Culture Magazine Monday  21/01/2008 G Issue 230
فضاءات
الأثنين 13 ,محرم 1429   العدد  230
 

مداخلات لغوية
البنية والميزان الصرفيان
أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

 

يجد طلاب العربية بعض الارتباك عند محاولة وزن الألفاظ وزنًا صرفيًّا، وهم معذورون في ذلك؛ لأن الصرفيين أنفسهم وقعوا في خطأ جسيم وهو الاعتماد على الكتابة في التحليل الصرفي، وكان عليهم أن يعتموا على اللفظ.

لا يجد الطالب مشكلة في وزن فعل مثل (ذَهَبَ) فهو على وزن (فَعَلَ) والأمر لا يعدو استبدال الفاء بجذر الفعل الأول والعين بجذر الفعل الثاني واللام بجذر الفعل الثالث لتحصل لنا بهذا صورة للفعل مجردة من المعنى المعجمي لأن الهدف قياس اللفظ مجردًا من المعنى.

ويجد الطالب مشكلة عند وزنه لفعل مثل (عاد) لأن هيئته مختلفة عن هيئة الفعل السابق، وقد يقول بعفوية وتلقائية إن الوزن هو (فال)؛ ولكن الصرفيين يرون هذا خطأ ويرون وزن (عاد) هو (فَعَلَ)، والعلة عندهم أن (عاد) في الأصل والتقدير (عَوَدَ) أي هو ثلاثي مثل (ذهب) فميزانه كميزانه، وهم يتوهمون أن الفعل (عاد) لم تحذف (عينه) أي الواو بل قلبت إلى ألف فهي موجودة في هيئة أخرى، ثم يحتجون بأن الميزان لا علة فيه، فالعين منه لا يصيبها الاعتلال كالواو من (عاد).

وما يذهب إليه الصرفيون غير صحيح فالواو من (عاد) قد حذفت مع حركتها، وما الألف إلا مطل لحركة الفاء، وعليه فالميزان الصرفي الصحيح عندي هو (فال) كما يتبادر بعفوية للطالب. وأما (فَعَلَ) فهي في الحقيقة البنية الصرفية للفعل (عاد) أي الهيئة الافتراضية الأصلية له قبل تغيره، وبيان ذلك أن كل الأفعال الثلاثية لا تخرج عن ثلاثة أبنية هي (فَعَلَ) و(فَعُلَ) و(فَعِلَ)، وأما الميزان الصرفي فهو مطابق لأصوات الفعل المستعملة، وقد يطابق الميزان الصرفي البنية الصرفية، فالفعل (فَرِحَ) يطابق ميزانه الصرفي بنيته الصرفية فكلاهما (فَعِلَ) أما الفعل (خاف) فبنيته الصرفية (فَعِلَ) وأما وزنه الصرفي فهو (فَالَ).

وتظهر المشكلة جلية في ألفاظ ليس التغير فيها من قبيل تحويل الواو إلى ألف قد يسوغه تقارب العلل، من هذا ما يقع في الأسماء مثل (آبار) جمع (بئر) له بناء صرفي هو (أَفْعَال) مثل (أسراب) جمع (سرب)، ولكن النحويين يزنونه على (أعفال) لأنهم يرون الهمزة تحولت إلى ألف وهو ميزان بعيد بلفظه عن (آبار)، ولذلك فالصواب عندي أن ميزانه: (آفال)، وقد يحتج بأن هذا الميزان لا يبين أن العين تقدمت على الفاء، وهذا غير صحيح؛ لأن وجود الألف دليل؛ إذ إن العين تقدمت وحذفت لمجاورتها مثلها صوتًا ومطلت فتحة الهمزة تعويضًا.

وما نذهب إليه ليس ابتداعًا نبتدعه مع جواز ذلك، بل هو اتباع لعبدالقاهر الجرجاني الذي يجيز أن يوزن (كِساء) على فِعال أو فِعاء (كتاب المفتاح في الصرف، ص28)، ونقل عنه الرضي في شرحه للشافية (1: 18)، (وقال عبدالقاهر في المبدل عن الحرف الأصلي: يجوز أن يعبر عنه بالبدل، فيقال في (قال): إنه على وزن (فَالَ)ا..؟) وتظهر المشكلة في اختلافهم في وزن فعل مثل (اضطرب) فابن الحاجب يزنه على (افتعل) وأما الرضي في شرحه فيرد هذا الوزن، قال: (وهذا مما لا يسلّم، بل تقول: اضطرب على وزن افْطَعَلَ) (شرح الشافية،1: 18). ويزول الخلاف إذا قلنا إن ابن الحاجب يذكر بنية الفعل (افْتَعَلَ)، مثل الأفعال: اقترب، واحترم، وانتصر، وأما الرضي فيذكر الميزان (افطعل).

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7902» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة