Culture Magazine Monday  19/03/2007 G Issue 191
نصوص
الأثنين 29 ,صفر 1428   العدد  191
 
عبدالمحسن الحقيل
نفث غباره وغاب!

 

 

احتضار

قولي لها إني سئمت حياتي ونسيت نفسي في تغرب ذاتي

في وحدتي كل الطموح عن المنى فخطى الشتات تمكنت بشتاتي

قولي لها إن الفراق أحاطنا بالموت تلكم غربة الأموات

أنا إن تذكرت اللقاء بكيته وإذا نسيت بكيت كل حياتي

هي لهفة وأنا ترقب عاشق والعمر يقهر أعذب البسمات

هي دمعة والعمر بعض لهيبها وأنا الضياع موثق الخطوات

هي قصة ليس اللقاء بنصها فإذا العذاب كأسعد اللحظات

أنا لست أدري ما فعلت بحبنا في لحظة للعقل أقتل ذاتي!

في لحظة للصدق خنت ضميره فتطلعت روحي لجمع رفاتي

يا ويح نفسي كيف تنهي عمرها في غمرة الأحزان في الظلمات؟!

قولي لها إني رحلت وها أنا أبكي الفقيد بأجمر العبرات

ولقد أعد مآثري في ظلمتي فأغص بالذكرى وب العبرات

كان الفقيد بحبه متمسكا بالصدق في بعد عن النزوات

كان الوفاء يحيطه بدروبه فيظل يتبعها بكل ثبات

قد كان في الإخلاص يرتع واثقا طمعا بلقيا أعذب الغايات

فوجاه سيف للفراق مسمم ليعيش بين براثن الحسرات

كان الفقيد مبالغا في فأله ليذوق موتا صائب الطعنات

تمضي السنين بعمره فيذوقه جمرا فما أقسى خطا السنوات

قولي لها إني ذكرت مآثري وبكيت نفسي واستمعت نعاتي

(كان الفقيد) وتنتهي أحلامنا يا ويح أحلام بغير حياة

قد زرت وادي الموت عند تحشرجي عند الرحيل إذ استمعت بكاتي

ورأيت روحي في الظلام كئيبة تبكي الغرام بحارق الزفرات

كانت تحلق في الفضاء حزينة فدنوت أسمع ما تردد ذاتي

كانت تقول: مضى الزمان بطوله لم ألق فيه مراتع اللذات

كان النعيم يغشني ببريقه فإذا دنوت له رأيت وفاتي

إني رثيت غرام قلبي فاعلمي أني رثيت به جميع حياتي

لا تكذبي

لا تكذبي

في ذلك الركن العتيق تركتني

أهملتني ونسيتني

في ذلك الركن القصي قصيدة تبكي عليك

وشكتك - من شوق - إليك

أوما سمعت الصوت يرثي غادة

كانت هنا بالأمس تحيي عمرها

تهب الحياة لكل نجم في السماء

لكل ليل لا يفيق

لا تكذبي

فاليوم تفتقدين يا شمس الدليل

وأضعت يا شمس السبيل

لذلك الركن العتيق

****

واليوم جاءت في غرور

لتقول إن فؤادها لم يخطئ الدرب القديم

لم تنس يوما قصة أبطالها موت.. وموت

وليس يرضيها التغرب في سماء أرضها رحالة

لا يعرفون سوى الغروب

جاءت لتحيي من يموت

وما درت.. أن الممات بلا نشور

****

عودي لعالمك الدنيء

عودي فلن يجدي النداء

ولا التوسل.. لم يعد شيء هنا

في ذلك الركن العتيق

خوت الرفوف جميعها

ما عاد فيها أي صوت أو مجيب

عودي فلن يجديك ما أعددته

رفع الستار ولم يعد للغيم رعد أو بريق

في ذلك الركن العتيق

أرجوك اكرهيني

أرجوك اكرهيني

وبالغي.. وبالغي

أريد أن تغتالني ظنوني

كوني كما شئت ولا تفكري

حبيبتي.. عزيزتي..صديقتي

ولكن اكرهيني

***

صديقتي!

فتشت في حقائبي

دفاتري

مشاعري

بعثرتها

وجدتها

جميعها مملوءة بالشوق والحنين

***

عزيزتي

قلبي لديه قصة

يحيا بها

تزيد نزف شوقه

تضعفه.. لكنه يقوى بها

فهل رأيت عاشقا

يغريه صوت موته

وغصة الأنينِ

***

حبيبتي قررت ألف مرة

أن أكرهك

ندمت ألف مرة

لأنني

برغم أن أهملتني

روحي معك

بكيت ألف مرة

لأنني

فقدتها معك

برغم كل شيء..

أهملتني.. خذلتني.. وخنتني

لكنني لم أستطع أن أكرهك

أرجوك اكرهيني

النفس الأخير

وحدي هنا

وكل لحظة تمر بي

كأنها أنا

تشبهني في وحشتي

تشبهني في وحدتي

تشبهها كآبتي

والليل حول غرفتي

يغازل الدموع

يحثها بأن تعود

ووحدتي تخنقني

بمخلب المخاوف القديمة

ترى أتذكرينني؟

وفجأة أراك في الفضاء

وقد أحاط معجبوك

أخبرتني بأنهم ضيوفك الكرام

تقدمين قهوة لبعضهم

فيشربون قهوة ممزوجة بسحر مقلتيك

ويزعمون أنها ألذ ما احتسوا

وتبسمين في خجل

وتذكرين أنها لذيذة لأنهم هم الذين يحتسون

فيبسمون رقة لكن بلا خجل..

ترى أتذكرينني

وحولك الجميع يتقنون لعبة المجاملة؟

وحولك الجميع يحتسون قهوتين؟

وعندها أصاب بالدوار

وغيرتي تقتلني

فهل رأيت غيرة الوحيد من خياله؟!

يعود لي السؤال

ترى أتذكرينني؟

ترى أتذكرين من يغيب مرغما على الغياب؟

يشده التراب

عقارب الزمان والمخاوف القديمة

تشده للفظ آخر الأنفاس في خضوع

لأن يموت وحدة ولوعة وغيرة

وقبل أن يموت

يشده السؤال

ترى أتذكرينني؟


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة