Culture Magazine Monday  11/06/2007 G Issue 202
نصوص
الأثنين 25 ,جمادى الاولى 1428   العدد  202
 

الواجب

 

 

تحرك القلم بخفة حين نظرت إلى الصفحة البيضاء التي سأكتب عليها الواجب المردسي المحدد لي، لم يكن لدى أدنى فكرة من قبل عن قدرة اليدين على العرق بهذا القدر وأنا ممسكة بالقلم.

ظللت بلا حراك على مكتبي لمدة ساعة أفكر وأتأمل في الجوانب المختلفة لمعنى الحياة ولم أصل إلى الفكرة التي سأبدأ بها.

ماذا تتوقع مني معلمتي أن أكتب؟ ما أنا إلا فتاة في الخامسة عشرة من عمرها فكرت في كل ما حدث في حياتي من قبل فكرت في المدرسة، ولكني أعتقد أن مثل هذه الأمور لا صلة لها بما سأكتب.. رفعت رأسي، تأملت حجرتي التي كانت تعبر عني ورأيت كل شيء يدل علي، ولكن ليس هناك ما يستحق الكتابة عنه، تركت مكتبي وغادرت حجرتي، تجولت في أنحاء البيت، ذهبت إلى غرفة المعيشة، وجدت ملاك بيتنا جالساً على الأريكة وقد أعد لنا بعض العصير، أخذت بعضه ورجعت إلى غرفتي، وجلست على مكتبي مرة أخرى ولكن هذه المرة لم أفكر كثيراً؛ فقد كنت أنظر إلى كأس العصير، وقد كان حبها وحنانها يسبح فيه، تراجعت بمقعدي للخلف وفكرت بيني وبين نفسي (إنني أعرف جيداً متى أصبحت والدتي ولكني لم أعرف أبداً متى أصبحت صديقتي، أستطيع أن أتذكر الماضي القريب الذي كانت فيه أمي وما زالت أول شخص ألجأ إليه مع كل دمعة حزن أو فرحة نجاح، عندما أشكو شيئاً في جسدي.. عندما أفقد صديقتي.. وعندما كانت توقعني درجاتي، كانت بجانبي في كل هذه المواقف لم تحاول أبداً أن تتحكم بتصرفاتي أو تحكم عليها.. أعطتني حرية الاختيار.. كانت تفخر بي إذا نجحت وتساندني إذا فشلت.. كانت تستمع إلي دائماً وكان لديها ما تقول حين أسألها نصيحة أو حين أبكي؛ كانت تضاعف سعادتي وتمنحني من سعادتها وتتقاسم معي إحباطي بتعاطفها وتفهمها وعند عودتي من المدرسة كل يوم تسألني عن يومي وكيف قضيته.. تقاسمت معي آمالي، ومخاوفي لم تشعرني بأن آرائي غير مكتملة النمو ولم تشعرني أبداً أن أفكاري ساذجة.. ما يدهشني منها الآن ليس فقط أنها لم تنس أن تتمنى لي أحلاماً سعيدة قبل نومي، ولكن أيضاً وثقت بي ودفعتني إلى الأمام، لقد كانت دائماً أمي صديقتي منحت لي قلبها وكانت توضح لي كل تجارب حياتها حين تجدني مقبلة على مثلها.

أعدت النظر إلى الورقة البيضاء الموضوعة على مكتبي.. أمسكت بالقلم وحين شرعت في الكتابة أدركت أن المشكلة لم تكن في كيفية ملء الفراغ الموجود في الورقة ولكن كيف أستفيد من المساحة القليلة المسموح لي بها حين توجهت إلى فراشي تلك الليلة كنت قد انتهيت من واجبي المدرسي ولكن واجبي الحقيقي لما ينته واجبي تجاه ملاكي.

أماني بنت عبدالله الخميس - عنيزة خالد الزهراني


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة