الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
قال الدكتور نهار بن عبدالرحمن العتيبي المحامي والمستشار الشرعي استاذ الدراسات الإسلامية بجامعة شقراء سابقاً إن إبداء المشاعر الجميلة والكلمة الطيبة هي من الأمور المهمة التي تزيد الحياة بهجة وتجعل تلك الحياة مليئة بالبهجة والسرور والمحبة والوئام، مشيراً إلى أن كثيرا من النساء والرجال يغفل عن أهمية المشاعر ومدى تأثيرها على جمال الحياة وإسعاد الأشخاص وخصوصاً ما بين من يعيشون مع بعضهما حياة طويلة كالزوجين والإخوة والأخوات وغيرهم.
وقال الدكتور نهار العتيبي في حديثه لـ«الجزيرة»: إن بعض الرجال للأسف لم يعتد على إبداء مشاعره تجاه زوجته على وجه الخصوص أو حتى تجاه أبنائه وبناته خصوصاً بعدما يكبروا فضلاً عن جفاف مشاعره تجاه والديه وهذا خطأ بلا شك ومخالف لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو قدوتنا جميعاً، مبيناً أن إبداء مشاعر المحبة والتقدير والغلى هو منهج نبوي فقد كان يدلل زوجه عائشة رضي الله عنها ويقول: يا عائش ومرة يقول: يا حميراء وعندما سأله أحد الصحابة رضي الله عنه من أحب الناس إليك قال: عائشة، وكان يقول لمعاذ رضي الله عنه: والله إني لأحبك يا معاذ.
صدق المشاعر
وشدد المستشار الشرعي في سياق حديثه على أن الرجال والنساء هم بشر وقد يحصل منهم خطأ تجاه الآخر فقد يقع خطأ من الزوج تجاه زوجته أو من الزوجة تجاه زوجها وقد وقع ذلك في بيت النبوة، لكن ما أن يبدي أحدهما للآخر محبته وصدق مشاعره واعتذاره عن خطأه إلا وتعود الحياة إلى مجاريها، بل ربما أفضل خصوصاً إذا شعر أحدهما بصدق مشاعر الآخر، ثم تستمر الحياة، وأنه من خلال عمله ووقوفه على بعض القضايا سواء بين الزوجين أو حتى بين الأقارب وجد أن شرارة الخلاف هي جفاف المشاعر الذي يتطور شيئاً فشيئاً حتى ينقلب إلى عداوة ثم يحاول كل منهما الإضرار بالآخر وينسى أو يتناسى الأيام الخوالي أو ربما السنوات التي عاشا فيها سوياً في سعادة وحب عندما كانت النفوس صافية.
وذكرً د. نهار العتيبي أن المرأة بطبيعتها لطيفة وتحب الكلمة الجميلة كما ذكر الله تعالى ذلك عنها في كتابه فقال: {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}، ولو استحضر الرجل هذه الطبيعة وتعامل مع المرأة حسب طبيعتها وأبدى لها محبته وتقديره وأنها عنده في المنزلة العالية والمكانة الرفيعة واختار من الكلمات ما يؤثر على قلبها وتسعد بها نفسها فإنه سيتم حل كثير من المشكلات الزوجية في البيت وستنقلب هذه المشكلات بإذن الله من مشكلات إلى تعاون ومن خصام إلى وئام، وبعض الرجال يعتقد أن التعامل مع المرأة لابد أن يكون بحزم في كل الأحوال وأنه لابد من تحمير العين وهذا خطأ بلا شك فالنبي صلى الله عليه وسلم كان أرحم الناس وقال لنا ولأمته: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، مؤكداً أن الرجولة الحقيقة هي أن يحتوي الرجل زوجته وأهل بيته ويحسن التعامل معهم ولا يتعارض حسن التعامل مع حسن التربية أبدا فالتربية تعني تعليم الصحيح والتحذير من الخطأ بينما التعامل يعني إظهار المحبة والوفاء والحرص على العائلة حرص الأب المحب الذي يريد لهم الخير والسعادة، كما أن بعض النساء للأسف تفهم حسن التعامل مع الزوج أو الأقارب بأنه ضعف أو هكذا يصور لها وهذا خطأ فكما أن المرأة تريد أن ترى حسن التعامل من زوجها وإبداء المحبة لها وتأنس كثيراً عندما تسمع منه كلمة حلوة فكذلك الرجل يريد أن يسمع من زوجته ما تقر به عينه ويسعد به فؤاده فالمشاعر متبادلة وإذا كان مشاعر المرأة تجاه زوجها ضعيفة أو جافها فلن يستمر الزوج من طرف واحد وربما ملّ وتوقف.
طفولة ومراهقة
ونبه د. نهار العتيبي الوالدين إلى أن الأبناء بنين وبنات يحتاجون وبشكل كبير جداً مشاعر من الوالدين سواء في مرحلة الطفولة أو في مرحلة المراهقة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل أبناءه ويشمهم وعندما رآه الأقرع بن حابس وقال: والله إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحد قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أو أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك من لا يرحم لا يرحم، وكان الحسن أو الحسين رضي الله عنهما يمشي ويعثر في ثوبه والنبي صلى الله عليه وسلم يراه ثم ينزل وهو كان يخطب بالناس فيحمله ويكمل خطبته، ويركب على ظهره الحسن أو الحسين وهو ساجد فيطيل السجود والصحابة رضي الله عنهم سجود وبعدما سلم عليه الصلاة والسلام قال: إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله، ويحمل أمامة بنت ابنته زينب وهو يصلي فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها، وحتى بعدما يكبر الأبناء فلا يستغلون عن حنان الأب والأم فقد كانت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم تأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقبل بين عينيها ويجلسها مكانة ويقول: فاطمة بضعة مني أي قطعة مني، مشيراً إلى أنه قد لا يكون الرجل معتادا على إبداء مشاعره ويجد في ذلك صعوبة لكن يعود نفسه على ذلك شيئاً فشيئاً حتى يعتاد وسيرى تغير حياته وحياة أسرته بشكل إيجابي لا يخطر على بال.