تمر الرياضة السعودية بطفرة نوعية كبيرة إثر مشروع رياضي كبير تبنته الدولة -أدام الله عزها- للنهوض بكافة الألعاب الرياضية الجماعية والفردية ومن أهمها وأكثرها شعبية كرة القدم بهدف الوصول بها إلى أعلى المستويات العالمية ووضعها في القمة مع كبار العالم في كل المحافل الرياضية العالمية. ولكن للأسف الإعلام الرياضي في معظمه لم يواكب هذه المرحلة الاستثنائية ويرتقي بطرحه، بل ظل إعلام أندية يحركه الميول في ظل غياب فاضح للمهنية في زمن أصبح فيه المتلقي قادراً على التمييز ما بين الطرح الإيجابي المفيد والطرح السلبي الذي يأتي كنتاج لتعصب مقيت لا منطق به ولا فكر فيه ولا يقتنع به أحد الا المتعصبون ممن يصدرونه.
متابعو كرة القدم السعودية باتوا يملكون من الوعي والثقافة الرياضية الكثير مما يمكنهم من التفرقة ما بين الغث والسمين وقد تكون ثقافتهم الرياضية أفضل مستوى من بعض ممن يظهرون على المنصات الإعلامية الرياضية، وأصبحت البرامج الرياضية لا تضيف للمتلقي أية معلومات جديدة إنما هي تبدو برامج تعصف في المناكفات الرياضية والتشكيك والإسقاطات على الأفراد والكيانات وتؤثِّر سلبياً على الوسط الرياضي.
كتبت عن ذلك كثيراً وطالبت بوضع آلية تحدد من يحق لهم الظهور كنقاد رياضيين في المنصات الإعلامية الرياضية مع فرض عقوبات انضباطية صارمة على كل التجاوزات والإسقاطات وإلقاء التهم جزافاً وإثارة الوسط الرياضي من دون مبرر واضح مبني على حقائق دامغة، فالهدف من البرامج الرياضية هو إطلاع المشاهدين على تفاصيل الأحداث الرياضية والجوانب الفنية فيها وتنويرهم بكل جديد يخص اللعبة ولا بأس من وجود بعض الإثارة والتشويق ولكن أن تكون هذه البرامج حلبة للمناكفات الرياضية ما بين إعلام الأندية فهذا يفضي إلى زيادة في التعصب والاحتقان في المدرجات والوسط الرياضي بشكل عام، فهل يدرك الجميع أن كل الأندية المتنافسة في الدوري والبطولات المحلية الأخرى هي أندية وطن واحد تتنافس فيما بينها تنافساً شريفاً ويسعى من خلاله كل ناد لتحقيق أهدافه في كل موسم رياضي حسب إمكانياته وطموحاته.
وهذه الأندية من خلال تنافسها الشريف تصنع منتجاً رياضياً بمحتوى محلي يضفي المتعة والسعادة للجمهور الحاضر في الملاعب والمشاهدين عبر القنوات الناقلة للمباريات ويرفع من قيمة الكرة السعودية عالمياً وكل ما يحدث من مناكفات وإسقاطات واتهامات غير مبررة في البرامج الرياضية من شأنه أن يشوِّه الصورة الجميلة لهذا المنتج الذي يكلِّف الكثير من المال والجهد ونحن هنا لا نطالب بمدينة أفلاطونية إعلامية رياضية ولكن هناك ما هو مقبول ويمكن تمريره وهناك تجاوزات وإسقاطات لا يمكن القبول بها ويجب إيقافها.
أتمنى أن يتخلص الإعلام الرياضي من المتعصبين غير المهنيين بكل ألوانهم وأن لا يبقى في الصورة إلا كل إعلامي مهني مستقل في طرحه يسعى لرقي رياضة وطنه وفي نهاية الأمر لن يصح إلا الصحيح.
بالمختصر المفيد
- بعض النقاد المعمرين في البرامج الرياضية تجدهم موجودين في كل الجوانب المحيطة في كرة القدم ويدعون بأنهم فاهمون في كل شيء يخصها، فهم خبراء فنيون يقيمون المدربين العالميين ومحلِّلين تحكيميين ينتقدون حكام النخبة في العالم وإذا تريدهم قانونيين يحلِّلون القضايا الرياضية ويكيِّفون الحالات القانونية فهم حاضرون ولم يتركوا لأهل الاختصاص شيئاً!
- هناك فارق كبير ما بين الناقد الرياضي المستقل في رؤيته والمهني في طرحه الذي يسعى بكل مصداقية لمصلحة رياضة وطنه، ونقيضه الناقد التابع في رؤيته والمتعصب بطرحه وغير المهني والذي يسعى لخدمة لون معين ويقصي الآخرين.
- في نهاية الأمر كرة القدم تلعب داخل المستطيل الأخضر ولا يؤثِّر الطرح الإعلامي السلبي في نتائج المباريات ومع ذلك يستمر هذا الطرح، بل هو في تزايد لدرجة أن المتلقين أصبحوا لا يعيرونه اهتماماً، فهل يدرك صانعوه بأنهم باتوا مهمشين؟
نكتب هذه السطور بحس المواطن الغيور على رياضة وطنه بعيداً عن الألوان والميول أو أية اعتبارات أخرى.
وكل أحد يتجدد اللقاء معكم في فكرة جديدة.
** **
- محمد المديفر
X:@mohdalimod