Culture Magazine Monday  19/03/2007 G Issue 191
ذاكرة
الأثنين 29 ,صفر 1428   العدد  191
 

ولعٌ بالكتابة وغيابٌ في مساحات الانزواء
عبدالحفيظ الشمري

 

 

رحل الأديب القاص عبد الله السالمي عن عمر ناهز السابعة والخمسين عاماً.. فقد لملم (السالمي) يرحمه الله أوراقه بشكل مفاجىء، كعادة الموت حينما يطل وعلى حين غرة.. كنا فيها معشر أهل القصة على وجه التحديد غافلين عن أحبتنا، وهم كعادتهم يتأملون بالآتي خيراً لعلهم يتصلون بمن حولهم، ويتواصلون مع من تعنيهم حالة الإبداع وانسيالات القصة والرواية.

هاهو الراحل عبد الله السالمي يفاجئنا برحيله، عليه رحمة الله.. مخلفاً بعض قصص حوتها مجموعته (مكعبات الرطوبة)، وكثيراً من أمل أن يعيد تواصله مع مشهد السرد لصنع ألق إبداعي جميل.

(عبد الله السالمي) من جيل الوسط من كتّاب القصة القصيرة، حيث تأتي تجربته بعد جيل الرواد من أمثال ابراهيم الناصر الحميدان، وغالب حمزة أبو الفرج، فهو من بين مجموعة عملت على تطوير الفن القصصي، ومنهم عبد العزيز مشري (يرحمه الله) وسباعي عثمان يرحمه الله، وحسين علي حسين، وناصر العديلي، فكان (السالمي) يرحمه الله هو المقل من بين هؤلاء؛ حيث أخذته أعباء الحياة، والركض الوظيفي عن عطائه الأدبي فقد توفي وهو على رأس عمله في السلك العسكري برتبة لواء.

برحيل السالمي يفقد المشهد الأدبي لدينا فارساً من فرسان الكلمة الذين عرفوا أن حبل القصة قصير، وأن دهاليز الإبداع شاحبة، وأضواءها كابية، فهب أن (السالمي) قد انصرف إلى العمل القصصي أو الروائي ما الذي ستكون عليه حاله وحياته.. فالنهايات واحدة، إلا أننا نؤكد أن جزعاً ما سيصيب صديقنا فيما لو لم يداوم الصمت والغياب، فالتجريب الإبداعي في حياتنا يظل مرهوناً بمنعطفات كثيرة، وتحولات كبيرة قد لا تحقق بعدها التأثيري في النفس والذائقة.

رحم الله الأستاذ القاص عبد الله السالمي، وأعان ذويه على فراقه، وغيابه، فكم نحن بحاجة إلى أقلام هؤلاء الرواد الذين مهدوا الطريق السردي لأجيال جديدة.. وكم بات حري بنا أن نتفاعل مع كل ما قدم في تلك المراحل من البدايات الأولى.. تلك التي تعد بحق هي البذور، لما نحن عليه من ناتج إبداعي في مجال السرد القصصي على وجه التحديد؛ إلا أن في هذه المناسبة ما يثير الألم، ويخز القلب بمهماز متقد هو ذلك الانقطاع غير المأمون من أجل الكتابة حيث تزداد غربة الكاتب، وتتكاثر مثبطاته وأحزانه؛ حينما لا يجد له سنداً أو عوناً يقيل عثاره، فقد يجد هؤلاء الكتاب أقصر السبل ذلك المتمثل في التواري والانزواء في حياة هادئة يضع المعني فيها الحياة الوظيفية هدفاً من أهداف مسيرته نحو تأمين الحياة الكريمة له ولمن معه.. فالكتابة قد لا تقيل عثار كاتب، والابداع في الغالب الأعم لا ينصف أحداً، والتجربة لا تمنح صاحبها إلا مزيداً من الاحتراف.. فرحم الله القاص السالمي وأعاننا على فقده.

فهاهم اضمامة من أحبائك يا عبد الله يرسمون ألمهم لفراقك.. فكانت أول المذهولين لفقدك الأديبة الكاتبة ليلى الأحيدب.. تلك التي وصلها خبر رحيلك المفجع كجرح جديد.. فهاهي توقظ نار الفقد في قلوبنا لمآل أحلامنا التي باتت في مهب رياح الوجد اللاعج حينما يرحل هؤلاء الآباء.. ويشاطر ليلى في الحزن عليك أصدقاء قلمك ومجايلو تجربتك: حسين علي حسين، حبير المليحان، ناصر العديلي، تركي العسيري، وخالد اليوسف وآخرون..


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة