Culture Magazine Thursday  02/06/2011 G Issue 344
فضاءات
الخميس 30 ,جمادى الآخر 1432   العدد  344
 
المثقفة منى الشاذلي.. الجاذبة
د. زهير محمد جميل كتبي
-

نحن في بلادنا نستحي باستحياء شديد ومزعج، وخوف مرعب أن نكتب عن المرأة أو النساء، ونكشف إعجابنا بهن في أي مجال من مجالات الحياة العامة. واليوم أريد أن أقشع برقع الحياء، وأكتب عن المثقفة والإعلامية المصرية الجاذبة والمريحة والرائعة - منى الشاذلي مقدمة برنامج العاشرة مساء في قناة دريم (2) المصرية. هذه المرأة الجميلة المبتسمة، والتي تضيف ابتسامتها جمالاً على جمال البسمة. إنها الأنثى الحقيقية القادرة على خلق الروح الباسمة المريحة للنفس، امرأة متنورة ومحاورة قوية، ومناورة ثقافية متمكنة، تملك مساحة كبيرة وواسعة من الثقافة والفكر.

تحترم ضيوفها، ولكنها لا تجاملهم في الحق ومواجهتهم بالحقائق والأدلة المقنعة، حاضرة البديهة، سريعة التعقيب لا تفوتها لا شاردة ولا واردة سريعة في مداخلاتها.

كسرت ملامح الإعلامية والمذيعة المتجهمة، المتبرمة التي تقتل البسمة في داخلها، انتصرت فيها الأنوثة الحقيقية على الثقافة فشكلت جمال المرأة المثقفة.

أنيقة في شكلها وجمالها، وتملك عينين جاذبتين للنظر، وعيونها تتحرك كأنها عيون الصقر المتيقظ. أنيقة في ملابسها، أنيقة في حديثها، رشيقة في كل شيء، عندما أجلس أمام شاشة التلفزيون لكي استمتع بمشاهدتها يومياً ولمدة خمسة أيام في الأسبوع أشعر يومياً أنها تشعل في داخلي الضوء الأخضر. فلا اشعر بالزمن وقد مرمنة ساعتين من عمري.

لم أشاهدها وهي غاضبة على ضيف، أو منفعلة ضد أي نوع من المداخلات، غير عابئة بأصوات المداخلات المتضاربة أو الفئوية، تملك قدرة قوية ورائعة في امتصاص احتقان ضيوفها في الإستوديو، عندما يبدأ البعض من ضيوفها بإلقاء كتل النيران على الطرف الآخر، تضغط بقوة على ضيفها وبقوة حركات جسمها الرشيق ويديها الناعمتان لكي تخرج الحقائق والخفايا التي بداخله، وأخيراً تبتسم له بهدوء البسمة الأنيقة التي تمتلكها. فيسيطر الهدوء على الإستوديو من جديد. وتريد من المشاهد أن يعيش معها لهفة الحدث المجتمعي، لرغبتها أن يحرك كل المشاهدين في مصر وغيرها هوائيات منازلهم نحو برنامجها الحضاري والرائع، وأزعم أن برنامجها الأكثر جماهيرية لدى المصريين وغيرهم.

تتحدث عن الشارع المصري بثقافة امرأة رائعة وحضارية وصلبة ومتمكنة من فكرها وثقافتها، حتى في كثير من الأحايين عندما تقوم بمقاطعة بعض ضيوفها لتصحيح معلومة دينية أو تاريخية أو سياسية. فتتحدث عن مآذن المساجد في مصر وكأنها مؤرخ متمكن، وتحكي عن مداخن المصانع وكأنها مهندس، وتتناول الحدث السياسي وكأنها تعمل في أروقة السياسة تأكيد لدور التلفزيون في عملية التنوير. ووجدت أن هذه المرأة الرائعة والشديدة الجمال، والصلبة في أنوثتها تعمل بفهمها على نشر المعرفة فيمتدد أفقها لمواقع فهمها في الشارع المصري بهدف تغيير الاتجاه الإجباري في حدث ما بالشارع المصري.

منى الشاذلي مثقفة مبدعة ومتنورة، وهي امرأة حازمة في عملها وإنتاجها، وأعتقد أن هذه السيدة الجميلة لها دور في تغيير واجهة الوطن المصري، وخاصة في الجوانب الإعلامية، وفعلت ببرنامجها الكثير من الحراك الثقافي والسياسي، وكان أحد مكوناتها الهدوء في الطرح والمناقشة والاقناع والمحاورة والمجادلة. وهي تقاوم بصمت للواقع الانفعالي الذي يخلقه بعض ضيوفها في برنامجها اليومي، وهي تفعل ذلك مدركة أن الزمن. لم يعد هو الزمن للمذيعة سبقها وأفقها ومحاكمتها تكون صعبة في كثير من الأحايين خاصة إذا كانت تمارس عملها الإعلامي على الهواء مباشرة، لأن العمل الفضائي المباشر له ظروفه وخصوصيته وبيئته وآلياته. فمن الصعب جداً محاكمة المذيعة بظلم للتجربة أو نجاحها، وفهم التجاوزات والايجابيات، لأن عمل مثل منى الشاذلي فيه الكثير من المبادرات الفردية الشاذلية، فهي تصطبغ بالعفوية والتركيز الشديد على ضبط الأمور حتى لا تنفلت الحلقة من يدها فلا تستطيع أن تتحكم في إدارتها. ويؤثر على كل ذلك على مستوى القراءات النقدية التي تميزت بها الإعلامية المبدعة منى الشاذلي، ويلحظ المشاهد أن برنامجها فيه الكثير من الهوامش الخارجية والمستجدة التي تصلها عبر المداخلات المباشرة، والتي تحسن منى التعامل معها والتحكم فيها، ومن مزايا هذه الرائعة المثقفة أنها ترفض أن يقدم ضيفها حديثه على شكل خطب الوعاظ ومرتقي المنابر، وخاصة عندما يكون الضيوف من جماعة الإخوان المسلمون أو السلفيون، فتنتقل بمداخلتها ومقاطعتها لهم بآلة الموضوعية فتستعيد موضوع الحلقة.

تعجبني بشدة هذه الأنثى -شديدة الأنوثة- عندما تكون مصغية بأدب ووقار لضيوفها، ولكنها لا تصطف مع طرف ضد آخر، وهذه الحيادية منحتها وبرنامجها مساحة كبيرة من المصداقية والموضوعية فهي لا تريد أن يكون برنامجها مكرر الموض وعات وأن لا يكون ضيوفها متكررون.

تعتمر وترتفع يديها وعيونها الجميلتان ويزوي حاجبيها عندما تتعمق في المناقشة والمحاورة والمجادلة بطريقة حركية إعلامية قد لا يستطيع ممارستها الكثير من الإعلاميات المذيعات، فهي بعيدة عن الجمود الجسدي أثناء طرحها.

والارتباط بينها وبين الضيوف ماثلاً في الجدية بعيدة عن التجهم وتكشيرة الوجه التي تستفز المشاهد.

لم أرها إلا مبتسمة تؤلف وحسب الحاجة الفكاهة وتدخل الأخبار في حديثها ومناقشتها بما يشير إلى أنها ذائقة للفكر والحدث السياسي.

بقي الأهم رغم مرور الأحداث الكبيرة في التاريخ المصري ولا يزال يستمر تدفق الأحداث المجنونة، تظل منى الشاذلي بكفاءتها الإعلامية، ومخرجاتها الحوارية والثقافية رقماً يستحق التقدير والإعجاب.

ولا يفوتني إلا أن أنوه وأشيد بجديتها في النقد وسخريتها اللاذعة والتي تستخدمها عند الضرورات لتبقى تجربتها الإعلامية والإبداعية هي التي تميزها عن غيرها من الإعلاميات والمذيعات في مصر.

منى الشاذلي تمتزج في بنيتها الثقافية الفكر المصري المتفتح وعلاقاته بالآخر، فلذا فهي شخصية إعلامية ثقافية شمولية، فهي ذات نكهة خاصة في ظهورها على الشاشة.

أتمنى، أتمنى، أتمنى على القائمين على التلفزيون السعودي وبكل قنواته وتفرعاته أن يخرجوا لنا إعلامية ومذيعة في شكل ومستوى ومكانة منى الشاذلي الرائعة جمالاً، والمبدعة أداءً، والحضارية في سلوكياتها. حتى لو أدى الأمر إلى عملية استنتاج.

والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض.

Zkutbi@hotmail.com

www.z-kutbi.com

-

+ مكة المكرمة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة