الحمد لله الذي منَّ على عباده بإتمام مناسكهم، وشرّف هذه البلاد المباركة بخدمة ضيوف بيته الحرام، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فبعد النجاح المُشرّف لموسم حج عام 1446هـ، وما شهده من تنظيمٍ فائق المستوى، وإدارةٍ حكيمة للحشود المليونية في المشاعر المقدسة، يحق لكل مسلم أن يرفع أكفّ الضراعة شكرًا لله تعالى أولًا، ثم شكرًا لقيادة المملكة العربية السعودية، التي سخّرت جميع إمكاناتها، ووضعت كل طاقاتها البشرية والتقنية، في سبيل راحة ضيوف الرحمن وسلامتهم.
لقد جاء هذا النجاح الباهر ترجمةً واقعية لرؤية المملكة 2030، التي جعلت من خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما هدفًا إستراتيجيًا أصيلًا، حيث لمس الجميع -زوّارًا ومتابعين- نقلة نوعية في الخدمات والتنظيم، وفي البنية التحتية، وفي تسخير التقنيات الذكية الحديثة، وكلها تصب في هدف واحد: راحة الحاج، وتيسير أداء النسك على أكمل وجه.
ومما زاد هذا الموسم تألقًا وفخرًا، حضور أبرز قيادات الدولة في الميدان، ومتابعتهم المباشرة لكافة التفاصيل، وحرصهم الشخصي على أن تكون الخدمات في أعلى مستوياتها، في مشهد يعكس روح القيادة المسؤولة، والإدارة الفعّالة، والمحبة العميقة لضيوف الرحمن. كما لا يمكن إغفال الدور العظيم الذي قام به رجال الأمن، الذين كانوا صمّام الأمان في حفظ النظام وانسيابية الحركة، والفرق الصحية والإسعافية، وعمّال النظافة، والفرق الميدانية التابعة للبلديات، حيث أبدعوا في أداء مهامهم بكل احترافية وإخلاص وتفانٍ.
وإن هذه الجهود المباركة لم تقتصر على مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة فحسب، بل شملت كافة أنحاء الوطن، ولعل في «مدينة الحجاج» في بريدة بمنطقة القصيم أبلغ رسالة في هذا الشأن، حيث تولّى صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود - أمير المنطقة - وسمو نائبه، ومعهم منسوبو الإمارة وكافة الجهات الحكومية، رعاية ضيوف الرحمن وتوفير مكان مريح ومهيّأ للحجاج العابرين عبر الطرق البرية، ينعمون فيه بكافة وسائل الراحة، والخدمات الصحية، والغذائية، وسائر ما يحتاجه الحاج أثناء سفره. وهي صورة مشرّفة تعكس امتداد العناية والاهتمام في كل جزء من الوطن. وإن هذا التكاتف والتكامل بين مختلف الجهات الحكومية، هو صورة مشرّفة لما يمكن أن تصنعه الدولة السعودية برجالها المخلصين، حين تتوحد الأهداف وتخلص النوايا، في سبيل خدمة الدين، وخدمة الحاج، وخدمة الإنسانية جمعاء.
نسأل الله أن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- خير الجزاء، وأن يبارك في جهودهما، ويزيد هذه البلاد أمنًا وإيمانًا، وتمكينًا وازدهارًا، وأن يعيد مواسم الحج والأعياد على المسلمين بالعز والنصر والقبول.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
** **
فهد محمد فهد الصقية - رئيس مركز الشيحية بالقصيم