انتقل إلى رحمة الله د. محمد بن علي العقلا، الرئيس الأسبق للجامعة الإسلامية، وأحد رجالاتها الذين عملوا للجامعة الكثير، وترك بصمة وأثراً كبيراً.
وقد عُرف الفقيد - رحمه الله- بالتواضع والأدب الجم والخلق الحسن، والتواصل الطيب مع كافة منسوبي الجامعة من أساتذة وطلاب، ومع أفراد المجتمع مشاركاً لهم في أفراحهم وأحزانهم ساعياً في قضاء حوائجهم قدر استطاعته، كما لم يعرف عنه يرحمه الله التعرض للناس والإساءة إليهم أو النيل منهم، ولذا فلا عجب أن نجد وسائل الإعلام ومواقع التواصل تشيد بالفقيد وتثني عليه.
وهاتان قصيدتان في رثاء د محمد العقلا للدكتور محمد أبو بكر صو وهو أستاذ جامعي في السنغال ومن خريجي الجامعة الإسلامية، وشاركه المشاعر الأديب الشاعر السعودي عبدالمجيد بن محمد العُمري.
(هذا محمدُنا العقلا يفارقُنا)
أشكو إلى خالقي بَثِّي وَأوْصابي
ولَسْتُ أشْكو إلى غَيْرِ العَلي مَا بي
إناَّ إلى اللهِ ربِّي راجعون وإنْ
طالَ المُقامُ.. وإنِّي غيرُ مُرْتَاب
أرْضَى إذا حَكَمَ المَولى بِحِكْمَتِه
وَلستُ أشْطَحُ في تَعْليلِ أسْبابِ
قَضَى بأنْ رحَلَ الغالي.. وكانَ قَضى
مِنْ قَبْلُ أنْ كانَ فينَا خَيْرَ أحْبابِ
فَلا أُقابِلُ إلاَّ بالرِّضَى قَدَرًا..
ولا أقولُ سِوى المَأثورِ في البابِ
للهِ رَبِّيَ ما أعْطى وما أخَذَ الْ
مَولَى فذاك له.. يا أولي الألباب
وكُلُّ شيءٍ إلى الآجالِ مَرْجِعُه..
والصَّبرُ باللهِ مَأوى كُلِّ أوَّاب
والموتُ وحشٌ إذا يَغْزو مَرابِعَنا
يَعْدو على شَمْلِ أحْبابٍ بأنْيابِ
يُطيِّرُ الأُنسَ إنْ وَافى بِوِحْشَتِه
ويَنْسَخُ الأمْنَ إذْ يَأتي بإرهاب
هذا (محمّدُنا العُقلا) يُفارقُنا
والحُزْنُ غَطَّى على قَلبي بِجِلبابِ
على الوُجوه وُجومٌ من كآبتها
وفي العُيونِ شآبيبٌ بِتسْكاب
قَضى محمَّدُنا العُقلا وفارقَنا..
فَيا دموعَ المآقي هاهُنا انْسابي
قضَى.. وخلَّفَ ذِكْرًا بعدَهُ عَطِرًا
تَناوَلَتْهُ عَناوينٌ لِكُتَّاب
قَدْ كانَ صاحبَ إحسانٍ ومَرْحَمةٍ
شَهْمًا وَفيًّا لأحبابٍ وأصحاب
سَمْحًا نَصوحًا كريمَ النَّفْسِ مُنْتَسبا
إلى المعالي.. عزيزًا غيرَ هيَّابِ
مُمَيَّزًا في السَّجايا.. كانَ مدرَسَةً
مِنها تخرَّجَ طُلَّابٌ بآداب
غَيْثًا إذا حَلَّ يومًا أرضَ طائفةٍ
بانَ الرَّخاءُ على الوادي بأعْقابِ
في مكَّةَ الخيرِ في (أمِّ القرى) شُرِبَتْ
كُؤوسُ معروفِهِ فيها بأنْخابِ
لكنَّ جامعةَ الإسلامِ كانَ لها
مِنْ قِسْمةِ الخيرِ ما يَدْعو لإعْجابِ
هُناكَ بانتْ لهُ في الخيرِ ملحمةٌ
