Culture Magazine Monday  19/03/2007 G Issue 191
قضايا
الأثنين 29 ,صفر 1428   العدد  191
 

متى يتم نقل الكتب والصحف مجانا؟
محمد بن عبدالرزاق القشعمي

 

 

في اتصال هاتفي مع الأستاذ والكاتب النشط محمد الدبيسي نائب رئيس نادي المدينة المنورة الأدبي كنت أسأله عن مجلة (الآطام) وعن تعثر وصولها فذكر أن تأخرها بسبب تكاليف شحنها وأجرة إرسالها بالبريد؛ إذ تكلف أكثر من قيمتها فقيمتها في المكتبات ستة ريالات، بينما أجرة نقلها بالبريد إلى الرياض ب8 ريالات مما يحمل النادي تكاليف باهظة.

وبالمناسبة فقد وصلني قبل أيام من مسقط مجموعة قصصية للكاتب محمود الرحبي اسمها (بركة النسيان) من مطبوعات وزارة التراث والثقافة لنشر إبداعات الكتاب العمانيين ضمن سلسلة إصدارات متتابعة، احتفاء بمسقط عاصمة الثقافة العربية 2006م. وقد وضع على المغلف الذي بداخله الكتاب طابع ب200 بيسة، أي ما يعادل ريالين سعوديين فقط. إذ إن عملة سلطنة عمان بالريال، والريال ينقسم إلى 1000 بيسة ويساوي عشرة ريالات سعودية. أقول إن أجرة النقل داخل المملكة أغلى من خارجها ويهمني هنا نقل الكتب والمجلات وغيرها من المطبوعات، وبالمناسبة فقد وصلني من الشاعر حسين محمد سهيل من جزر فرسان بجازان هدية وهي عبارة عن ديواني شعر بمغلف ألصق به ثمانية طوابع، كل طابع ب3 ريالات ومجموعها 24 ريالا، وأنا متأكد أن أجرة نقلها تفوق سعرها بكثير. وها هي مجلة قافلة الزيت من الظهران إلى الرياض ونجد طابع البريد بخمسة ريالات.

عدت بالذاكرة إلى ما سبق نشره حول الموضوع قبل سنوات طويلة وإبان صحافة الأفراد، وهي تعاني من هذه المشكلة.

فنجد مثلا جريدة (عرفات) تذكر في عددها الثاني والصادر بتاريخ 9- 6-1377هـ وبالصفحة الرابعة الأخيرة وتحت عنوان (بيان هام) (عندما صدر العدد الأول من الجريدة.. علمت الإدارة أن بريد جدة لم يبلغ الأمر الكريم بنقل وتوزيع الجريدة مجانا أسوة بالصحف الأخرى رغم صدوره منذ وقت طويل.. واضطرت الإدارة إكراما لمشتركيها.. وكذلك لقرائها الأفاضل أن تؤدي واجبها.. فوضعت على كل مجموعة الطوابع البريدية اللازمة حتى تضمن وصول عددها الأول إلى كافة المشتركين في أنحاء المملكة المترامية الأطراف.. وإلى القراء أيضا عن طريق مكتبات التوزيع.. وهي لهذا تعتذر عن أي قصور وقع في عدم وصول بعض الاشتراكات إلى أصحابها..).

والمعاناة نفسها ذكرها الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري عند صدور مجلة (المنهل) فقد أبرق لنائب الملك في الحجاز بمناسبة ولادة ابنه محمد متشفعا به لإعفائه من رسوم البريد عند إرسال المجلة للمشتركين في الداخل والخارج. وفعلا صدر الأمر بإعفائها.

وفي مجلة (الجزيرة) لصاحبها الشيخ عبدالله بن خميس نقرأ في العدد السابع من السنة الأولى لشهر جمادى الأول 1380هـ الموافق أكتوبر 1960م. وضمن صفحة (الحركة الثقافية) تقرأ: (وافق سمو رئيس مجلس الوزراء على تخفيض أجرة نقل الصحف والمجلات جوا بنسبة 50% من أجور النقل الحالي وإن الصحافة السعودية لتسجل لسموه هذا التشجيع إلى جانب ما حباها به سموه من أياد سابقة).

وها هي جريدة (عكاظ) في عددها (70) الصادر يوم السبت 20 ربيع الثاني 1381هـ الموافق 30 سبتمبر 1961م تنشر في الصفحة الثانية وضمن الأخبار الملكية، وتحت عنوان (جلالته يأمر بنقل الجرائد المحلية داخل المملكة وخارجها بالطائرات السعودية مجانا) (يسر المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر أن تعلن بأنها قد تلقت صورة من خطاب حضرة صاحب السمو الملكي وزير الدفاع والطيران الأمير محمد بن سعود الموجهة إلى سعادة مدير عام الخطوط الجوية السعودية يأمره فيه بتنفيذ الأمر الملكي الكريم بنقل جميع الجرائد والمجلات المحلية في داخل المملكة وإلى خارجها بالطائرات السعودية مجانا في الحال. وكان عدد من الصحفيين قد أبرق إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم يلتمسون من جلالته التفضل بتشجيع جديد وبعطف ملكي خاص يغمر من جلالته الصحافة السعودية ويدفع بها إلى الأمام وهو الذي (هكذا) وصورة مشرقة لهذه البلاد وإن المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر إذ تزف هذه البشرى إلى الصحافة السعودية ترفع باسمها وباسم الصحافة السعودية كلها الشكر الجزيل للرائد الأول للنهضة الجبارة في جميع مرافق مملكته ووطنه وشعبه حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى وتسأل الله أن يعين جلالته ويوفقه ويسدد خطاه للوصول بهذه الأمة إلى المكانة العظيمة التي يسعى بها جلالته إليها ويكافح من أجلها، إنه سميع مجيب.

عكاظ: إننا في الوقت الذي نعبر فيه عن شكر الصحافة ورجالها لصاحب الجلالة الملك المعظم وسمو وزير الدفاع والطيران على هذه الخطوة التشجيعية لصحافتنا، لا يفوتنا التعليق على هذا النبأ السار وما يترتب عليه من التزامات على صحافتنا فالحقيقة أن من شأن هذا الأمر أن يفتح المجال في خارج المملكة لصحفنا مما يستلزم تطوير صحافتنا تطويرا كبيرا لترتفع إلى مستوى الصحافة في الأقطار المجاورة، وهذا يقتضي أيضا أن تتفق الصحف السعودية فيما بينها على أمثل الطرق لتوزيعها في البلدان العربية، ولعل من نافلة القول أن نشير إلى وجوب إعطاء أخبار العالم العربي، وشؤونه عناية خاصة. وبعد فإن هذه خطوة يسرت لصحافتنا وما عليها إلا أن تقوم بها).

ونجد نص الأمر تنشره جريدة (القصيم) في عددها (92) الصادر بتاريخ 16 ربيع الثاني 1381هـ الموافق 26 سبتمبر 1961م بتوقيع عبدالله بالخير المشرف العام على الإذاعة والصحافة والنشر. وكذلك تنشره صحيفة (اليمامة) في عددها (293) ليوم الأحد 21 ربيع الثاني 1381هـ.

وكان الشيخ حمد الجاسر أشعلها حربا ضروسا ضد وزارة المواصلات إذ هي الجهة المسؤولة وقتها عن البريد. فنجده يخصص افتتاحية عدد (اليمامة) (278) الصادر يوم الأحد 5 محرم 1381هـ الموافق 18 يونيه 1961م تحت عنوان (إلى وزارة المواصلات.. لا نطلب إحسانا.. بل عدلا وإنصافا) وفيها يقول: (قالت (اليمامة) في كتاب وجهته منذ أكثر من سنتين إلى وزارة المواصلات بأنها لا تريد من هذه الوزارة إحسانا ولا صدقة، وإنما تريد أن تعامل صحفنا في داخل بلادنا وخارجها معاملة قائمة على أساس العدل والإنصاف.

فقانون البريد الدولي ينص على أن جميع المطبوعات الثقافية ينبغي أن تيسر وأن يسهل الحصول عليها فلا تعامل في أجور البريد كما تعامل غيرها من الرسائل.

والحكومات في جميع البلاد سوى بلادنا، تأخذ بهذا المبدأ، فتتقاضى على المطبوعات الثقافية أجورا مخفضة، والأعجب والأغرب أن حكومتنا نفسها تتقاضى على الصحف والمطبوعات الثقافية التي ترد في خارج البلاد أجورا مخفضة أي أنها تحملها بنفس الأجور التي استوفيت عليها في البلاد الخارجية وتنقلها إلى جميع أنحاء المملكة بتلك الأجور. فالأهرام مثلا تصل الرياض بأجرة بريدية لا تتجاوز خمسة قروش سعودية، ولكن لو أراد المرء أن يبعث بجريدة مماثلة للأهرام إلى القاهرة لكانت الأجرة مضاعفة. والكتاب المطبوع الذي تتجاوز صفحاته المئات يبعث من القاهرة.. إلخ).

حمد الجاسر

فترد عليه وزارة المواصلات في العدد الثاني (279): (جاءنا من وزارة المواصلات ما يلي:

تناولت بعض الصحف ومنها صحيفتكم في افتتاحية عددها رقم 278 الصادر بتاريخ 5 محرم 80 موضوع أجور نقل الصحف بالبريد الجوي واعتبرت وزارة المواصلات مسؤولة عما أسمته بالضرر الذي سيلحق بالصحف ويؤدي إلى عدم انتشارها في الخارج بسبب ارتفاع الرسم البريدي ويهم هذه الوزارة أن تشرح هذا الموضوع وتبين ما يحيط به من ملابسات لكي يتأكد الرأي العام ومنه أصحاب الصحف أن وزارة المواصلات كانت ولا تزال عونا للصحف في جميع الأحوال وفي حدود النظام والمصلحة العامة (...) كانت مصلحة البرق والبريد تقوم بنقل الصحف المحلية بالبريد السطحي مجانا، وذلك استنادا إلى الأمر الملكي الكريم رقم 8382 وتاريخ 22-5-72 وفي عام 74 وعندما صدرت الموافقة السامية على أن تدفع جميع الوزارات والمصالح الحكومية لمصلحة البرق والبريد أجور الخدمات الهاتفية والبرقية, والبريدية التي تؤديها عام 79 - 80 التي كان مقرراً الصرف منها (...) وإزاء كل ذلك ولما كانت وزارة المواصلات قد تحملت على عاتقها مسؤولية نقل الصحف وبالبريد الجوي دون مطالبة أصحاب الصحف بالأجور.

ولأن الخطوط الجوية السعودية طالبت وتوالي مطالبتنا بتسديد ما هو مستحق لها على النقل ويبلغ مجموعه حوالي مائة وخمسين ألف ريال، وهذا المبلغ في حد ذاته لا يعدو أن يكون من ضمن إيرادات الدولة التي تعقب وزارة المالية ويعقب ديوان المراقبة العامة على تسديده لخزينة الدولة.

فقد عمدت هذه الوزارة إلى مطالبة أصحاب الصحف بدفع الأجور اعتباراً من غرة محرم 1381هـ على أن تقوم برفع بيانات المستحق من السابق لمجلس الوزراء ليأمر بما يراه نحو الجهة التي تتولى التسديد ولكنه وبناء على مراجعة أصحاب الصحف أمر سمو وزير المواصلات باستمرار النقل كالسابق والرفع للمجلس الموقر حتى يبت في الموضوع، ومما تقدم يتضح جليا أن هذه الوزارة قد أدت ما عليها وبذلت كل مساعدة ممكنة ولم تكن في يوم من الأيام غير عادلة أو غير منصفة بل تعدت كل ذلك إلى تحمل المسؤولية عن أصحاب الصحف كل ذلك في سبيل المنفعة العامة للمواطنين التي تؤديها الصحافة (...).

1 - فما يسمح به القانون هو تخفيض أجرتها إلى 50 في المائة من الأجرة العادية للرسائل (...) وبمقارنة بسيطة بين الرسم للرسائل العادية والرسم للجرائد والمطبوعات يتضح أن التخفيض الذي سمح به القانون الدول للبريد قد طبق فعلا حيث إن الخمسين في المئة من الرسم العادي هي (25 - 6) قرشا، بينما يؤخذ منها 50 في المائة تقريبا على الجرائد اليومية و60% منها على الجرائد والمطبوعات غير الدورية.

2 - إن ما أوضحنا في الفقرة (1) السابقة يكفي لكي يظهر أن الحكومة السعودية تأخذ وتطبق نفس المبدأ الذي تسير عليه جميع الحكومات الأخرى، بل وأكثر من ذلك حيث تقوم هذه الوزارة بتوزيع الصحف الداخلية للمشتركين في داخل البلاد مجاناً دون المطالبة بأي رسم على ذلك وإيضاحاً لهذه النقطة فإننا لا نعني الصحف المودعة للمشتركين من بلد إلى بلد بطريق البريد فقط بل نعني أن مشتركي الرياض ومكة وجدة توزع عليهم الصحف التي تصدر في هذه البلاد والتي كان على أصحاب الصحف إيصالها لهم، توزع عليهم بواسطة موزعي البريد.

3 - جاء أن حكومتنا تتقاضى أجوراً مخفضة على الصحف التي ترد من الخارج والصحيح أن الحكومة لا تتقاضى شيئا إطلاقاً على الصحف الواردة من الخارج بطريق البريد، لأن قانون البريد الدولي هو أن تقوم كل مصلحة باستلام وتوزيع البريد الوارد من الخارج دون مقابل (...).

واختتمت وزارة المواصلات تعقيبها بقولها: وجاء أن الصحف تطالب بتخفيض الأجرة بالنقل بدون أجرة وقد أوضحنا أن ما في استطاعة وزارة المواصلات قد عملته دون مطالبة، وقد خفضت الأجور إلى الحد الذي يسمح به القانون وإذا كانت هناك مطالبة لأصحاب الصحف فليتقدموا بها إلى الجهات العليا لتأمر بما تراه في ذلك.

ومع كل ما تقدم وكما سبق أو أوضحت فإن هذه الوزارة سترفع الموضوع إلى مقام رئاسة مجلس الوزراء مرة أخرى ليتخذ فيه ما يراه.. والله ولي التوفيق.

وكيل وزارة المواصلات

وكنت قبل أربعين عاما أتذكر عندما أبعث مطبوعات سواء كتباً أو مجلات لأحد ما داخل المملكة أو خارجها، كان يكتب في زاويتها اليسرى كلمة (مطبوعات) وكان موظف البريد يمزق زاوية المظروف العليا من اليمين والزاوية السفلى من اليسار ليطلع على جزء مما في داخل المغلف، ويلصق نصف المطلوب من الطوابع بعد وزن المظروف، ولا أدري ما هو النظام المتبع هنا في هذا الوقت، وأذكر أنه قبل عشرين عاما شكلت لجنة من وزارتي المعارف والإعلام والرئاسة العامة لرعاية الشباب بناء على ما أحاله مقام مجلس الوزراء للنظر في اقتراح قدمه معالي الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي - رحمه الله - بغية النظر في تطير الكتاب السعودي وتذليل ما يعترضه من مصاعب وعقبات ليصل إلى القارئ في الداخل والخارج، وتسهيل نقله وبيعه في منافذ بسعر معقول، وقد ذهبت اللجنة - وكاتب هذه السطور أحد أعضائها - إلى كل من: تونس كإحدى دول المغرب العربي، والعراق كإحدى دول المشرق العربي، والكويت كإحدى دول الخليج العربي، وقد رفع للمقام السامي تقرير عن المتبع في هذه الدول من تسهيلات في النقل والإعفاء والدعم والتشجيع واقتراح أن يؤخذ ببعض وجهات النظر التي تسهل وتدعم وتشجع، ورئِي أن يجتمع صاحب السمو الرئيس العام لرعاية الشباب سمو الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله - وقتها مع صاحبي المعالي وزيري المعارف والإعلام، وطالت الأيام وطوى الموضوع النسيان فلعلها فرصة مناسبة أن يثار الموضوع من جديد ليعود الإعفاء كما كان قبل نصف قرن، فالحمد لله الإمكانات المالية متوافرة وسهولة الاتصال والمواصلات مذللة، فالكل يعرف أن سبب فشل أغلب المطبوعات وتعثرها هو في تكاليف نقلها وإيصالها للقراء.

وبالله التوفيق.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة