Culture Magazine Monday  26/01/2009 G Issue 268
فضاءات
الأثنين 29 ,محرم 1430   العدد  268
خُشُبٌ يخيفها النقد!
عبدالله بن أحمد آل ملحم

 

حين سئل (ويرنر دوام) عن رأيه في رواية (شفرة دافنشي) أسرف في ذمها بكلام جارح، وكان مما قال: هي رواية سخيفة وتافهة، وأضاف: لو وضع ورقها في المراحيض لينتفع به الناس لكان أجدى من طباعته براوية رديئة كهذه، بالطبع لم يكن هذا الكلام وغيره من نقد ونبز وتجريح ليحول دون انتشار (شفرة دافنشي) ولا ليسقط مؤلفها (دان براون) الذي لم يلتفت لمثل تلك الأقاويل، لأنها بكل بساطة لم تزعزع ثقته في عمله.

ويرنر دوام المستشرق والمثقف الألماني المعروف كان في وصفه ل(شفرة دافنشي) مُجرحا ولم يكن ناقدا، و(دان براون) كان يرى في تلك العبارات -على قسوتها- ممارسة طبيعية لحق القراء في التعبير عن مشاعرهم نحو رواية قرؤوها، والرواية إما أن تكون كما وصفت فهي تستحق ما نُعتت به، أو أنها ليست كذلك فلن يضرها ما رُميت به، ولذا لم يكترث بالرد على أحد، ولو فعل لما أتى هجرا من القول، ولما تجاوز حقه في الرد، ولكنه لم يفعل!

شفرة دافنشي نجحت كما لم تنجح رواية قبلها -سوى هاري بوتر- وقد طبع منها نحو خمسة وثلاثين مليون نسخة، وترجمت إلى معظم لغات العالم الحية، وحققت لمؤلفها ثروة تقدر بثلاثمائة وخمسين مليون دولار، والأهم من هذا أن ما قد يخشاه البعض حيال النقد المصوب نحوها.. لم يضرها في شيء، ولم يؤثر فيها أبدا، والذين استهدفوها ليضروها لم ينالوا منها شيئاً، وتلاشوا أمامها كمن يلوح بيده في الظلام، لم يثر انتباه أحد ولم يره أحد، تماماً كما هي قوى الظلام حين تندحر أمام إشراقات الحق والصواب.

ربما لأن إشعال شمعة في ظهيرة يوم مشمس لا تُضعف أشعة شمس مشرقة، والنقد مهما كان مراً ولاذعاً وقاسياً فلن يكون أمام الأعمال الكبيرة إلا كما تكون الشمعة من الشمس، أما الأعمال المفتراة التي لا قيمة لها، فهي التي يؤثر فيها النقد، ويكسف شمسها المزورة، والمفترون المزورون هم الذين يخيفهم النقد، ويرعد فرائصهم، ويصيبهم بالهلع، أما الصادقون الواثقون بقيمة عملهم وأعمالهم فلا يضرهم نقد ولا يستفزهم تثريب.

الأحساء

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة