أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً} (145) سورة آل عمران.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله.. إيماناً بقضاء الله وقدره فقدنا هذا الأسبوع رمزاً من رموز الإعلام والثقافة في بلادنا، ونبعاً من ينابيع الخير، ذلكم هو العزيز أبوهشام أ. عبدالرحمن بن صالح الشثري، الذي لقي وجه ربه بعد معاناة مع المرض، جعل الله ما أصابه رفعة في درجاته ومنزلته.. فقد صبر واحتسب رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته.. عُرف رحمه الله بتمسكه بشعائر دينه وبخلقه الرفيع وحسن تعامله وتواضعه، سواء في حياته العملية أو في حياته الاجتماعية.. رحمه الله رحمة واسعة.. أبوهشام رمز من رموز الوطن والثقافة، ورجل من رجالات الخير والمحبة.
كانت محطات حياته -رحمه الله- وسيرته الذاتية مصدر اعتزاز وافتخار لأبنائه ولمن عرف فضله وقدره ومحبته. حظي في حياته العملية بثقة ولاة الأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله، عندما كان مديرًا للعلاقات العامة برئاسة الحرس الوطني. تلك المرحلة كانت من أهم المراحل العملية التي قدم فيها عطاءه المبارك لدينه أولًا، ثم لوطنه ولمواطنيه.
ومن خلال هذا الموقع المهم، كان رحمه الله مشرفًا على الفعاليات الثقافية في مهرجان الجنادرية، المهرجان الوطني للتراث والثقافة. وكان أيضًا مسؤولًا عن تحديد الشخصيات التي تُدعى من رجالات الفكر والأدب والثقافة من خارج المملكة لحضور المهرجان. لذلك، كان الأستاذ عبدالرحمن الشثري وجهًا إعلاميًا بارزًا وصورة مشرفة للمملكة العربية السعودية.
أتذكر جيدًا لقاءاته مع سمو الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله، عندما كان نائبًا لرئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة، نائبًا لسمو الأمير بدر رحمه الله رئيس اللجنة العليا للمهرجان. وكان سمو الأمير فيصل يدعمه بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، باعتبار أن رعاية الشباب في ذلك الوقت كانت مسؤولة عن الثقافة في المملكة العربية السعودية. وكان عمل الثقافة وعمل مهرجان الجنادرية يتعاضدان في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة لنشاط ثقافي كبير وندوات كبيرة، كان حضورها مكثفًا وكانت تناقش الكثير من القضايا، سواء على الصعيد المحلي أو على الصعيد العربي.
ذلك كان الجانب الرسمي في حياته رحمه الله، من خلال تسنمه ذلك المنصب، وأيضًا في الجانب الثقافي، كانت رئاسته لتحرير مجلة رئاسة الحرس الوطني «مجلة الحرس الوطني» نقلة مهمة في الثقافة في المملكة العربية السعودية، بما استكتبته من كبار الكتاب وبما طرحته من مواضيع ثقافية مهمة على صعيد الوطن العزيز.
أما على صعيد الجانب الشخصي، فإن أهم صفاته رحمه الله كان سعيه الدائم للخير. وما تلك المراكز لغسيل الكلى التي انتشرت في المملكة العربية السعودية إلا بتوفيق الله ثم بجهده وحرصه ومتابعته لرجال الأعمال الذين كانوا يثقون به وبأفكاره، وكانوا يوافقون على الفور في تحمل تكاليف تلك المراكز. والتي كان لها دور كبير جدًا في علاج الكثير من مرضى الكلى، والذين كانت وزارة الصحة لا تقصر معهم، ولكن المواعيد كانت تأخذ وقتًا طويلًا.
إلى جانب ذلك، كان الرجل حريصًا على معالجة المرضى، وله مواقف كثيرة في ذلك، في تحويل الكثير من المرضى إلى مستشفى الحرس الوطني لما له من علاقة فيه. أضف إلى ذلك علاقاته الاجتماعية الواسعة، فالرجل كان مجلسه عامرًا كل أسبوع بحضور كثيف من رجال الفكر والأدب والوجوه الاجتماعية الذين كانوا يحرصون على مجلسه العامر.
وكان مجلسه مستمراً رغم مرضه في آخر السنوات، حيث كان يحرص على انعقاد هذا المجلس الأسبوعي، رغم ما كان يعانيه من متاعب صحية، لكنه كان حريصًا على لقاء محبيه وعارفي فضله. رحم الله أبا هشام وأسكنه فسيح جناته، وجعل في عقبه خيرًا.
وأنا متأكد أن ذريته الصالحة، وهم من رجالات هذا البلد المثقفين، سيحرصون إن شاء الله تعالى على عمل الخير واستمرار الخير الذي كان يقوم به والدهم، وأيضًا لكتابة سيرته العطرة، والتي تعد أنموذجًا يقتدى به في كل الأعمال التي قام بها رحمه الله.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ما أصابه رفعة في درجته ومنزلته، وأن يجعله إن شاء الله تعالى مع الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته. وعظم أجر أبنائه وبناته وأهله وذويه وأسرة الشثري الكريمة ومحبيه آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
** **
منصور بن عبدالعزيز الخضيري - وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب (سابقاً)