حكم إهداء ثواب العمل الصالح للميت
قاعدة: فرق بين فعل العبادة التي تدخلها النيابة عن الغير، وبين إهداء ثواب العبادة بعد فعلها عن النفس:
حكم فعل العبادة التي تدخلها
النيابة عن الغير:
القاعدة: كل عبادة تدخلها النيابة كالزكاة والحج، يجوز فعلها عن الغير ليكون الأجر لمن فعلها عنه، وهو -الفاعل- له أجر.
كما قال -صلى الله عليه وسلم- للمرأة الخثعمية، لما قالت: إن فريضة الحج أدركت أبي شيخًا كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه، قال: (نعم).
ودفع النبي -صلى الله عليه وسلم- الزكاة عن عمه العباس، لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- عمر رضي الله عنه لجمع الزكاة، ثم قال عمر: منع الزكاة ثلاثة (ابن جميل، والعباس، وخالد، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (أما ابن جميل، فما ينقم إلا أن كان فقيراً فأغناه الله، وأما العباس، فهي علي ومثلها معها، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، فقد حبس أدرعه وقتاده في سبيل الله).
وأما إهداء الثواب بعد ثبوت العبادة للشخص، فهذا لم يرد، والأصل في العبادات التوقيف، ففرق بين فعل العبادة التي تدخلها النيابة: يجوز.
وبين إهداء الثواب بعد وقوع الفعل عن النفس: لا يجوز.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن هذه الطريقة في الإهداء: لم ترد عن أحد من السلف.
حيث قال: (... فإهداءُ ثواب القرآنِ إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو إلى جميع أهل الأرض، هو مثلُ إهداءِ ثواب الصيام التطوع، والصلاة التطوع، ونحوهما، ومثلُ إهداء ثواب الصدقة والعتق والحج، على أحد القولين، إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وسائر المسلمين، ولم يَبلُغْنا أن أحدًا من السلف والصحابة والتابعين وتابعيهم كان يَفعلُ ذلك، وأقدمُ مَن بَلَغَنا أنه فعلَ شيئًا من ذلك عليُّ بن الموفَّق أحدُ الشيوخ من طبقةِ أحمد الكبار وشيوخِ الجنيد، ولكن إهداء ثواب الأعمال إلى جميع الناس ما سمعتُ أحدًا فَعَلَه، ولا سمعتُ أن أحدًا كان يُهدِيْ إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلاَّ ما بَلَغَني عن علي بن الموفَّق ونحوه، والاقتداءُ بالصحابة والتابعين وتابعيهم أولى).
وأما ما لا تدخلها النيابة كالصلاة، وشهادة التوحيد، والذكر المستقل غير التابع لغيره، فهذا مما لا تدخله النيابة - وقيل: الذكر المستقل تدخله النيابة -، فلا يكون مشروعاً فعله عن الغير، والله تعالى أعلم.
** **
د. محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة