Culture Magazine Monday  21/01/2008 G Issue 230
فضاءات
الأثنين 13 ,محرم 1429   العدد  230
 
حكاية ماقبل النوم
سارة الزنيدي

 

 

(في بلاد الألم يعيش كلنا وحيداً)

ماي سارتون

كل يوم نعجن خبز الصباح (ألماً) ونذوب الأرق في فناجين القهوة لتفوح رائحة القهر!

كنت أشاهد برنامجاً تديره مذيعة أمريكية مشهورة جداً.

تجلس أمام هذه المذيعة (مواطنة) أمريكية تبكي بحرقة وتمسح دموعها بمنديل، يصرخ من التعب أولادها وزوجها بجانبها، كانوا يواسونها برحمة ممزوجة بالملل!! أرهفت سمعي كيّ أستطيع مشاركتها ألمها بطريقة فعلية لعلّ قلبي يعرف الرحمة قليلاً - لتلك الفئة - لها كانت تشكو من وجود فوضى في منزلها وأنها مدمنة على الشراء بطريقة قاتلة وأنها تكدس الأغراض في كل ركن في منزلها، ما أدى إلى عدم وجود أماكن فارغة أو حتى مساحة في الأرض كي يستوطنها أي شخص, كان زوجها يتألم معها يقول: إنه حرم من قدوم أصدقائه لقذارة المكان وأن الجميع أصبحوا لا يرغبون به بسبب هذه الزوجة المهملة الكسولة، ويقول أيضاً: إنهما متزوجان لأكثر من (23) سنة!! وأنهما على هذه الحال منذ 15 سنة!! تخيلت بأن هذا الرجل ليس (أمريكيا)، رجل سعودي مثلاً؟!! عدت مرة أخرى إلى الاستديو أستمع وأشاهد هذه المرأة المسكينة، يدهشني حقاً تأسيس الحكومة الأمريكية لشعبها، تدللهم بشكل غريب تجعلهم أكثر فراغاً بحيث يتركون فوضى الشوارع وفوضى الدول ليعبثوا ببيوتهم وينثرون الفوضى بها، قصة تلك المرأة لم تكن تهمنيّ أبداً لولا أنّ القدر وضعها صدفة في منعطفات قنواتي المفضلة! أقبل طاقم التصوير مسرعاً، الكاميرات في كل زاوية من زوايا منزلها، يصورون أغراضها غير المرغوب بها، العدسات ما زالت تلاحق دموعها! يرمون بأغراضها داخل سيارة كبيرة، أشاهد تلك الأغراض أجزم بأني قد اشتريت واحداً منها!! حتى ذاك الدواء الذي قاموا برميه لقد شاهدته في إحدى (الصيدليات)، الحذاء لقد شاهدته أيضاً على هيفاء وهبي! لابد أن أبكي أنا أيضا وأشعل الفوضى في بيتي وحياتي كيّ أصبح أكثر أهمية، أصبح أكثر شهرةً أكثر مالاً!! ألوّح من بعيد بريشة مكسورة للحرية من أجل أن أقلل الكلفة على ميزانية حياتي! لماذا المواطن الأمريكي دائماً يبكي على الأشياء التافهة؟! في نفس المكان ومع المذيعة نفسها كان هناك احتفال (رأس السنة)، كم هي رقيقة هذه المذيعة (السوداء) وكأنها تريد قتل العنصرية بسكين مزينة ومرصعة بالجواهر!! الكل كان يتمنى أن يكون بنفس الاستديو حتى أنا! قتلت الفوارق وتفضلت على الطبقة البيضاء بكثير من بسيطها.

يقرصني البرد فأختبئ بلحافي الأخضر ولكن للأسف هذا الغطاء لم يعد يدفئني كثيراً، امتلاء بالرقع، تمزق بسبب تمسكي الزائد به رغم أنني قادرة على شراء الكثير مثله ولكن لابد من وجود اختلاف بالألوان!!!! أتعبني الإخلاص للحافي وأتعبني الانتماء له!!! أعود مرة أخرى لتلفزيوني ومذيعتي وأقلب المحطات لعليّ أحظى بفرصة أحسن أو أكثر.

ملامح البشر أصبحت متشابهة بشكل يثير القلق العيون نفسها مليئة بالدموع، الشفاه ممزقة الأقدام تتدلى من أصابعها أسماء أصحابها هل الجنس البشري توحد إلى هذه الدرجة؟! تثار أسئلة جماعية كتلك المقابر ولكن لا يوجد أحد يبحث عن إجابة، ربما بسبب الرهبة التي تثيرها الإجابات!! متى نموت؟ إذا توقفت عن الحياة!! متى ننام؟ حينما نجد ذاك الكسول كيّ يخترع سريرا أفضل! لماذا الشعب (العربي) فضولي هكذا؟! هل لأنه لا يحظى بكثير من الهدايا كالتي توزع هناك؟!! السنين هنا لا تجيد إلا الدوران والسقوط هو هو من الأعلى إلى الأسفل.

الكل هنا من أجل أن يعيش فقط!

*****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«7991» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- عنيزة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة