بريدة - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد الدكتور محمد بن عبدالله بن علي الخضيري أستاذ العقيدة والاتجاهات المعاصرة بجامعة القصيم سابقاً: أن بر الوالدين عبادة من أعظم العبادات وفريضة من آكد الفرائض، جاءت النصوص الشرعية بالأمر به والحث عليه والنهي عن ضده من العقوق والقطيعة واعتبار ذلك أحد أكبر الكبائر، بل قرن الله حق الوالدين بحقه سبحانه فقال تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، وقال: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتبة العقوق تلي مرتبة الشرك بالله فقال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثلاثًا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين الخ...»، مشيراً إلى أنه في هذا العصر الذي تكرست فيه الأنانية والفردانية وقلّ الوازع الديني، وانشغل أفراد الأسرة بعضهم عن بعض، فيجب إعادة البوصلة في ميثاق الحقوق وتصدير مركزية البر على سائر الأخلاق والآداب وإعطائه الأولوية لا في التوجيه والتعليم والنصح - مع أهمية ذلك – فحسب، وإنما التداعي من جميع فئات المجتمع ومؤسساته لطرح هذه القضية على أنها إشكالية في البر والعقوق آخذة في الانتشار والتزايد، بل نشأت أجيال على الشعور بالخصوصية والاستقلالية المطلقة حتى استقر لدى بعضهم تطبيع العقوق أو على الأقل ترك البر والإحسان، مع أن الله أمر بالإحسان للوالدين في خمسة مواضع في القرآن (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، وضد الإحسان شيئان: أحدهما: الإساءة والأذى قولاً أو فعلاً وهو أشد جرماً وإثماً. والثاني: ترك الإحسان مع عدم الإساءة وهو عقوق ظاهر لكنه دون الأول وهو أكثر انتشاراً لدى الأبناء والبنات للأسف الشديد.
ويضيف د. محمد الخضيري قائلاً: والسؤال الذي يطرح نفسه هل يكتفي الوالدان والمربون والمعلمون وقادة الرأي ببيان هذه المعاني والأحكام، ويجيب بقوله: مع أهمية الجانب التعليمي النظري إلا أننا بحاجة ماسة لما هو أبعد من ذلك، فنحن في وقت تئن فيه الأبوّة والأمومة من ترك البر والإحسان وتنامي العقوق وإهمال الحقوق، وحينما نرى التداعي لكافة مناحي الحياة والعلوم والمهن بالتدريب والتمهير وترتيب الدورات التدريبية والبرامج التطبيقية إلا هذه الشعيرة الشرعية والفريضة الاجتماعية متروكة للاجتهادات والعادات والقناعات الخاصة!
فهل تتنادى المؤسسات والمراكز التعليمية والاجتماعية للقيام بتحقيق هذه المهمة بل وافتتاح مراكز وجمعيات لهذا الغرض النبيل، وطرح معالجات عملية لظاهرة العقوق وحل المشاكل الناجمة عنه، وأن يساهم الجميع لبذل الممكن في كل منطقة بل وكل محافظة ليأخذ حقه المغفول عنه من الاهتمام، والتخطيط لتعليم الجيل مهارات البر وما يجب وما يستحب وما يحرم وما يليق وما لا يليق مع الوالدين وبالذات ونحن في عصر التمرد وطغيان (الأنا) ولوثات الهشاشة النفسية، وكفى إغفالاً لهذا الواجب الشرعي/ المجتمعي/ الوطني أو اعتباره موضوعاً وعظياً يكفي أن يقدم فيه الخطباء والدعاة كليمات في فترات متباعدة لا تؤثر ولا تغير ولا تصنع فارقاً ذا شأن في سلوك الجيل من بنين وبنات.
ودعا د. الخضيري في ختام حديثه: المقتدرين ومراكز التدريب أن يسهموا بجمع الأفكار ورسم الخطط واقتراح الوسائل وآليات التنفيذ.