على مر التاريخ، لم تكن الرياضة غائبة عن الحياة اليومية، سواء كلاعب مشارك، أو كحضور جماهيري، أو مساهم مع فرد أو فريق، وليست هي الرياضة التي اعتادت عليها المجتمعات قبل النهضة الحديثة وظهور وسائل النقل الصناعية، تلك المرحلة التاريخية التي كانت أشبه بالصراع لأجل البقاء، ومع ذلك، كانت الرياضة المرتبطة بالأسلحة مثل المبارزة ورمي الرمح، ومهارات الفروسية واحدة من عادات الشعوب كجزء من التسلية وتطوير المهارة، حتى أصبحت جزءاً من الثقافة، وساهمت في الحماية من النزاعات، أو الحد منها.
خلّدت الرسوم الصخرية، ومن بعدها المخطوطات، والمؤلفات العديد من الرياضات التي لها ارتباط بالرياضات الحالية، كما هي الألعاب الأوليمبية، التي أصبحت مهرجاناً دولياً، والتي كانت عبارة عن مجموعة ألعاب شعبية يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد في مدينة أوليمبيا في اليونان، ولذلك ففي ظل النهضة الثقافية التي كانت العولمة، وسهولة التواصل بين أفراد العالم عبر فضاءات غير ملموسة وسيلة للتعريف بالرياضات، وانتقالها بين الشعوب بيسر، وإن كان البعض منها على درجة من التشابه.
اليوم، ومع رؤية 2030 التي قادت العناصر والمكونات الوطنية لتساهم في بناء الوطن، لتلعب دوراً في تعزيز الاقتصاد الوطني، وإظهار الكنوز الوطنية التي لعبت دوراً بارزاً في عكس قوة سعودية ثقافية تحقق المعنى الحقيقي للانفتاح الثقافي.
لذلك، فتطوير الرياضات الوطنية بكافة أنواعها، وإظهارها للآخر، لعب دوراً كبيراً في تشكيل وتوضيح الثقافة المحليّة، والقيم الإنسانية، وصولاً إلى دورة هذه الأنشطة في التماسك الاجتماعي والتواصل، بما في ذلك روح المنافسة وإظهار القيم الإيجابية والتنافس الشريف.
كون الرياضة جزءاً مهماً من الهوايات المختلفة، إلا أنها تشكل هوية ثقافية للجماعات والمجموعات التي تشكل مجتمعة هوية ثقافية وطنية عندما تحقق الإنجاز والانتصار على المستوى العالمي، وتعبّر عن قيم المجتمع وعاداته، والتعريف بها وتسويقها، سواء ما يرتبط باحترام الوقت والشعائر الدينية التي صدر توجيه سمو سيدي ولي العهد «وفقه الله» بمراعاة أوقات الصلاة في جدولة مباريات كرة القدم، وهي رسالة ترسّخ احترام الوقت الديني، الذي يعتبر جزءاً من الهوية الثقافية الوطنية، كذلك فيما يتعلق بقيم المجتمع، والتنافس في المشاركات الرياضية في الأحداث الوطنية أو الفعاليات التي تقام وتشتمل على مواسم رياضية مثل الكرة بأنواعها أو أنشطة الفروسية وسباقات الهجن والصقور...الخ، التي تقوم وتساهم في تعزيز تواصل اجتماع، وربط أواصر، ودور بارز في الصحة وجودة الحياة، ناهيك عن مجال التعليم والتدريب، وروح التعاون الجماعي، وصولاً إلى إظهار دور الرياضة كجزء من الثقافة المحلية في مشاركة الفن بكافة أنواعه في الأنشطة الرياضية لتنويع مصادر تجربة الزائر المباشر وغير المباشر.
لم تعد الرياضة وسيلة ترفيهية أو ممارسة هواية فقط، بل أصبحت عاملا رئيسيا في نشر الثقافة المحليّة، وتعزيز التبادل الثقافي بين المجتمعات على كافة المستويات المحليّة والدولية .
** **
- مرضي الخمعلي