Culture Magazine Thursday  02/06/2011 G Issue 344
أفق
الخميس 30 ,جمادى الآخر 1432   العدد  344
 
مقاربة
أمجاد العنزي في روايتها «أرواح لا تعرف النقاء»:
تميل تفاصيل الرواية إلى الجانب الوصفي المستفيض
عبدالحفيظ الشمري
-

تدشن أمجاد العنزي روايتها الجديدة «أرواح لا تعرف النقاء» ببناء حكائي يأذن لحديث الذات أن يأخذ هيئته الخطابية التأملية للكون العام، فلا تلبث هذه الومضة الاستشرافية إلا أن تتحول إلى مشاركة وجدانية تناجز الوعي وتضع صورا مقربة لنقد الواقع الذي تعيشه الشخصية المحورية في الرواية «كاترين».

فأحداث الرواية مفترضة وتميل إلى الجانب الوصفي المستفيض حيث تقف الكاتبة على طريق واحد يتمثل في معضلة البحث عن أم الفتاة التي تعتمد في مضامينها على كشف سر هذا الفقد حينما انفصل الأب الأمريكي عن الأم الأفغانية وأخذ ابنته معه حتى أصبحت في عمر الثانية والعشرين لتبحث عن أمها في مجاهل كابل.

فقد صاحب رحلة هذا البحث عن الأم في دهاليز الحرب الضروس حينما اختارت الكاتبة فضاء العنف الذي وصل ذروته في العام 2004م كتلويح منطقي إلى أن في هذه الحروب حالة إنسانية يجب أن تناقش وتفتح ملفاتها ولاسيما وأن الحرب وتجنيد الشباب للذهاب إلى المعارك كان هو الفرصة المواتية للبطلة كاترين أن تبحث عن والدتها.

الحبكة الحكائية في هذه الرواية اعتمدت على الحوارية من أجل إثبات صور أعم وقضايا أشمل تتعلق بهذه الرحلة التي اختطتها الكاتبة من أجل سبر أغوار هذه المعضلة التي تشترك فيها الإنسانية قاطبة.

فالفكرة الافتراضية كما أشارت في ملاحظاتها في (الصفحة التاسعة) حينما أومأت إلى أنها قصة خيالية فيما هي قصة واردة الحدوث بحيثياتها ومنهجها وفضاء سردها فلا خيال فيها أبدا ولاسيما وأن الكاتبة عنيت بتفاصيل واقعية وبتاريخ حقيقي لمعضلة الحرب في أفغانستان بل وبأسماء المدن الأمريكية والأفغانية مما يعطي للعمل صدقية أكثر حتى وإن حاولت نفي الواقع عنها أو وصفها بأنها افتراضية.

المتتبع لمنعرجات السرد في هذه الرواية يلمح اللغة المتميزة والأسلوب المتوازن وتحديد الأهداف العامة لحصر هذه القضية الإنسانية التي تحتاج بالفعل إلى إبانة وإعادة كتابة وتداول معلومات مهمة حولها لتكون في اليقين وثيقة تاريخية للزمن.

فالحيثيات التي اتبعتها الكاتبة في سرد قصة كاترين وأمها وصديقها جمس ومن حولها من رموز وأعلام ومشاهد وصور ودمار فاتك ورحلة أليمة في عمق البلد الممزق.

نلمح أن الكاتبة في هذا العمل أوردت شواهد تاريخية حقيقية على نحو غزو أفغانستان من قبل الروس وكذلك الأحداث المصاحبة لتلك الحقبة التي افترضت فيها وجود تلك العلاقة الزوجية بين أم كاترين ووالدها الذي كتب عليهما الانفصال لعدم توائمهما دينيا مما حدا بالسرد أن يتوتر ويزدهر وتصبح حالة محفزة لتناولها وإثبات واقعيتها ولاسيما في ظل قيام هذه المعادلة غير المتكافئة بين نظرتين متباعدتين واحدة تشير إلى وجود الإرهاب وضرورة محاربته وأخرى ترى أن العنف والغزو هو مدمر وأشد فتكا وعلى هذا المنوال تتوارد الحكاية كاملة غير منقوصة.

في رواية «أرواح لا تعرف النقاء» للكاتبة أمجاد العنزي بعد استرجاعي لمفردة خطاب الألم الإنساني للمرأة التي تعطي عادة بسخاء في هذا المنوال حيث جاءت الحوارية مرتبة بإتقان، وصيغت الأحداث بأسلوب جيد فكانت هذه المعالجة مختلفة لأنها تتصور ما قد يجول في ذهن الطرف الآخر من معادلة الحرب التي لا تزال تزهق أرواح الأبرياء وتصنع من الواقع بعداً أليما لا يمكن إلا أن يثور الجميع ضد ظلمه وتجبره لكي ندافع عن الإنسانية بكل ما نملك على نحو هذه القصة أو الحكاية التي برع الراوي في تدوينها.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة