الدعاية والإعلان عن طاعة لا بأس بها، فقد سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- الصدقة للقوم الذين رأى في وجوههم الحاجة والفاقة، وأما الإعلان والدعاية لأمر دنيوي فهو منهي عنه، لما في صحيح مسلم: عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك؛ فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا)؛ رواه مسلم.
(ينشد ضالة)؛ أي: يطلبها برفع الصوت.
وهل النهي للتحريم، أو للكراهة، الجمهور على الكراهة، والأقرب أنه للكراهة لا للتحريم، كما سبق تقريره في الفرق بين إنشاد الضالة، وبين البيع والشراء في المسجد- فالنهي عنهما إما على سبيل الكراهة في الكل، فالقرائن الدالة على صرف النهي عن البيع والشراء في المسجد، تكون قرينة صارفة للنهي في إنشاد الضالة، بجامع أن كلاً منهما (لم يبنى لذلك- وهو جمع متجه وقوي، أو نقول بالتفريق بينهما كما سبق في التفريق-.
وإذا كان المقصود في الإعلان: هو الأمر الدنيوي، وكذا الأمر الديني، غلب جانب الحظر، لكونما مقصودان.
للقاعدة: إذا اجتمع حاظر ومبيح على وجه لا يمكن التمييز بينهما غلب جانب الحظر.
وإذا كان المقصود الأعظم هو الأمر الديني، والدعاية الدنيوية تبع، فلا حرج.
لأن القاعدة: التابع تابع.
وهي قاعدة: يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا.
والله أعلم.
** **
- أ. د. محمد بن سعد العصيمي