Culture Magazine Thursday  26/05/2011 G Issue 343
أفق
الخميس 23 ,جمادى الثانية 1432   العدد  343
 
مقاربة
خالد الخضري في روايته «رعشة جسد»:
رواية «رعشة جسد» تبحر في عوالم البحث عن الذات
عبدالحفيظ الشمري
-

رواية «رعشة جسد» للقــاص والـــروائي خالد الخضري تنحو في مجملها إلى سبر أغوار العاطفة الدافئة لذلك التنافس الأزلي بين قلب الرجل المعبأ بحكمة الصمت وعاطفة المرأة تساوقها رفرفات الحلم وجذل الدهشة الأولى في اللقاء الوجداني المشبع بالزهو.

يبحر الراوي لأحداث ومشاهد ومواقف شخوص رواية «رعشة جسد» يبحر في تضاعيف خلجان هادئة وبحيرات عذبة وغابات من حب ندي، بل يسعى إلى محذات الأمل دون أن يقترب في قاربه من حدود النزوة العاصفة، أو براكين الحب المفرطة في ثورانها، بل نراه وقد قارب بشكل هادئ ومتوازن بين المشاعر من أجل الوصول إلى حقيقة التكامل بين الرجل والمرأة في بناء مشهدية جميلة للحب المفترض أن يكون بينهما.

تبدأ رحلة الراوي بطل الرواية في النزوح نحو بلاد بعيدة عن موطنه الأصلي من أجل البحث عن الذات التي يحتاجها ويتأملها. فهو فرار من مجهول عاطفي إلى مجهول واقعي أكثر تعقيداً ونأياً، لتكون سبباً للحديث عم يجول بخلده وما يختزنه من مشاهد إنسانية بحاجة إلى تفاعل يمكن أن يفضي إلى حقيقة مهمة تهم الجميع وتؤكد أن في الحياة ملمحاً جميلاً حتى وإن كانت في مجملها قاسية على البعض.

فالروائي الخضري شرع في وصف تفاصيل الرحلة التي يبحث فيها عن الذات من خلال نبرة خطاب شيق يقتسمه مع الأنثى التي جاءت في الرواية على هيئة طرف آخر مهم في القصة أو الحكاية التي لا تحتاج إلى تعقيد إنما إلى تبسط وعرض يزاوج بين الرؤية والمنطق المناسب إي أنه يرى أن لكل مقام مقال، فطالما أنه يصف بعاطفته تفاصيل أيام السفر فهو لا يملك سوى عرض المواقف المعبرة بأسلوب شيق يقبل عليه القارئ.

المعالجة الحقيقية في الرواية تذهب إلى تشخيص الحالة المضطربة أو المواقف المشوهة أو التظاهر بالنبل والفضيلة بل وإدعاء الطهر عند بعض المجتمعات في وقت يجر بالجميع قراءة الواقع على نحو جمالي يبحث عن التوازن وتحقيق الهدف الأساسي للحياة.

مشاهد الرواية تأتي على هيئة لوحات حكائية متقنة ومتوازنة في بناء رؤية بانورامية عم يريده الرجل من السفر لا سيما حينما يزج البطل بذاته بين تفاصيل التجربة رغبة منه في كشف الكثير من الصور التي تعايش معها ووضعها رؤية تستحق المطالعة والنقاش حولها.

تسير الحكايات بشكل شيق ويدونها الخضري بلغة متميزة تبتعد عن الإطالة والحشو بل تصبح أيقونة لمعرفة الموقف واستخلاص الهدف الذي ساقه الراوي حينما يفصح عن تفاصيل رحلته بكل ما فيها من أبعاد معنوية ومادية.

ومن هذه الأبعاد المادية والمعنوية يمكن للقارئ أن يكتشف حجم الرؤى التي يمكن أن تتم مناقشتها في المكاسب المعنوية الممكنة، بل لأن المعنوي في الرواية هو الذي يطغى على المشهد بل يمكن للراوي أن يحول كل حدث مادي إلى بعد معنوي لأي أنه يستخلص العبرة من هذا الوجود الذي يحضره ويعيد ترتيب أوراقه فيه.

البطل في الرواية يبذل قصار جهده في كسب أكبر قدر ممكن من المعلومات من أجل أن يفصح عن ما هو جدير بالاهتمام والمتابعة على نحو تجشم عناء البحث عن صديق مناسب يحيل هذه الغربة إلى تجربة وجدانية حميمة وهذا ما سعى إليه الروائي خالد الخضري في هذه الرحلة الحكائية الشيقة والجديرة بالمتابعة والاستقصاء لأدق تفاصيلها فهي من قبيل أدب الرحلات التي عادة ما ترتبط القصة الحقيقية بمخيال كتابي يثير القارئ ويحفز الذائقة على التلقي.

-


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة