Culture Magazine Monday  11/06/2007 G Issue 202
الثالثة
الأثنين 25 ,جمادى الاولى 1428   العدد  202
 

أحمد المانع

 

 

الحديث (هنا) عن شخصية تعليمية تربوية، باحث في الفقه والتراث، لم يدَّخر وسعاً طيلة الارتباط بالخدمة العامة، أن يضع كل إمكاناته في التيسير على الطلاب وتسهيل انتهاء فترات إيفادهم بنجاح.

كرَّس حياته، قبل الوظيفة وأثناءها وبعدها، في قضاء حاجات الناس، وفي طلب العلم، حتى صار نسخةً من والده (الشيخ محمد المانع)، ومع ذلك لم يكن للأضواء حيّز في اهتماماته، لم يُصبه أي شكل من أشكال حب الظهور ولفت الأنظار، أو شعور بالأستاذية أو الفوقيّة والتعالي على المبتدئين.

ذلك هو الأستاذ أحمد بن الشيخ محمد المانع رحمه الله، أحد رجالات التعليم المخضرمين في بلادنا، الذي عُرف أكثر ما عرف، أثناء عمله في الملحقية الثقافية في مصر، بقية السبعينيات وطيلة الثمانينيات والتسعينيات الهجرية من القرن الهجري الفائت.

الأستاذ أحمد (أبو عبد الله)، هو أصغر أبناء الشيخ محمد بن مانع، والده هو العلامة، ذائع الصيت في مديرية المعارف العامة، الذي ولد في عنيزة سنة 1300هـ، وتنقل يطلب العلم بين نجد والحجاز والأحساء وقطر والعراق ومصر، ثم أصبح في عام 1365هـ (1945م) مديراً عاماً للمعارف، خلفاً للشيخ محمد طاهر الدباغ مكملاً جهوده المشهودة في نشر التعليم في سائر أنحاء البلاد، حتى سُلمِّت الأمانة إلى خادم الحرمين الشريفين - الملك فهد - عند تحويل مديرية المعارف إلى وزارة سنة 1373هـ (1953م)، في السنة ذاتها التي توفي فيها الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه -.

لازم الشيخ المانع (الأب) الأمير فهد بن عبد العزيز، بصفة مستشار في وزارة المعارف برتبة وكيل وزارة، حتى طلبته حكومة قطر (عام 1377هـ) في عهد حاكمها عبد الله بن قاسم آل ثاني وابنه على الإشراف على القضاء والتعليم في قطر. وقد توفي عام 1385هـ، إثر عملية جراحية كانت تُجرى له في لبنان، ودفن في قطر.

خلّف الشيخ المانع (الأب) ثلاثة من الأبناء، وهم عبد العزيز وعبد الرحمن، وأحمد (موضوع هذا المقال) الذي ولد في حدود عام 1343هـ، ورافق والده، يسير على خطاه في طلب العلم والاهتمام بخدمة طلابه، وهو، حقيقةً، من العلماء التراثيين المجتهدين، الذين يمكن للمحقق أن يركن إلى معلوماتهم وإجاباتهم، وبخاصة في الدراسات الجغرافية ومعرفة القبائل وكتب التراث، لدرجة قد يبزّ بها كبار المتخصصين والأكاديميين، مع أنه، من تواضعه، لا يعدّ نفسه منهم، ولا يضع اسمه في مواضعهم ومراتبهم، وقد قال عنه محمد بن عبد الله آل عبد القادر في كتابه (تحفة المستفيد): إنه فقيه محقّق، متخصص في معرفة الكتب ومؤلفيها.

الجميل في حالة الأستاذ أحمد المانع ونظرائه، المتوارين عن الضواء،العازفين عن الظهور، أنهم ظلوا على صلة بالكتاب والبحث، وذلك بالرغم من أن علاقتهم بالوظيفة قد انتهت، وأن تواصلهم مع الاطلاع والعلم لا يقود إلى ترقية أو نيل درجة أو شهادة، ولهذا يزداد تقديرهم ويعظُم إجلالهم.

كان طيلة إقامته في مصر، الحريص على حضور الندوات العلمية، والمشاركة في اللقاءات الثقافية، ومن المواظبين على الصالونات والمنتديات الخاصة (ومنها على سبيل المثال ندوة الأستاذ محمود شاكر الأدبية، رغم انعقادها أسبوعياً بعيداً عن منزله).

ظلّ الأستاذ المانع طيلة عمله في الملحقية الثقافية السعودية في القاهرة سنداً للمبتعثين، مرناً معهم، سخيّاً بماله الخاص، يستضيف ويسلّف، ويوظف علاقاته في سبيل تسهيل قبولهم، والحصول على مقاعد ومنح دراسية في الكليات العلمية بالذات، حتى لقد استطاع في أحد الأعوام أن يحصل على (300) مقعد للطلبة السعوديين في كليات الطب فقط.

الأستاذ أحمد المانع - رحمه الله - له أربعة من الأبناء وبنتان، وإذا كان هناك من رجاء، أتوجه به باسم رجال التربية والتعليم .. فهو أن يسعى محبوه بعد رحيله إلى استكمال (ما أحسبه قد بدأ به) من توثيق جهود والده، وجمع نتاجه العلمي المتناثر، وتدوين سيرته، وتبيين مكانته العلمية، وهي مسؤولية نشارك ونساند فيها جميعاً.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة