Culture Magazine Thursday  26/05/2011 G Issue 343
قراءات
الخميس 23 ,جمادى الثانية 1432   العدد  343
 
لننشر أفكارنا من دون إذلالها
د. بندر آل جلالة
-

من طبيعة الإنسان سعيه الدائم إلى إقناع الآخرين بأفكاره وآرائه مهما كانت بساطتها أو ضخامتها، وهذا ما يسعى إليه دوماً العديد من المفكرين والفلاسفة والكتاب والأدباء والزعماء والسياسيين وغيرهم بل حتى الإنسان البسيط.

ولذا فالأفكار تنتقل من شخص لآخر، ومن جيل لآخر، ومن شعب لآخر بسبب هذا الطموح الإنساني المتواصل.

ويؤكد أحد الباحثين أن الأفكار تنتقل بإحدى طرق ثلاث:

الطريقة التلقائية.

الطريقة التضليلية.

الطريقة الإجبارية.

وهذا الموضوع يمكن نقاشه من عدة أوجه، لكني هنا أود مناقشته من وجه واحد، وهو أن هنالك من يبالغ في حرصه في إقناع الآخرين بفكره وتوجهه وآرائه، ويتخذ عدة أساليب وطرق لتحقيق ذلك. ولي هنا عدة وقفات:

- هنالك من يعمد إلى الطريقة الإجبارية في نقل آرائه، ونرى ذلك جلياً في بعض الدول التي يحكمها رؤساء مستبدون يجبرون شعوبهم على رؤى معينة ويصادرون حرياتهم في تبني أفكار دون غيرها، بل حتى على الصعيد الأسري يسعى بعض الآباء والأمهات إلى إجبار وإقسار أبنائهم على ما يرونه دون مراعاة لرغباتهم وشعورهم، كما أن بعض ادعاء الليبرالية يستخدمون ذات الأسلوب في فرض أفكارهم، وكذلك بعض الإسلاميين ممن يجبرون غيرهم بالأخذ بتفسيرهم الخاص لبعض القضايا الدينية.

- إن أفضل طريقة لنشر الفكر والرأي هي الطريقة التلقائية التي استخدمها النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوته لهذا الدين، حيث دلت العديد من النصوص القرآنية على أهمية حرية الاعتقاد، فبعد أن يوضح الإنسان فكرته ويبين أهميتها ومصداقيتها بالأدلة والبراهين عليه أن يتيح لغيره مساحة للاختيار التلقائي، لأن هذه التلقائية سوف تجعل تفاعل الآخرين مع الأفكار مرتفعاً، فبذلك يزداد عطاؤهم لها وتمسكهم بها والتضحية من أجل الدعوة إليها.

- حينما يبالغ الإنسان في محاولته لإقناع غيره بفكرة ما في وجود عدم الرغبة من الطرف الآخر بها فإن ذلك سيؤدي إلى العديد من المساوئ منها:

- احتقار الفكرة ذاتها من الطرف الآخر، حيث إن من طبيعة البعض أنه لا يتفاعل كثيراً مع الأفكار التي تعرض عليه بل ويستهجنها خصوصاً إذا أحس أن الآخرين في حاجته أو أحس أنهم ينظرون إليه على أنه شخصية مهمة، ولهذا فإن ذلك سيؤدي إلى إطفاء لمعان الفكرة ويقتل توهجها.

أيها الأفاضل:

ما أجمل أن ننشر أفكارنا ورؤانا وأطروحاتنا إلى كل من حولنا بتلقائية دون إجبار أو تضليل، فمن اقتنع بها أو أقنعنا بانتقادها فأهلاً به، ومن لم يقتنع بها دون سبب مقنع فلا بواكي عليه، فله حرية تفكيره لأننا - كما قيل - قد نستطيع أن نجر الحصان إلى النهر لكننا قد لا نستطيع إقناعه بالشرب!

- أبها

-


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة