Culture Magazine Monday  19/03/2007 G Issue 191
مسرح
الأثنين 29 ,صفر 1428   العدد  191
 

قراءة في مسرحية (عندما يأتي المساء)
فهد الحوشاني

 

 

ضمن عروض مهرجان الجنادرية المسرحي لهذا العام عرضت ورشة الطائف المسرحية مسرحية (عندما يأتي المساء) تأليف فهد الحارثي وإخراج أحمد الأحمري وتمثيل (الفريق) المسرحي مساعد الزهراني! وهي من المسرحيات القلائل التي حضرتها بسبب ظروف خاصة.

عندما يأتي المساء مسرحية مونودرامية مشحونة لحد الامتلاء اتخذت من الألم والترقب والخوف والقلق موضوعاً لها ويجير لورشة الطائف المسرحية اهتمامها بهذا النوع من المسرح الذي كاد أن ينقرض فاعادوا له حضوره بعد انقطاع طويل.

وفي الواقع إن العرض كان من أكثر العروض المسرحية التي جمعت بين المتعة والفرجة والعمل المسرحي الحقيقي في خضم أعمال متخبطة وضعيفة شاهدناها ضمن عروض المهرجان!

هذا العرض الجاد والممتع بدأ بلقطات أشبه ما تكون بالصور الفوتوغرافية استخدمت فيها الإضاءة كأجمل ما يكون لتشكل حالات لإنسان أقبل عليه المساء ليعيش القلق والملل، فعبرت الإضاءة والحركة الجسدية للممثل عن حالات متواترة ومتوترة والمساء الذي تعودناه كفترة رومانسية يطيب فيها السهر والسمر بالتاكيد ليس المساء الذي عناه المؤلف ولا فريقه المسرحي.

العرض المسرحي وقع كثيراً تحت سلطة النص التي سيطرت في كثير من الأوقات وكان هناك ما يشبه الصراع الخفي بينها وبين سلطة الممثل والمخرج خاصة في حالات الحكي التي يقف فيها الممثل في ديالوجات كان بعضها طويلا.

النص تم تلغيمه بالكثير من العبارات والاشارت التي تثير في نفس المتفرج الكثير من الاسئلة وتفتح له نوافذ يطل من خلالها على نفسه في احيان كثيرة! كانت جمل النص المكثفة والفلسفية خير مساعد لأن يتعامل معها المخرج بأسلوبه الخاص المعتمد على الجمل الحركية التي تكون أحيانا موازية للكتابة وأحياناً مفسرة ومترجمة لها وفي أحيانا يضيف الأحمري على النص المكتوب نصا حركيا جماليا متيحا فرجة مسرحية بصرية عالية التقنية.

وكعادته اعتمد على لعبة الضوء والإظلام والإكسسوار البسيط لكي يجعل من الممثل عنصره الأساسي والمسرح الفقير التي قدم من خلاله العرض كان في الواقع غنياً بالأحاسيس والمعاني والتوتر والمشاعر والتي مدت خيوطا من التواصل مع الجمهور لم تنقطع إلا في أوقات قليلة خاصة عندما يهبط الايقاع أو تتسيد الكلمة ظهر العرض.

الابحار في حياة إنسان منذ مولده وحتى ومماته والإبحار أيضا في حياته اليومية من صباحه إلى مسائه كانتا دورتين، لعب على حبالهما النص الكثيف والكاشف والمكتشف في نفس الوقت.

مشهد النادي الرياضي ومشهد الامسية الشعرية كانا الاضعف اداء وحوارا.. وقد قوبل هذا العرض بكثير من الاحتفاء إلا أن اصحاب المسرحية بحاجة بالتأكيد إلى رأي النقاد المتخصصين.

انتهى العرض إلا أننا ما زلنا نتذكر جملاً مثل (مرة هي الحياة).. (صوتك هو وطنك.. قوتك.. قيمتك).

وبذلك (البيان) الختامي للمسرحية أغلقت أمامنا تلك المساحات الفسيحة التي بسطها أمامنا وضيق واسعا وفرض علينا رؤية محددة.. كنت أتمنى أن تكون لي حريتي في التعامل مع مسائي الخاص وألا يحاول ذلك العرض الجميل أن يفقدني (صوتي) عندما أصدر ذلك البيان!

alhoshanei@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة