Culture Magazine Thursday  26/05/2011 G Issue 343
فضاءات
الخميس 23 ,جمادى الثانية 1432   العدد  343
 
صدى الإبداع
المرأة والتنمية
6- الإبداع النقدي
د. سلطان القحطاني
-

إذا تحولنا من النقد الصحفي إلى نقد النصوص الصادرة في مجموعة أو رواية، طويلة أو قصيرة، فسنجد المرأة لم تقل في مستواها النقدي عن الرجل، بحسب الذائقة التي ذكرت أمل القثامي، أن الدكتور الشنطي قد أهملها واتجه في دراسته إلى المنهج المدرسي وخدمة الطالب مباشرة، فالعُروض والمقاربات النقدية أصبحت من ضمن المقال النقدي بشكله العام، وشكله الخاص بالنصوص الأدبية، فسنجد أمل زاهد كاتبة المقال المعروفة، تتجه في بعض مقالاتها إلى القراءة النقدية الأدبية، ففي مقال لها تناقش تشظي الذات الأنثوية، وهي تناقش القاصة (هدى المعجل) في مجموعتها الثانية (التابو Taboo) بروح الناقد الأدبي، وهذا دليل على قراءة واعية للنصوص، بجانب ثقافة عالية في الدرس النقدي، فاجتماع الذوق بمعلومة النقد - كحقيقة علمية - يعطي الناقد دفعة قوية من التحليل النقدي بدون اللجوء إلى العبارات التبجيلية والدوران في محيط اللغة القاصرة عن أداء المعنى، كما يفعل المقدمون للمجموعات والروايات والكتب. تقول أمل زاهد: «لا بد أن يجذبك اسم (التابو) في ثقافة تمتلئ بالمحظورات والممنوعات والأسلاك الشائكة والمناطق المختومة بالشمع الأحمر، لذا يأتي عنوان مجموعة هدى المعجل الثانية ذكياً ومختاراً بحرفية عالية، ليوقظ كل حواس الفضول لدى المتلقي ويهيئه لاستقبال فعل القراءة، يأتي أيضا لون الغلاف الأصفر الباهت ليعزز الإحساس بالسرية والغموض والالتفاف حول الأشياء، وكأن هدى تريد أن تهمس لك بمعانات شخوصها وأبطالها وتجعلك تتسلل إلى عوالمها السرية في غفلة منهم، بينما تساهم لوحة الغلاف المعبرة والرائعة للفنان السوري بشار العيسى في إعدادك للدخول لعوالم هدى المعجل وفضائها السردي، فاللوحة التجريدية تريك رجلاً وامرأة في مهب الريح... والأنواء تعصف بهما من كل جانب، وبينما نكست المرأة رأسها وخفضته، يحاول الرجل رفع رأسه ونصب جسده ليواجه العاصفة» ونستطيع أن نفهم المجموعة ما ترمي إليه من خلال الغلاف الذي رسمه الفنان بشار العيسى وحللته الناقدة أمل زاهد، مفردة تلو أخرى، من فلسفة ورمز وإيحاء، في براعة من لكاتبة وقدرة من المصمم، وقراءة مستفيضة من الناقدة. وتكتب الدكتورة أميرة الزهراني دراسة معمقة رأت أن تنشرها مقدمة إياها على كتاب تصدر بين دفتيه، وهي دراسة لعدد كبير من القصص القصيرة لعدد من الكاتبات في السعودية، وبما أن الكاتبات تجاوزن التابو الذي تحدثت عنه أمل زاهد في مالها النقدي السابق، فإن أميرة الزهراني استطاعت أن تجمع عدداً لا بأس به من القصص القصيرة في مقالها النقدي هذا، وترى الزهرانية أن كتابة القصة القصيرة مرتبط بتعليم المرأة الذي أسس عام 1960م، (تحدثنا عنه في بداية البحث) وأن أول مجموعة قصصية صدرت، كانت للقاصة نجاة خياط، واستشهدت الباحثة بمقولة لكاتبة القصة القصيرة الدكتورة/ فوزية البكر، وترى الباحثة أن الحياة التي رسمت من قبل الكاتبات كانت تطل على العالم من نافذة صغيرة ذكرتها فوزية البكر منذ السبعينيات الميلادية، ثم تابعت الباحثة مسيرة القصة القصيرة، وذكرت أن القصة القصيرة تضخمت في التسعينيات حتى ضاقت بها رفوف المكتبات ومنافذ البيع، وأكدت الباحثة على وجود عدد ممن التزمن خط الكتابة إلى الآن، ومن سواهن تراجعن لظروف غامضة، وهذا ما أكده كثير من الباحثين، على أن عمر المرأة في الكتابة قصير، قياسا بالرجل، فقد نشرت صحيفة (الجيران) الإلكترونية ملفاً بعنوان (حسنات الأدب النسائي بدول الخليج) لمجموعة من الكتاب أكدوا فيه هذه المقولة، وإن لم تكن دقيقة، لكنها واقعية، واستعرضت الباحثة اتجاه القصة القصيرة في بداياتها، ثم الوسط، ثم في آخر ما كتب، محللة النصوص التي كتبت من البداية إلى النهاية، وهي دراسة جادة أوضحت فيها الباحثة ملامح ورؤى الكاتبات ومعاناتهن من الوضع الاجتماعي والتيارات الأخرى التي تقف في طريق تقدمهن في سبيل التنمية الثقافية؛ وترى الباحثة أن القصة القصيرة هي الطفل الرضيع ( للكاتبات) مهما اتجهن إلى فن من فنون النثر والشعر غير هذا الفن، والسرد - بشكل عام صفة من صفات النساء، لكن جرأة الرجل في الزمن السابق بحكم تعليمه المبكر، الذي يقدر بعقدين من الزمن، أهله لأخذ هذا المنحى الأدبي، ثم لحقت به المرأة، لأنها لا تستطيع المشافهة في كثير من الأحيان، ولا البوح بما يدور في نفسها، لكن رسخ في أذهان الكثير على أنه القادر على ممارسة الفنون بدون تحفظ، أما المرأة فليس لها ذلك في بيئة محصورة للرجال، ولذلك تقول الروائية والأديبة أميمة الخميس: « إذا أردنا أن نقيم شيئاً فلا بد من وجود مقياس، ومقياسنا هنا مقارنة المثقفة السعودية بشقيقاتها الخليجيات، بالفعل سنجد أنها مميزة أكاديميا وأدبياً على الرغم أن الفضاء عندنا ليس صديقاً للمرأة، بل هو فضاء متحرز، ولذلك تحتاج المرأة إلى أن تكون واثقة بنفسها وطرحها، كما ينبغي أن يكون طرحها تقدمياً ضمن مسيرة الإصاح التي نعلق عليها آمالنا، وبالرغم من صحة هذه المقولة إلا أن المرأة استطاعت أن تخترق هذا التابو، وتنافس الرجل في عدد من المجالات الثقافية، وهذا دليل قاطع على أن العلم والفن ليس حكراً على فئة معينة من البشر، وأن الإشاعات التي يروج لها المغرضون ضد نشاط المرأة التنموي ليس لها حظ من الصحة.

وللحديث بقية.

-

+ الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة