Culture Magazine Monday  11/06/2007 G Issue 202
نصوص
الأثنين 25 ,جمادى الاولى 1428   العدد  202
 

نورة البواردي في (هتاف الليل)
قصائد الديوان قصيرة وذات إيقاع شعري متماسك

 

 

في إهداء نثري إلى الليل تطل الشاعرة نورة البواردي على القارئ من خلال ديوانها الجديد الموسوم ب(هتاف الليل)، حيث اشتمل على العديد من القصائد القصيرة ذات الإيقاع الشعري الملتزم بالقافية والبناء الشعري المألوف.

فاتحة الديوان قصيدة (هاتف الليل) التي حملت اسمه؛ ذهبت إلى استجلاء حكمة الإنسان (إنما بالحب يحيا العقلاء) حيث تسعى الشاعرة ومن خلال هذا المفهوم الشفيف أن تقدم للقارئ إضمامة من القصائد التي لا تخرج عن هذا المضمون الذي عمدت إلى رسم خط عام تسير عليه مفصلات القصائد المتواثبة نحو فسحة الأمل بعالم شعري سيكون هو الملاذ.

نورة البواردي تحاول ومن خلال القصائد التالية ل(هتاف الليل) أن تكون أكثر قربا من فكرتها الجوهرية.. حينما تستنطق مقومات الخطاب الإنسان المعزز دائما بحاجته الماسة للجمال والبهاء؛ كعنصرين ضروريين من عناصر تكوينه في الحياة، فها هي قصيدة (عالم الشعر) تسعى إلى الشعر الذي بات في مهب الريح، فلم تعد قصائد الحب مجدية في ظل غياب شاعرية المكان والموقف والزمان:

(يا موكب الشعر عذراً من تجاربنا

في عالم الشعر ذنب الحب يغتفر)

فالشعر إذن كما تشير الشاعرة هو في مهب رياح العزلة والماديات؛ إلا أنها ترى أنه بات من المهم أن نعيد رسم التفاصيل المعبرة على نحو ما ورد في قصيدة (حديث العيون) حينما نسعى إلى صياغة مفهوم جديد نقاوم فيه اليأس:

قد وهبت العشاق أحلى قصيد

وكسرت الأسوار صوب انعتاقي

فالأمر في الديوان لا يحتاج إلى مزيد من الحدس أو التخمين لأن الشاعرة تذهب مباشرة نحو معالجة قضايا الحب، والعشق، والجمال.. تلك التي يزداد لظاها في قريحة الشعراء المأسورين دائما إلى ألق خفي لا يقوى أحد على مبارحته.

الحب في ديوان نورة البواردي يرسخ مفاهيمه العقلية والوجدانية، لتتلمس الشاعرة مواطن الجمال الواقعي في الشعر حيث يأسرها المكان على نحو قصيدة (أرض الكنانة)، في وقت تحاول فيه بناء مفردة تستميل الصور الوجدانية الكامنة في أعماق العشق لكل ما هو جميل.

يعلو في الديوان ألق الحنين.. ذلك الوعد الخيالي الآسر بأن تتحول أيامنا إلى صفاء.. نستمد من ضياء نهاره الحياة، ومن ليله نجوى الأفئدة المجبولة على الحب الرائع للحياة.. فالحنين هنا مرتبط بصور الليالي العابقة بأماني العمر الذي يسعى إلى مجد بقائه بما تسنى من سعادة:

(يا رؤى الليل هللي لنسيم

من رياض معطر بالطيوب

وامنحينا الحياة عشقاً جميلاً

لا تروق الحياة دون حبيب)

فالحنين هنا مستوطن في ذاكرة الشاعرة التي تبحث عن ذاتها وسط هذه العوالم المتداخلة.. لتظل المهمة أشقى على من يحاول أن يمسك بالثلج والجمر في آن واحد في إيحاء جمالي يقرب المتناقضات ويزاوج بين الصور المتباينة.

النداء الإنساني في الديوان واضح، ومحدد العوالم حيث تنحو الشاعرة نورة في ديوانها منحى جديدا يخرج عن مألوف ما سطرته في القصائد الأولى في الديوان لنراها، وقد نادت بكل ما أوتيت من حجة وبرهان (يا أمتي) في محاولة منها أن تشخص حال الوطن ومأزق الحضارة العربية والإسلامية حينما تكالبت عليها الأعداء:

(هذي حضارتنا في اليأس واقعة

متى سننهض أو ترسو مراسينا؟)

فالشاعرة في هذه القصيدة تؤكد على أن نقد الذات من أهم الأمور التي يجدر بنا كأمة أن نتفاعل معها، إلا أن النقد الذي يقدم اليوم لا يرقى إلى مستوى الفعل الحقيقي لمأساة هويتنا.. فكم نحن بحاجة إلى مزيد من هذا التشخيص لمآل حياتنا نحو يأس مركب، قد لا تقوى القصائد على تحديد معالمه، إنما هي محاولة يجدر بنا أن نتتبع منعرجاتها في محاولة إلى الوصول نحو بنية إنسانية تحقق الهدف الأسمى لحياتنا في هذا الوجود الذي تصوره الشاعرة نورة البواردي.

يلاحظ على الديوان التزامه الشديد في الفكرة، حيث عنيت الشاعرة كثيرا في رسم صور الجمال الذي قد تخلفه الكثير من الرؤى الإنسانية حينما تبتكر في كل قصيدة من قصائد الديوان مفردة مميزة تخرج النص من عاديته، ليصبح ديوان هتاف الليل) لوحة مسائية مدهشة تصنع من ألوانها، وصورها رحلة مفيدة في أعماق الإنسان الباحث عن الجمال والحب.

إشارة:

* هتاف الليل (شعر)

* نورة البواردي

* دار المفردات - الرياض - 1428هـ

عبدالحفيظ الشمري hotmail.com@hrbda2000


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة