Culture Magazine Thursday  02/06/2011 G Issue 344
ترجمات
الخميس 30 ,جمادى الآخر 1432   العدد  344
 
متهم بسرقة أفكار الآخرين والتبشير بالمورمونية...
الوجه الآخر لأهم مفكر في علم الإدارة: ستيفن كوفي
-

تقديم المترجم

هذا تقرير فكري هام للغاية لأنه يكشف بالأدلة سرقات بائع الوهم الشهير البروفيسور ستيفن كوفي مؤلف الكتاب الشهير في فن الإدارة «العادات السبع للناس الأكثر فعالية» الذي يسوق بدهاء وتدليس نظرياته الإدارية على الشركات حول مبدأ النجاح والتميز وهو ليس سوى لص سارق لأفكار غيره. والاتهام بالسرقة ليس من عند المترجم بل من الكاتب وهو رئيس مكتب مجلة الإيكونوميست في واشنطن سابقاً البروفيسور أدريان وولدريج الذي ذكر الأدلة ومصادر أفكار كوفي الحقيقية بالتفصيل وكذلك رأي زملائه مفكري الإدارة فيه. وقد ترجمنا كلمة Guru لتصبح «مفكر» وتعريبها «غورو» وهو المعلم أو المرشد صاحب الفكرة الملهمة الذي يصبح له مريدون وأتباع كثر. ونلفت النظر إلى أن الكاتب يكتب بتهكم وسخرية لاذعة وقد أشرنا إلى ذلك بين (قوسين) حتى لا يختلط الأمر عند القراء. ونلفت النظر أيضاً إلى أن جميع الكلمات التوضيحية التي بين (قوسين) وكذلك علامات التعجب هي للمترجم. وقد أضفنا ملحقاً من اختيارنا عبارة عن تعليق تحذيري للكنيسة الإنجيلية الأمريكية من أفكار ونظريات كوفي لكونها تدعو للديانة المورمونية. والمورمونية في الأصل طائفة مسيحية منشقة وتسمح بتعدد الزوجات ولكن كاتب التعليق القس غوردن يصر على أنها طائفة مهرطقة ومرتدة عن المسيحية وبمثابة ديانة جديدة لا تنتمي للمسيحية السائدة (كاثوليك، بروتستانت، أرثوذكس، إلخ).

مقال:

«العادات المزعجة الثلاث لستيفن كوفي»

ستيفن كوفي مغرم حالياً بإخبار الناس أنه يؤلف كتابا عن شرور التقاعد: «عش الحياة حتى الذروة» (تهكم)!!!

ولذلك، ليس هناك خطر من الخفوت والتضاؤل التدريجي لهذا الغورو بشكل خاص. السيد كوفي يؤلف حاليا تسعة كتب أخرى (تهكم)!!!، منها واحد عن كيفية إنهاء الجريمة (تهكم)!!! كما أنه يرأس امبراطورية أعمال تتسع باضطراد أكثر من عائلته التي تنمو بسرعة متزايدة حيث لديه 51 حفيداً من 9 أبناء وبنات عندما ذهبت المجلة للطبع وقابلة للزيادة في كل لحظة (تهكم)!!!

السيد كوفي بدأ علامته التجارية في 1989 عندما حوله نشر كتابه «العادات السبع للناس الأكثر فعالية» إلى نجم ساطع. ثم تابع بذكاء بنشر تتمات ومشتقات لنفس الكتاب مثل «العادات السبع للعائلات الأكثر فعالية» ومن ثم «العادة الثامنة». وهو أيضاً الشريك المؤسس لشركة استشارية باسم «فرانكلين-كوفي»، التي تسوق ما يسمى بـ «أدوات وتقنيات النجاح» للشركات. حتى الآن، باع كتاب «العادات السبع للناس الأكثر فعالية» 15 مليون نسخة في 38 لغة، كما باعت ثلاثة من كتب السيد كوفي أكثر من مليون نسخة لكل منها.

خبطته تمثلت في إزالة الجدار الفاصل بين فكرة «الإدارة» من ناحية وفكرة «المساعدة الذاتية» Self Help من ناحية أخرى. «العادات السبع» خليط من لغة الاستشارة الإدارية، («التآزر» Synergy وما شابه ذلك)، مع المواعظ الأخلاقية التي توجد في كتاب «المساعدة الذاتية» الرائد والشهير لصمويل سمايلز (1812-1904)، وفي كتاب «قوة التفكير الإيجابي» لنورمان فنسنت بيلر (1898-1993)، وفي كتاب «12 خطوة لمقاومة الإدمان على الكحول» الذي ألفه مدمنون مجهولون، ومشتقاتهم من الكتب القديمة التي أصبحت مجهولة حاليا. السيد كوفي يصر على أن مفتاح النجاح للأفراد والشركات هو إطلاق العنان للقوة التي توجد داخل كل فرد. «الانتصارات الشخصية تسبق الانتصارات العامة» كما يحب أن يقول دائما.

من المغري لنا اعتبار السيد كوفي مجرد شخصية هامشية. ولكن هذا سيكون خطئا. إنه عضو مرموق ذو سعر مرتفع في نادي ما يدعى بـ «نظرية الإدارة» Theory Management، وحاصل على درجة ماجستير إدارة أعمال MBA من كلية هارفارد للأعمال HBS وحصل على الدكتوراه في «التعليم الديني» من جامعة بريغهام يونغ المورمونية في سالت ليك سيتي. هذا النادي من مفكري الإدارة يحتوي على العديد من المفكرين الجادين. والبعض منهم، مثل البروفسور كلايتون كريستنسن يقدر عمل كوفي بلغة ساطعة (تهكم) قائلا: إن كوفي سرق فكرة «العادات السبع» جزئيا من كتاب لبيتر دروكر الذي يعد المفكر الأكثر شهرة في مجال الإدارة في القرن العشرين. ويضيف كريستنسن أيضا أن عادة «الفعالية» Effectiveness، مع عادة «الأهم أولاً ثم الأقل أهمية» First Things First مسروقة مباشرة من بيتر دروكر. مؤسسة «فرانكلين-كوفي» تدعي أن قائمة عملائها تشمل 90% من قائمة أهم 100 شركة حسب مجلة فورتشن، وكذلك 75% من قائمة أهم 500 شركة حسب قائمة مجلة فورتشن أيضا. وليس السيد كوفي أول من مزج «الإدارة» مع «المساعدة الذاتية». ففي بداية القرن العشرين حاول فرانك غيلبرث (1868-1924)، أحد رواد علم النفس الصناعي، أن يربي أطفاله الـ 12 وفقاً لمبادئ فريدريك تايلور عن (الإدارة العلمية) فقد اكتشف غيلبرث أنه يمكنه أن يقلص الوقت الذي يستغرقه لحلاقة ذقنه إذا استخدم شفرتي حلاقة في آن واحد، ولكن بعد ذلك تخلى عن الفكرة تماما عندما وجد أن ذلك التطوير يحتاج دقيقتين إضافيتين لتضميد الجروح وإيقاف الدماء الناجمة عنه!!

السيد كوفي ليس إلا شخصاً يغرد خارج السرب ويعيش خارج الواقع، بمعنى أنه يجسد، في شكل متطرف، العديد من العادات الأكثر إزعاجاً لـ«صناعة الغورو» Guru Industry. ولعل أقلها سوءاً عادة «إنتاج قوائم مرقمة من العادات». لكن هناك على وجه الخصوص ثلاث عادات مزعجة لكوفي يجدر بصفة خاصة فضحها.

العادة المزعجة الأولى

تقديم أفكار قديمة متعفنة كاكتشافات حديثة مذهلة لكوفي. أعلن السيد كوفي في خطبة ألقاها مؤخراً في لندن، أن الرأسمالية تمر في منتصف مرحلة «تحول في النموذج الفكري/المعرفي» من «الإدارة الصناعية» التي تعامل الناس كأشياء إلى «إدارة عصر المعرفة» التي تحاول إطلاق عنان الإبداع. غاري هامل، الذي يعتبر وفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال» هو المفكر المعاصر الأكثر نفوذا في مجال الأعمال صرح: «للمرة الأولى منذ بزوغ العصر الصناعي، أصبح السبيل الوحيد لبناء شركة لائقة للمستقبل هو بناء شركة تناسب البشر في نفس الوقت» أي تشجع وتستخرج بفخر المبادرات والإبداع من الأفراد وتقدر مشاعرهم/ عواطفهم كبشر وليس آلات ومكائن وهي فكرة مهمة لنجاح العمل في الألفية الثالثة. لكن مفكري الإدارة وضحوا نفس هذه النقطة طوال عدة عقود ماضية. وليام أوتشي أعلنها عام 1981 تحت ستار Theory Z «نظرية زد: كيف تستطيع طريقة الإدارة الأمريكية مواجهة التحدي الياباني؟» . كما تحدث عنها كل من إلتون مايو، وماري باركر فوليه قبل 60 عاما. هذا يجعلنا نتوق لغورو يفكر «خارج الصندوق» ويجادل أن المستقبل سيكون للشركات التي تكون «غير مناسبة للبشر» وهذا ما قد يحدث فعلا!! (تهكم ناقد للرأسمالية المتوحشة!!!).

العادة المزعجة الثانية

هي «تسمية شركات نموذجية». تناثرت في كلمة السيد كوفي في لندن إشارات إلى الشركات التي يعتقد أنها تدار بشكل رائع، وأشار بغرابة، إلى قسم ساترون التابع لشركة جنرال موتورز، الذي يوشك الآن على الإفلاس والخروج من عالم الأعمال!!! توم بيترز بدأ مشواره بتأليف كتابه الشهير «البحث عن التميز» في عام 1982 (الذي شرح فيه فن الإدارة الممارس في أهم الشركات الأمريكية الناجحة إداريا). كما كتب جيم كولينز سلسلة كتب لعمل دعاية لفن الإدارة في عالم الشركات.

بحثا عن الدقة

ولكن هل تثبت هذه السير والحكايات المقدسة Hagiographies عن الشركات أي شيء؟ المفكرون يتجاهلون دائما احتياطات أساسية كأهمية توفير مجموعة مراقبة قياسية control group (أي مجموعة شركات محايدة لتكون معيار لقياس صحة النتائج مثل مجموعة البلاسيبو Placebo في اختبارات الأدوية). بعد خمس سنوات من صدور «البحث عن التميز»، أصبحت 30% من تلك الشركات التي تمت تسميتها كشركات متميزة وناجحة في الكتاب تزأر مستغيثة بسبب مشاكل عميقة. قام أندرو هندرسون من جامعة تكساس في الآونة الأخيرة بتعريض ما يسمى «دراسات التميز للشركات» إلى عملية تحليل إحصائي دقيق. واستنتج إلى أنه يمكن أن يكون السبب المحتمل لنجاح تلك الشركات هو «الحظ» تماما بنفس نسبة كون السبب هو «التميز»!!!

العادة المزعجة الثالثة

هي ربط «القوائم المرقمة للعادات» أو المبادئ السطحية التي يروجها بأدوات وتقنيات إدارية يسوقها بنفسه. السيد كوفي يعزز أهمية عاداته الثمان التي نسبها لنفسه مع وسائل تشخيص إدارية حددها هو مثل «اختبار XQ» (والذي يقيس الفاعلية التنظيمية/الهيكلية بطريقة تماثل «اختبار معدل الذكاء» IQ Test). الشركات الاستشارية في مجال الأعمال تحب أن تقنع عملاءها بأن مفتاح النجاح يكمن في «إدارة علاقات العملاء»، ومن ثم يتكسبون بوفرة من بيع الأدوات الإدارية التي يطورونها بأنفسهم على عملائهم لتحسين نجاح تلك الشركات!!!

ولكن معظم هذه القواعد ليست أكثر من مناورات لمعرفة اتجاه الريح. المفكرون يبشرون بفضائل «القدرات المحورية». ولكن في العالم النامي العديد من الشركات المتنوعة للغاية والناجحة تجتاح المشهد أمامهم بسرعة. «إدارة علاقات العملاء» ليست سوى التعلم عن ومن العملاء. لكن هنري فورد شرح هذه الفكرة بصورة رائعة عندما أشار إلى أنه لو استمع إلى مطالب ونصائح زبائنه لكان قد صنع أفضل «عربات تجرها خيول»!!!

وهذا الأمر يشير إلى الشيء الأكثر إزعاجاً من مفكري الإدارة: وهو أن فشلهم المتواصل لا يؤدي إلا إلى تأجيج وتزايد الطلب على خدماتهم!!! لو كانت فكرة «الإدارة» يمكن في الواقع تقليصها إلى عدد قليل من المبادئ البسيطة، فلن يكون هناك حاجة لمفكري الإدارة. (أي أن مفكري الإدارة لا يريدون تبسيط فن الإدارة مطلقا بل يفضلون تعقيده ليكون هناك طلب عليهم وحاجة لنظرياتهم) ولكن الحقيقة الواضحة هي أن الإدارة تتحدى الحلول السهلة، مما يجعل المديرين في حالة دائمة من القلق، وهذا يعني أنه سيكون هناك دائما طلب على كتب مثل كتب السيد كوفي!!! انتهى مقال الإيكونوميست.

المبشر كوفي

جاء في مقال نقدي طويل للواعظ الإنجيلي بيل غوردون:

«لكي نفهم نموذج «العادات السبع» بطريقة حقيقية، نحتاج أن نكون على إطلاع على النشأة اللاهوتية للمؤلف. ستيفن كوفي إنسان محافظ دينيا، وعضو ملتزم في الكنيسة المورمونية، ولم يؤلف فقط كتباً لتطوير الشخصية قام بتسويقها من خلال المكتبات العلمانية، ولكنه ألف كتباً عقدية دينية مخصصة للجمهور المورموني أيضا، فقد خدم كوفي في الكنيسة المورمونية في عدد من المناصب بما في ذلك أسقف Bishop، ومبشر متفرغ بدوام كامل، وممثل إقليمي، وعضو في العديد من لجان الكنيسة المورمونية، وعضو مجلس إدارة منظمة المرأة المورمونية الشابة».

«كتاب كوفي الديني «مركز الألوهية» The Divine Center الصادر في 1982 يتمحور حول تركيز حياة القارئ حول كنيسة وإله المورمونية ويعتبر مدخل عقدي وتمهيد للديانة المورمونية حيث يؤكد فيه أن الطريق الحقيقي والصحيح يكمن في الكنيسة المورمونية ونبيها جوزيف سميث ويرفض بالتالي جميع الديانات الأخرى ومن ضمنها المسيحية السائدة Main Stream. في الواقع هذا الكتاب الديني هو أساس كتابه اللاحق «العادات السبع» حيث إن الكثير من الأفكار التي وضعها في «مركز الألوهية» عام 1982 أصبحت الأسس التي بنى عليها كتابه «العادات السبع» الصادر في عام 1989».

«وبالنسبة لأولئك المسيحيين، ولا سيما قادة الكنائس المؤمنة الذين يستخدمون كتب كوفي، أرجوكم لاحظوا أنه من أجل تطبيق عادات كوفي فإن الشخص يجب أن يستسلم بطواعية للديانة المورمونية (الكنيسة والإله)، وإذا لم يفعل، فإن كوفي يعتبرك معارضا لله ومطيعا لإله آخر مزيف وتتبع خريطة روحية غير صحيحة».

-

+ - المغرب

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة