفى خاص إلى آخر، أحملها لأنها سمحت لهذه المستشفيات الهادفة للربح المادي فقط، بافتتاح أقسام طوارئ ليس لها علاقة بطب الطوارئ، فقط من أجل حفنة من الملايين، ومن أجل أن تصل أرصدة التاجر بصحة الناس إلى خانة التسعة أرقام.

أحمل الوزارة لأنها المرجعية الوطنية المسؤولة عن صحة المواطن، والمسؤولة عن جودة المستشفيات، وعن أيضاً انتشار ظاهرة المتاجرة بصحة المواطن، أحملها أيضاً لأنها الوزارة التي تحظى بميزانية خيالية، ومع ذلك لا زالت الخدمات الطبية تتراجع بسبب التخبط في الأنظمة الصحية، والتي كان آخرها هجرة الأطباء المتخصصين إلى المستشفيات الأهلية بسبب ضعف المكافآت.

أحملها لأنها تصرف المليارات في بناء المباني الإسمنتية بينما لا تستثمر القليل منها في تطوير الكوادر الطبية وتطوير الأنظمة الطبية وبرامج العناية الصحية المتخصصة في طب الطوارئ وغيرها، والله على ما أقول شهيد.

مقالات أخرى للكاتب