الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
طالبت دراسة علمية حديثة بسنّ قوانين تنظم عمل منصات التواصل الاجتماعي، تُلزمها برقابة ذاتية على المحتوى المنشور، وتُحمّلها مسؤولية تصحيح أو حذف الأخبار الكاذبة، خاصةً المتعلقة بالأمن الوطني، مع أهمية التشديد في معاقبة من يتعمد الكذب، وعدم التساهل في الحالات التي تتعلق بالشهادات، والتقارير، والدعاوى، خاصةً حين يكون للكذب أثر بالغ الضرر على المجتمع.
ودعت الدراسة العلمية الجديدة المعنونة بـ «تجريم الكذب في القانون الجنائي» للمحامي والباحث القانوني سلطان بن عطية المصلوخي، والتي حصل بها على درجة الماجستير في القانون، من كلية الحقوق بجامعة المنصورة، دعت إلى تعديل القوانين الحالية لتجريم نشر الأخبار الكاذبة كجريمة قائمة بذاتها، بصرف النظر عن نية الجاني، مع تغليظ العقوبة إذا كان هدف النشر هو التأثير على قيم وطنية أو في أوقات وظروف حرجة، مع ضرورة تكثيف اللقاءات الإعلامية والفعاليات المجتمعية التي تُبرز خطورة جريمة نشر الأخبار الكاذبة، خصوصًا مع تطوّر أساليبها وانتشارها الواسع الذي يُهدد استقرار المجتمع، والتفكير في اعتماد عقوبات إصلاحية للجناة، مثل: منعهم مؤقتًا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا لتقدير القاضي، كإجراء احترازي، وتوسيع الجهود الوقائية من خلال إنشاء منصات وطنية مختصة ترصد الأخبار الكاذبة وتحدّ من تأثيرها السلبي على الرأي العام.
واقترحت الدراسة استبدال مصطلح «الأخبار الكاذبة» بمصطلح «التضليل الإعلامي»، لكونه أكثر دقة في التعبير عن طبيعة الجريمة من منظور قانوني، وتعديل القوانين العربية لتكفل حرية تداول المعلومات الصحيحة والوصول إليها، باعتبارها السبيل الأنجح لمحاربة التضليل الإعلامي، وبما يتماشى مع المواثيق الدولية التي تكفل هذا الحق، وفرض التزامات قانونية على شركات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، خاصة في فترات الانتخابات، من خلال تحميلها مسؤولية قانونية عن الأخبار الكاذبة المنشورة، مع التأكيد على مسؤولية رؤساء تحرير المنصات الإعلامية الرقمية.
وشددت الدراسة على رفع كفاءة العاملين في وسائل الإعلام بكافة أشكالها، وتعزيز التزامهم بأخلاقيات المهنة، خاصة في تغطية الحملات الانتخابية، للحد من تداول المعلومات المضللة، والدعوة إلى إنشاء محكمة متخصصة في قضايا الإعلام والصحافة، تمكن من تحقيق عدالة سريعة في ظل النشاط المتزايد للمواقع والبرامج الإخبارية التي تؤثر بشكل مباشر في الرأي العام.
وخلصت الدراسة إلى أن جريمة نشر الأخبار الكاذبة لم تعد مسألة هامشية، بل أصبحت تمثل خطراً حقيقياً في ظل سهولة ارتكابها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيرها الواسع على الأفراد والمؤسسات، كما أبرزت الدراسة خطورة جريمة الاحتيال المالي باعتبارها تعتمد على الخداع والتدليس لانتزاع أموال الغير، وهو ما يستدعي أنظمة رادعة، مثل ما تبناه النظام السعودي من عقوبات مشددة شملت التشهير أيضاً، وأكدت الدراسة أن مواجهة الأخبار الكاذبة لا تُعد انتهاكًا لحرية التعبير، بل حماية للمجتمع، مشدداً على أهمية تصحيح المعلومات وتطوير الأنظمة لمواكبة التقدم التكنولوجي والحد من ظاهرة التضليل الإعلامي.