27-11-2014

أمريكا: حكايات على هامش الساسة

يقال في الأمثال : إما أنك كذاب أو تمتهن العمل السياسي !، وفي حكايات الساسة ما لا يصدق من هذا القبيل، وعندما أتابع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وأقارن بين مظهره الآن، ومظهره عندما تم انتخابه في 2008، ألحظ التغير الكبير الذي طرأ عليه، فهو يبدو الآن كشيخ في السبعين من عمره، أبيض الشعر، وشاحب الوجه، وقد كان متألقا، أنيقا، شابا، قبل أربع أو خمس سنوات فقط، وادرك من خلال متابعتي للساسة، والسياسة على مدى عقود أن الشيخوخة المبكرة التي يعانيها الدكتور، والمحامي اللامع، والمثقف المحترم، وصاحب المبادئ، باراك اوباما ربما تكون بسبب كمية الكذب، والنفاق الذي يتوجب عليه ممارسته كسياسي محترف، في واحدة من أعتى الديمقراطيات العالمية.

السياسي، وعضو مجلس الشيوخ السابق عن ولاية ساوث كارولينا، ستروم ثورموند، والذي استمر سيناتورا حتى جاوز عمره المائة عام !!، وهو انجاز لم يسبقه إليه أحد في التاريخ السياسي الأمريكي، كما أنه انتخب لمجلس الشيوخ، وخدم لمدة ستة وأربعين عاما، وهي ثالث أطول فترة يقضيها سيناتور في مجلس الشيوخ، وهذا السيناتورعنصري من طراز فريد، فقد وقف وقفة قوية ضد قانون المساواة بين البيض والسود، وانشق عن الحزب الديمقراطي بسبب ذلك، وترشح للرئاسة الأمريكية في عام 1948، وكان شعاره :» لا للمساواة بين البيض والسود»، وفي إحدى خطبه قال :»هل ترضون أن يدخل السود كنائسكم، وأن يشاركونكم في المسابح العامة. .»، وغني عن القول أنه لم يفز بالرئاسة، فلو كان لهذا وأمثاله شعبية، لما أصبحت أمريكا أغنى، وأقوى دولة في التاريخ الإنساني!!.

المثير هو أن هذا السيناتور العنصري، صوت، ولأسباب حزبية بحتة، لاختيار مرشح المحكمة العليا، القاضي الأسود كليرانس توماس، في عام 1991، فهو سياسي، ولا يمكن أن تكون سياسيا ناجحا دون التخلي عن المبادئ، فمن يتغنى بالمبادئ يصبح مناضلا، لا سياسيا، والأغرب من الخيال أنه اتضح - بعد وفاته - أن هذا السيناتور العنصري له ابنة سوداء، اسمها ايسيمي واشنطن ويليامز، من علاقة غير شرعية، مع شابة سوداء، كانت تعمل في منزل والديه، عندما كان شابا!!، وقد اعترفت أسرته بها، وأصبحت جزءا من عائلتهم، كما اتضح أن السيناتور كان على تواصل مع ابنته السوداء أثناء حياته، وكان يساعدها ماديا، وهو الذي تكفل بمصاريف دراستها الجامعية، وهكذا هم الساسة، إذ من الممكن أن تكون أبيض، ولك ابنة سوداء تحبها، وفي ذات الوقت، تقاتل بكل ما أوتيت من قوة ضد نضال السود لنيل حقوقهم المدنية. إنها الساسة والسياسة يا سادة!!.

ahmad.alfarraj@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب