في كتابات (عبد الله الناصر) تجتمع شخوص المثقف والباحث والقاص والروائي، وإذا كان معروفاً بمجموعاته القصصية التي صدر منها: (أشباح السراب) و(حصار الثلج) و(سيرةُ نعل)، و(الشجرة)، فإن له روايتين تحت الطبع هما: العرق الأخضر والعوجا، ودراسات في الطريق عن: ذي الرمة،والإنسانية في الشعر الجاهلي، وأبانات، والصعاليك الجدد، وأودية الشعر، كما أن له كتابات مقاليّة نُشر منها ما جمعه في كتابه (بالفصيح)، وفي الانتظار كتاب عن (أميركا: العقلية المسلحة)، و(أنابيش في النقد والأدب) وغيرها..
تستطيع أن تلخص (عبد الله الناصر) في أنه مبدعٌ حقيقي تمتدّ جذوره في عمق الأمة وتمتصُّ عروقهُ رائحة الأرض فيبدو إن كتب أو قصّ أو روى منتمياً، معتزاً، متألماً، متطلعاً، مقدماً مثلاً جميلاً على المثقف المتوازن الذي اغترب عن بلده ومن أجل بلده ربع قرن فزاده ذلك إيماناً بمقدّرات ناسه، وأكد رغم البعد كيف يكونُ قريباً، وقد جاءت مجموعته الجديدة (من أحاديث القرى: حكايات من ذاكرة الأرض) لترسم ملامح لما كان حين كانت المسافةُ بين الناس مسكونة بالتلقائية والبساطة والاحتياج المتبادل.
في (أحاديث القرى) حكاية الديموقراطية والتصويت لاختيار إمام المسجد، والحوار حول الصلاة خلف لابس البنطال حليق اللحية والنهاية الكوميدية /التراجيدية للموقف الذي انتهى ضاحكاً، واجتماع ثلاثة أئمة في شهر رمضان للمسجد الصغير..
تمضي القصص بجمالٍ وحميمية لتضيف مساحات السكينة والهدوء مستعرضةً عادات القرية وتفرّدها وطبائع أهلها كما في البيطار والنجاح والبطل والأستاذ ومرثية قرية وسواها..
جاءت المجموعة في 116 صفحة من القطع المتوسط، وصدرت عن شركة العبيكان وتوزع في مكتبتها.