تُرْوى عَجائبُها دوْمًا بإسْهابِ
مَواقفٌ إذْ رَوَوْها وهْي واقِعةٌ
لمْ تَخْلُ في حُسْنها مِنْ بَعضِ إغْرابِ
تَواضُعٌ.. لمْ يَكُنْ يُخْفِي مظاهِرَهُ
ما نالَهُ الشَّيخُ مِنْ قَدْرٍ وألْقابِ
أرْخَى سَتائرَهُ في ظِلِّ هَيْبَتِهِ
على مَشايخِ عِرفانٍ وَطُلاَّبِ
وكانَ أبناؤهُ الطُّلَّابُ قاطِبَةً
أحبَابَه.. فأحبُّوهُ بإيجابِ
رأوهُ والدَهُمْ إذْ كانَ حاضِنَهُمْ
يُرَفْرِفونَ حَوالَيهِ كأسْرابِ
رأوْهُ شَهْمًا يُواسيهم ويُسْعِدهم
ويَنقُلُ البِشْرَ مِنْ بابٍ إلى باب
لا غروَ حينَ بَكَوْا إذْ قيلَ فارَقَكُمْ
فالموتُ فاجَأهُمْ فيهِ بإرْعابِ
لكنَّهمْ حينَ ثَابُوا للهُدَى لَهَجُوا
بدعوةٍ أخلصُوا فيها لِوهَّابِ
ربَّاهُ فاجْعلْ له الفردوْسَ منزِلَةً
وارحمه واغفرْ لهُ يا خيرَ تَوَّاب
وجازِهِ عنْ جَميلٍ كانَ قَدَّمَهُ
للمُسلمينَ بِجَنَّاتٍ وأعْنابِ
واخْلُفْهُ في عَقِبٍ واحْفَظْ له خَلَفًا
ألْهِمْهُمُ الصَّبرَ.. وافْتَحْ خيرَ أبوابِ
وَصلِّ وسلِّم على المختارِ قُدوَتِنا
يا فارجَ الهَمِّ.. معْ آلٍ وأصحابِ
** **
- عبدالمجيد العُمري
الحمدُ للهِ ربّي لا شريكَ لهُ
فالفضلُ يغمرنا من كلِّ أبوابِ
رضيتُ يا ربِّ فيما أنت تقسمُهُ
وأنتَ يا خالقي بالأمرِ أدرى بي
الموتُ حقٌّ، وكلُّ الناسِ لاحقُها
وكم رُزئنا بخِلّانٍ وأصحابِ
يأتي بلا موعدٍ، يطوي أحبّتَنا
ويُصبحُ القلبُ في لوعٍ وأوصابِ
وإنّنا، رغمَ هذا، نحتسبْ بهمُ
عندَ الإلهِ، ونرجو خيرَ توّابِ
فالخيرُ فيما قضى الرحمنُ نجهلهُ
مهما فقدناه من صحبٍ وأحبابِ
إنّا إلى الله، إنّا راجعونَ لهُ
بذلك الأمرٌ يرضّى كلُّ أوّابِ
نرضى القضاءَ، وفيه الأجرُ مُنعقدٌ
نرجو الإلهَ، وربّي خيرُ وهّابِ
من يَلْزَمِ الصبرَ والسلوانَ محتسباً
لما مضى، فهو في خيرٍ وإيجابِ
نرجو الكريمَ، وإن ناءتْ بنا نُوَبٌ
حمداً وشكراً، وإنّي غيرُ مُرتابِ
(قَضى محمَّدُنا العُقلا وفارقنا
(فيا دموعَ المآقي، ها هُنا انسابي)
قضى... وخلَّفَ ذِكراً بعدهُ عَبقاً
لقد تواتَرَ من شيخٍ وطُلّابِ
كلُّ التلاميذِ بالخيراتِ تَذْكُرُهُ
لِمَا بَنَاهُ مِنْ الحسنى وآدابِ
ما غابَ ما غاب مَنْ قد كان سيرتُهُ
عطراً تضمخ في مسكٍ وأطياب
نمْ في أمانِكَ يا مَن كنتَ في زمَنٍ
نبراسَ خُلقٍ، ومرآةً لأترابِ
يا ربِّ، يا ربِّ، في الجناتِ تُسْكِنهُ
يُلقى صحائفهُ من غيرِ أتعابِ
ونسألُ اللهَ أجراً في مصيبتِنا
وحُسنَ خاتمةٍ من خيرِ وهّابِ
يا ربِّ صلِّ على المختارِ سيّدِنا
خيرِ البريّةِ مع آلٍ وأصحابِ
***
- محمد أبوبكر صو