Culture Magazine Monday  11/06/2007 G Issue 202
مداخلات
الأثنين 25 ,جمادى الاولى 1428   العدد  202
 

اللهيب نشره في (الثقافية).. وأعاده في الإعلام والاتصال
لك مأخذك.. ولنا مآخذنا

 

 

قرأت ما كتبه الأستاذ أحمد بن سليمان اللهيب في ملحق الثقافية بجريدة الجزيرة في العددين 133 و134 بعنوان (فلنضرب صفحا عن الأدب الإسلامي يا دكتور)، ولأنه لم يتم التعقيب على المقال من المؤلف أو من غيره أعاد الكاتب نشره في مجلة الإعلام والاتصال في عددها 104 الصادر غرة صفر 1428هـ، بعنوان (12 مأخذا على الدكتور وليد لكتاب القصاب: أوسعك سوء الظن ولم يسعك حسن الظن؟) هكذا ورد العنوان في مجلة الإعلام!! دون أن يعيد النظر في الاسلوب الاستفزازي الذي بني عليه المقال.

والمنشور في مجلة الإعلام هو القسم الثاني مما نشر في ثقافية الجزيرة بتعديل يسير جدا حيث زاد ترقيم المآخذ من 11 إلى 12، دون أن أجد تفسيرا واضحا لدلالة الرقم إلى يمكن أن يبلغ المئات بالعد التفصيلي، ويمكن أن ينخفض إلى أقل من خمس بالوقوف عندما يمكن أن يتم الحوار حوله حوارا حقيقيا أو تستحق المراجعة فعلا مثل تخريج الأحاديث، وقضية النقد بين الاتجاه الجمالي والاتجاه الإسلامي والخلقي، ونصوص رسائل الغفران بين الابداع والنقد ومشروعية الاستدلال بها، وهذه الثلاث تحتاج الى مقال مستقل، وعودة متأنية للكتاب موضوع الحوار، ولغيره.

أما سائر الملحوظات الأخرى فهي شكلية تهدف الى التحسين والكمال مثل وقوع بعض التكرار، وتشكيل الكلمات، وهنات الأخطاء المطبعية.

التركيز على المأخذ المنهجي

من الواضح أن الكاتب الأستاذ أحمد اللهيب ركز على المأخذ المنهجي في أكثر الفقرات:

فقد قال في الفقرة 1- 1 (.. المؤلف لم يتبين الأسس التي ينبثق منها الاتجاه الإسلامي والخلقي.. فأصبح بذلك كحاطب ليل يجمع اخلاطا متنوعة..).

وقال في الفقرة 2 - 1: وأي موضوعية سعيت إليها وأنت تخلط وتجمع ما ليس مؤيدا لرأيك ولا معاضدا لفكرك؟).

وقال في الفقرة 3 - 1: (ما رأيت تضاربا ولا تناقضا مثل ما فعلت في اختيار هذه النصوص).

وقال في الفقرة 4 - 1: (فالنصوص بين دفتي الكتاب تأتي مختلفة الاتجاهات، متنوعة المشارب لا تحسب لاتجاه معين بذاته).

وقال في الفقرة 5 - 1: (يقول الدكتور: سقنا هذه النصوص النقدية بلغة أصحابها من غير تصرف او تدخل صـ 21، وهو في غير موضع من الكتاب يشير ولا ينقل، وليراجع القارئ الصفحات التالية 78، 172، 178، وهل هذا إلا التصرف والتدخل بعينه؟).

وقال في الفقرة 1 - 2 التي ذكر فيها الأحاديث الضعيفة صـ 49 و52: (وأينك ايضا من المنهج الأكاديمي الذي يجب ان تتحلى به).

وقال في الفقرة 2-2: (على الرغم من حرص المؤلف على تقسيم كتابه الى فصول، وتقسيم كل فصل إلى أقسام كي يرسم منهجا واضحا للقارئ في تبويب النصوص إلا ان القارئ سيلحظ أن المؤلف أغفل ترتيب النصوص داخل كل قسم..)

وقال في الفقرة 3 - 2: (فتكرار النصوص وحضورها في أقسام متفاوتة في المغزى الذي رصدت من أجله يشكل مأخذا في المنهج..) وطلب من القارئ أن يرجع إلى الصفحات 182، 288، و110، 116، 224، وذكر صفحات أخرى.

وقال في الفقرة 4-2: (اعتمد المؤلف في مواضع كثيرة على النقل من رسالة الغفران لأبي العلاء المعري، وهي عمل ابداعي لا نقدي..) الخ.

وقال في الفقرة 5 - 2: (أورد المؤلف نصوصا مشكلة وأخرى خالية من التشكيل وأحسبه معتمدا في ذلك على البرامج الحاسوبية انظر صـ 159..).

وقال في الفقرة 6-2: (نجد المؤلف ضمن بعض الفصول نصوصا لا تندرج فيه، ليس لأنها في غير موضوعه بل لأنها في غير زمنه، فمن ذلك أنه أورد في صـ 173، 174 أقوالا لعمر بن الخطاب ولابن عباس- رضي الله عنهم- في فصل النقد الإسلامي بعد عصر صدر الإسلام نقد المتخصصين).

وقال في الفقرة ختاما: (.. ذلك أن الكتاب لم يخل من هنات مطبعية).

وتابع في الفقرة - ختاما: (متداركا القول: إن القارئ سيجد اختلافا في طريقة الإحالة إلى المصادر فحينا يذكر المصدر والصفحة والناشر كما في صـ 83، وفي حين آخر يشير إلى المصدر والصفحة فقط وهو الغالب..).

فهذه ثلاثة عشر موضعا ذكر فيه الكاتب مآخذ منهجية على المؤلف في كتابه، فهل كان هو منهجيا في تعقبه المآخذ المنهجية بغض النظر عن صحة رأيه أو خطئه، أو ما كان يحتمل وجهة نظر أخرى؟

إن القارئ لهذا المقال في الصحيفة اليومية، او المجلة الشهرية يحتاج لكي يقتنع بما يقرأ إلى:

1- تحديد نوع الخطأ. 2- تحديد مكان الخطأ. 3- التمثيل بنص واحد على الأقل وتحديد مكان الخطأ فيه. فهل اتبع الكاتب منهجا واحدا واضحا لإيصال القارئ إلى الهدف؟

أولاً: لم يشر في سبعة مواضع الى الصفحات التي فيها الاخطاء فأين يبحث عنها القارئ وكيف يقتنع بها؟

ثانياً: أشار في أربعة مواضع الى الصفحات ولم يحدد النص المقصود في الصفحات، ولم يأت بمثال، فكيف يحدد القارئ النص في الصفحات التي تضم عدة نصوص، وهل سيتفق مع رؤية الكاتب أم سيخالفه أم يخرج برأي ثالث؟

أليس من حق القارئ ان يسأل عن منهجية الكاتب في ذكر مآخذه غير المنهجية عند الآخرين، أم أن الكاتب يرى القراء معصوبي الأعين معطلي العقول يسلمون له بما يقول دون دليل؟!

وهكذا نجد الكاتب فقد وفق منهجيا في موضعين اثنين فحسب من ثلاثة عشر موضعا - في تحديد مآخذه وهما: الفقرة 1 - 2 التي حدد فيها الأحاديث الضعيفة والفقرة 6-2 التي ذكر فيها ورود أقوال عمر بن الخطاب وابن عباس رضي الله عنهم في غير عصرهما.

تناقض الكاتب بين الاعتراف والاختلاف في البحث عن الخلاف

سجل الكاتب بأمانة اعترافه بمنهجية المؤلف في الفقرة 2 - 2 عندما قال: (على الرغم من حرص المؤلف على تقسيم كتابه الى فصول وتقسيم كل فصل إلى أقسام كي يرسم منهجا واضحا للقارئ في تبويب النصوص..)، ثم سجل استداركا (بأن النصوص غير مرتبة داخل كل قسم، فلا يدري القارئ أكان هذا الترتيب مبنيا على أقدمها أم بني على أدقها في وصف القسم).

والمتأمل في هذا الاقتراح من الكاتب يجد أنه يطلب أمرا عسيرا لو فعله الكاتب لوصفنا عمله بالتكلف، لأن الترتيب الزمني أمر غير ممكن في جزئيات النصوص، وجزئيات الزمن، والترتيب من حيث الأهمية سيكون تضييقا لواسع، فكان المنهج الذي وضعه المؤلف كافيا في موضوعه العام.

الخطأ الأكبر الذي وقع فيه الكاتب!

نحن - المسلمين - نعتقد ان كل كتاب سوى كتاب الله سبحانه لا يخلو من خطأ مصداقا لقوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (82) سورة النساء. وكذلك كل واحد يؤخذ من قوله ويرد إلا الرسول- صلى الله عليه وسلم- فيما يبلغه عن ربه سبحانه مصداقا لقول الله عز وجل: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}(3-4)سورة النجم.

وبناء على ذلك أكبر الخطأ أن يعتقد أحد أن ما كتبه يخلو من الخطأ، يقل ويكثر، ومن يقرأ مقدمات المؤلفين وخاتماتهم لكتبهم يجد مقدار تواضعهم في هذا الشأن.

وقلما تعمد شخص في البحث عن أخطاء الآخرين إلا وقع في أخطاء فادحة، وليتأمل القارئ والكاتب الخطأ الذي وقع في العنوان الرئيسي للمقال المنشور في المجلة، ولينظر الكاتب في الأخطاء المطبعية الواردة فيما ينشر في الصحف والمجلات والكتب ليحكم على إيراده مأخذ الأخطاء المطبعية في كتاب الدكتور وليد، هل هي من مسؤولية الكاتب أم الناشر؟

وأكبر خطأ وقع فيه الأستاذ الكاتب أحمد اللهيب هو أسلوبه الهجومي غير المبرر الذي لا أجد له تفسيرا، لأنه من شاعر يفترض فيه رقة المشاعر، ويلتمس منه لطف التعابير، وخصوصا أنه يوجه خطابه لشخص معروف في الأوساط الأدبية والنقدية والاكاديمية العربية (عمل أستاذا في جامعات الملك سعود، والعين، والشارقة وعجمان، وكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، وأخيرا أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي في الرياض، وله عشرات المؤلفات النقدية والأدبية. فهل يصح ان يخاطبه بالقول: (أم حقيق بك قول المتنبي:

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه..؟) الفقرة 6 - 1

أم هل يناسب ان يقال له: (فلتأذن لي يا دكتور بأن أقول: إذا كانت البقية الباقية من النصوص التي لم ترصد هي على شاكلة ما أتيت من نصوص مختلفة ومتنوعة لا تعبر عن هذا الاتجاه فاتركها، فلعلها مأمورة أن تغيب عن ناظريك حياء وخجلا - هكذا حياء وخجلا!! - فلأنه يكفي اعترافك بأن بعض ما جمعت من نصوص يحتمل توجيهات أخرى غير تلك التي ذهب إليها أصحابها صـ 21، وغير ما ذهبت إليه أنت أيضا) الفقرة 3 - 1 . ولنتأمل كيف انقلبت حسنة قول المؤلف وتواضعه - في اعترافه ان بعض النصوص تحتمل أكثر من دلالة - سيئة في نظر الكاتب!

ومن ذلك قول الكاتب: (... والمؤلف الدكتور وليد قصاب عاب على نقاد الاتجاه الجمالي مثل هذا صـ 14 من مقدمة كتابه؟ فكيف هذا يا هذا) الفقرة 4 - 2، استفهام يترك ظلالا حارقة!

سوء الظن بالمؤلف وبغيره أيضا

والكاتب كما ذكر في الفقرة 6-1 سوء ظنه بالمؤلف بمن هم من توجهه، فهو أساء الظن به وبالغ في ذلك حتى اختير سوء الظن عنوانا للمقال في مجلة الإعلام في استفزاز لا يشفع له قصد الاثارة الإعلامية في مقال يفترض فيه الاسلوب العلمي الهادئ البعيد عن الانفعال والإثارة!!

وصرح الكاتب في الفقرة 5-2 بسوء الظن عندما ذكر مأخذه حول التشكيل فقال: (وأحسبه معتمدا في ذلك على البرامج الحاسوبية انظر صـ 159، غير أنه لم يشر في مجمل مصادره الى ذلك) وقوله بعد ذلك: (وليس هذا من التشكيك في الأمانة التي خفت أن تنتهك في حق كتابك، حين قدمت سوء الظن على حسنه)، استمرار في سوء الظن بأسلوب التراجع، وليس عدم التشكيك في الأمانة. وكان بإمكانه أن يحسب انها صفحة مصورة من المصدر الذي أخذ منه المؤلف النص فبقي كما هو.

وكما أساء الكاتب الظن بالمؤلف أساء الظن بعموم ناشئة الأدب في الفقرة 2 - 1 عندما قال: (ولئن قرأ أي ناشئ كتابك ووضعه نصب عينيه قدوة وهدى لمارس الإقصاء وعطل التفكير بهذا النعت لتلك الأحكام، إذا أخذ يردد ما تذهب إليه دون وعي). أليس من حق القراء أن يسألوا الكاتب: هل ناشئتنا من غير عقول، أم ان كتاب الدكتور وليد فيه نفثة من سحر هاروت وماروت؟!

وقال في الفقرة 1-6 بعد التنبيه مشكورا على ضعف الأحاديث: (ولم ترجع لكتب الصحاح لكي تتأكد من صحة هذا القول أو غيره؟ وما ذلك إلا خشية أن يتلقفها الجهال من بعدك فيرددوها في المنابر دون علم..)، والعبارة مضطربة! وتواصل الكلام بهذه الصورة فيه اتهام المؤلف بالقصد الى تجنب الرجوع الى كتب الصحاح! ثم أي منابر وأي جهال عليها؟! أما كان في قول: (بعض الناشئة أو بعض القراء، أو بعض المتحدثين على المنابر أو غيرها) فسحة من هذا التعميم لسوء الظن بالمتلقين؟

وأما كان للكاتب فسحة في إبداء ملحوظاته بغير هذا الأسلوب ثم ختمها معتذرا عما قد يقع في ملحوظاته من خطأ، واتباعها بالقول: إن هذه الملحوظات لا ينقص من قدر الكتاب ولا مؤلفه مستشهدا بقول الشاعر:

ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها

كفى المرء نبلا أن تعد معايبه؟!

بدلا من: إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه..

أنا لا اقول للأخ الكاتب ما قاله هو للدكتور وليد قصاب: إذا كان هذا هو أسلوب النقد عندك فدعه! ولكني أنصح أخي الكاتب - صادقا - أن يحضر بعض مناقشات الرسائل الجامعية في أقرب جامعة حيث يسكن، أو يستمع إليها من إذاعة القرآن الكريم أسبوعيا ليطلع على المنهجية في المناقشات والردود والتقويم، وكيف ان لجان المناقشات تمنح درجات الماجستير والدكتوراه بعد ذكر مئات المآخذ المنهجية وغير المنهجية.

شمس الدين درمش- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة