قال الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}، وقال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
إنّ حياة الإنسان مهما طالت فإنّ مصيره الانتقال من حياة الفناء إلى دار البقاء، ورغم هذه الحقيقة الجلية الواضحة إلا أنّ الإنسان يفجع، وعيناه تدمع، وقلبه يحزن على فراق العلماء الربانيين والأحبة كسماحة المفتي العام للمملكة.
ففي صباح يوم الثلاثاء الأول من شهر ربيع الثاني 1447هـ، الموافق 23-9-2025م، أعلن الديوان الملكي نبأ وفاة سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وصُلِّي عليه في مسجد الإمام تركي بن عبدالله في مدينة الرياض، بعد صلاة العصر من يوم الثلاثاء 1447هـ.
لقد كان يوم الثلاثاء الأول من شهر ربيع الثاني 1447 يوماً حزيناً عليّ وعلى كل محبيه، إذ جاء القدر المحتوم بمفارقة الشيخ الوالد، مفتي عام المملكة، من هذه الدار إلى دار القرار، مما جعلنا نصاب بالذهول والصمت الرهيب، الذي أخذ المشاعر والقلوب بسبب رحيل العالم الجليل الشيخ عبدالعزيز، إلى دار الآخرة التي كلنا في هذه نهاية رحلتنا الدنيوية ذاهبون إليها عاجلاً أم آجلاً.
ومن خلال معرفتي بسماحته أكثر من ثلاثين عاماً في منزله العامر بحي المعذر وحضور دروسه التي يقرَؤُها طلبة العلم على سماحته في كافة العلوم الشرعية من توحيد وعقيدة وحديث وتفسير لكتاب الله والمسائل الفقهية ، حيث كان -رحمه الله- يعلِّق ويوضّح المسائل التي تحتاج إلى توضيح، ويجيب عن استفسارات الحاضرين.
وكان يتميز -رحمه الله- بصفات جميلة، منها: الورع، وسعة الصدر، وقول كلمة الحق، والعمل لمصلحة المسلمين، والنصح لعامة الناس وخاصتهم، وذلك من خلال عمله النافع في التدريس والإفتاء والتأليف. كما أنه كان يتمتع بالحكمة والموعظة الحسنة في دعوته إلى الله، واتباع منهج السلف الصالح في الفكر والسلوك.
وكان يتميز بصفات عديدة منها: العلم العميق في الرأي، وقوة الحفظ، وسرعة البديهة، والرحمة، والرفق، والحلم مع الشدة في الحق والتواضع، وكان رقيقًا ورفيقًا في المواقف التي تستدعي الرحمة والحلم.
ومن أبرز برامجه -رحمه الله- التي تقدمها إذاعة القرآن الكريم:
أولاً: توجيهات مع سماحة المفتي.
ثانياً: فتاوى مع سماحة المفتي.
حقًا إنه كان عالماً جليلاً ومربياً فاضلاً وإنسانا نبيلاً.
وفي الختام، نسأل الله أن يغفر لشيخنا ويرحمه، ويرفع درجته في عليين، ويدخله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً. اللَّهم ارزق الأمة خيرًا، وعوِّضها صلاحًا وعزًّا ورفعة، وعظم الله أجرنا جميعًا، وألهمنا وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان وَجَعَلَك الله قدوة تمتد عطاءً في أبنائك البررة المشايخ (عبدالله، ومحمد، وعمر، وعبدالرحمن) وجعل فيهم الخير والبركة والصلاح، إنّه سميع مجيب الدعوات وَلَا نَقُولِ إلا مَا يُرْضِي رَبَنَا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- د. زيد بن علي الدريهم