من الملاحظ على الكرة السعودية في العقد الأخير من الزمن أو أكثر من ذلك بقليل، أنها أصبحت شحيحة في تقديم المواهب الكروية وصناعة النجوم، وباتت الأندية تعتمد بشكل كبير على المحترفين الأجانب في تحقيق الأهداف المرسومة لها، ولم تعد الأندية قادرة على تقديم المواهب الشابة وتطوير موهبتها مما جعل الأندية المنافسة على البطولات تبحث عن المواهب الجاهزة في الأندية الصغيرة وشراء عقودها بمبالغ كبيرة، وحتى الأندية الصغيرة لم تعد ولاّدة للمواهب كما كانت عليه في السابق.
إذاً دعونا نتفق على أن الكرة السعودية تعاني من ندرة في المواهب الكروية الشابة، ونبحث في أسباب ذلك ونضع الحلول المناسبة لها، فمن وجهة نظري أن احتفاء دوريات الحواري القوية فنياً والتي قدمت للكرة السعودية العديد من النجوم في السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي من أهم الأسباب التي جعلت الكرة السعودية شحيحة في تقديم المواهب الكروية وصناعة النجوم، وهذا الغياب المؤثِّر لدوريات الحواري في قيمتها الفنية وشكلها وشعبيتها في تلك الحقبة الزمنية لم يتم تعويضه ببديل يقوم بدوره بتقديم نجوم كبار للكرة السعودية كما كانت تفعل دوريات الحواري ولذلك أصبح هناك ندرة واضحة في المواهب الكروية في الأندية الرياضية.
صناعة نجوم في كرة القدم الحديثة تعني تنمية المواهب الشابة وتطويرها ليصبحوا لاعبين محترفين بارزين، وهو عمل صعب يتطلب أكاديميات تدريب متخصصة، ومدربين أكفاء، وخططًا إستراتيجية طويلة الأمد، ويشمل ذلك تطوير المهارات الفنية والبدنية والذهنية ومن أبرز الأكاديميات المتخصصة في كرة القدم هي أكاديمية لاماسيا في برشلونة وأكاديمية مانشستر يونايتد وهي من أمثلة الأندية التي نجحت في صناعة العديد من النجوم العالميين من خلال أكاديمياتها، وأعلم بأن لدينا الكثير من الأكاديميات المتخصصة في كرة القدم والتي تعمل على تطوير المواهب الكروية. ولكن قد نكون بحاجة لابتكار أفكار جديدة تناسب مجتمعنا من خلال دمج بعض الأكاديميات مع المدارس التعليمية في قالب واحد بحيث تحول هذه الأكاديميات إلى مدارس تعليمية تتلقى فيها المواهب الكروية تعليمها الدراسي متزامناً مع تطوير موهبتها الكروية، وكذلك يجب تطوير دوريات المدراس واعطاها الزخم الإعلامي الكافي لكي تفرز نجوماً للكرة السعودية فالمواهب الكروية السعودية قطعاً موجودة والكرة السعودية لا تزال تستطيع صناعة النجوم الكبار متى ما تم تبني المواهب الكروية وتقديمها للملاعب وهي في أفضل حل لها بعد تشربها لأساسيات كرة القدم في سن صغيرة. الكرة السعودية مقبلة على استضافات كثيرة ومن أهمها استضافة نهائيات كأس الأمم الآسيوية 2027 ونهائيات كأس العالم 2034 وهناك الكثير من الاستحقاقات التي تنتظر المنتخبات الوطنية وهي بحاجة لوجود الكثير من المواهب الكروية في صفوفها لتمثيل الوطن خير تمثيل وتحقيق المنجزات المرجوة منها في ظل ما تجده الرياضة السعودية من دعم سخي واهتمام ومتابعة من القيادة الرشيدة - حفظها الله.
تمنياتي أن تعود الكرة السعودية لعهدها القديم ولاَّدة للمواهب وصانعة للنجوم الكبار وأن نراهم ينشطون في الدوريات العالمية الكبرى مما سوف ينعكس إيجابياً على المنتخبات الوطنية.
بالمختصر المفيد
- اللاعب الموهوب إن أراد احتراف كرة القدم فيجب عليه أن يتعلم أساسيات كرة القدم منذ الصغر في تزامن مع تحصيله العلمي وأن يتكيّف في أسلوب حياته مع مهنته كلاعب محترف.
- لا بد من تصعيد المواهب الكروية إلى الفرق الأولى في الأندية في عمر صغير لكي تصقل مواهبها بالاحتكاك بلاعبين محترفين يملكون خبرة كبيرة.
- دمج الأكاديميات الرياضية مع المدارس التعليمية بقالب واحد سيكون محفزاً لأولياء أمور الطلاب الذين يملكون الموهبة الكروية لتسجيل أبنائهم فيها مما سوف يسهم بزيادة المنتسبين للأكاديميات الكروية.
- الكرة السعودية تملك كل المقومات اللازمة لكي تكون في مستوى عالمي متقدِّم من خلال ما تملكه من بنية تحتية قوية ودوري كبير ومتابع عالمياً يضم نخبة من نجوم العالم وإمكانات عالية في التسويق والاستثمار مما يجعل الفرصة سانحة للمواهب المحلية الشابة في البروز وتقديم أفضل نسخة منها متى ما تم تأسيسها بشكل مثالي ومنحت الفرصة في الوقت المناسب لها.
وكل أحد يتجدَّد اللقاء معكم في فكرة جديدة.
** **
- محمد المديفر
X:@mohdalimod