Culture Magazine Thursday  07/03/2013 G Issue 399
ذاكرة
الخميس 25 ,ربيع الثاني 1434   العدد  399
 
معهد العالم العربي بباريس يقيم معرضًا لألف ليلة وليلة
محمد بن عبدالرزاق القشعمي

 

هل يعيد معهد العالم العربي بباريس الاعتبار لكتاب (ألف ليلة وليلة) بعد أن تعرض مؤخرًا لكثير من التهم وبتر أجزاء منه في طبعات حديثة مُشَوَّهَة وذلك حفاظًا على ما يسمى بالأخلاق وحتى لا تسئ للذوق العام كما يدَّعي أصحاب الوأد ودعاته.

لقد نقل لنا محمد المزديوي من باريس بـ(الشرق الأوسط) بشرى إقامة معهد العالم العربي معرضًا كبيرًا واحتفالاً لائقًا بهذا الكتاب الذي أثَّر في الثَّقافة العالميَّة، فهو يشكِّل نوعًا من القواميس التي لم تتوَّقف مخيالات أجيال كاملة من فنانين ومبدعين عن الاغتراف منها.

يقول المزديوي: «... سيكون الجمهور على موعد مع ما يقرِّب من 350 من الأعمال التي تمثِّل أجيالاً وأساليب مختلفة (من الفنّ الفاطمي إلى نقوش بيكاسو..) تَمَّ جلبها من 62 متحفًا وطنيًّا ودوليًّا ومن مجموعات خاصة، ولأن كثيرًا من كنوزنا العربيَّة الإسلاميَّة لا يزال في طور جنيني: طور المخطوط، فإنَّ المعرض آل على نفسه جلب مخطوطات نادرة، لم يرها الجمهور من قبل (شيكاغو، مانشستر، أوكسفورد، كمبردج، برلين، طوبينفين، برشلونة، الفاتكان..) وستعرض في هذا المعرض».

وقال: يقول لنا منظمو المعرض: إن (ألف ليلة وليلة)، وقبل أن تنتقل إلى الغرب، كانت تقدم باعتبارها نصًا من دون صور، وبفضل أبحاث حديثة جدًا، لا تزال مجهولة إلى اليوم، تَمَّ اكتشاف 20 مخطوطًا مصورًا لألف ليلة وليلة من بين 140 مخطوطًا معروفًا: ويعرض بهذه المناسبة مخطوطات من بين أجملها، كما أنّه سيتم عرض أعمال لفناني العصر الحديث: دوزاتس، باربيي، بيكاسو، مارغريت، فإنّ دونجن، شميد، باكست.. «.

وسبق أن ذكر لي الأستاذ عابد خزندار قبل نحو عشر سنوات أنّه بمروره على سوق قديمة بباريس تبيع الكتب المستعملة يشبه سور الأزبكية بالقاهرة لفت نظره كتاب قديم بالفرنسية واسمه (أنثوية شهرزاد رؤية ألف ليلة وليلة) مرّ على تأليفه فترة لا تقل عن مائة عام فاشتراه وترجمه للعربيَّة تحت عنوان: (انثوية شهرزاد) الذي كان في صغره يلجأ إلى سطح منزلهم في مكَّة ليقرأ في شغف ووله (ألف ليلة وليلة) وغيرها. وعابد خزندار بالمناسبة هو والد الأستاذة منى مديرة معهد العالم العربي بباريس، التي طالعتنا بمقابلة متلفزة في القناة الفرنسية 24 صباح يوم 3 - يناير 2013م مستعرضة برامج ونشاطات المعهد هذا العام بداية بإقامة معرض وفعاليات مصاحبة عن كتاب (ألف ليلة وليلة). ومثله ممَّن تأثر بـ(ألف ليلة وليلة) أغلب الأدباء والعلماء العرب والذين بدؤوا قراءتهم بهذا العمل الشيق، بل كثير من الأدباء العالميين مَرُّوا بألف ليلة وليلة وأعجبوا به، وسأكتفي بذكر ثلاثة من أشهرهم:

1 - تولستوي.. الذي قال في معرض جواب عن سؤال حول الكتب التي أثرت فيه، فقال: إنه كان معجبًا منذ طفولته بقصص (ألف ليلة وليلة) وكان يعيد قراءتها بصفة مستمرة، وذات مرَّةٍ سمع الراوي يحكي إحداها للجدة.

2 - ماركيز.. يقول: إنه تكلف مشقَّة كبيرة في تعلم القراءة، وأنه استطاع أن يقرأ أول كتاب وجده في خزانة معفرة في مستودع البيت ((... وقد مرَّت عدَّة سنوات قبل أن أعرف أن ذلك الكتاب هو (ألف ليلة وليلة) وأكثر قصة أعجبتني فيه إحدى أقصر القصص التي قرأتها.. وستبقى تبدو لي الأفضل طوال ما تبقى من حياتي.. وهي قصة صياد يعد جارته بأن يهدي إليها أول سمكة يصطادها إذا ما قدَّمت له قطعة رصاص من أجل الشبكة، وعندما تشق المرأة السمكة لكي تقليها، تجد في داخلها ماسَّة بحجم حبة لوز.. «.

ويعود لـ(ألف ليلة وليلة) مرة أخرى عندما ذهب مع مجموعة من الشباب ليلتحقوا بمدرسة (منيشوري)، وليجري لهم اختبار القبول.. وعندما أجرى أحد المدرِّسين الفحص وسأل ما الكتب التي قرأتها:

ذكر من بين ما قرأ (ألف ليلة وليلة) و(الكيخوته) و(كنز الشباب) ولهذا فقد سجَّل في الصف الرابع الابتدائي.

وقال في كبره: «.. وقد تعلمت منهما مثلما تعلمت من (ألف ليلة وليلة) ما لن أنساه أبدًا، بأنّه يجب أن نقرأ فقط الكتب التي تجبرنا على أن نعيد قراءتها..».

3 - بورخيس.. « في حياة مكرَّسة للأدب قرأت روايات قليلة للغاية، في أغلب الحالات وصلت إلى الصفحة الأخيرة بدافع الواجب فقط، في الوقت نفسه كنت قارئًا كبيرًا للقصص، ستيفنسون وكيبلنج وكونراد وتشيسترتون وقصص ألف ليلة وليلة في ترجمة لين، وقصص مُعيَّنة عندها وثورن شكلت جزءًا من قراءتي العادية منذ امتلكت ذاكرة..».

وقالت الموسوعة العربيَّة العالميَّة في طبعتها الأولى ج2 «.. تعود أقدم مخطوطة وصلت إلينا من ألف ليلة وليلة إلى القرن الحادي عشرالهجري، وقد كتبت بلغة أقرب للعامية ومسجوعة أحيانًا، وتتجه بخطابها القصصي إلى الإنسان العادي، ولم تتقيَّد بقواعد النحو العربي، ولم يعرف لها مؤلف، ولذلك عُدَّت أدبًا شعبيًا.

لقد جعلت الأطر والسياقات القصصية والغرائب من ألف ليلة وليلة عملاً أدبيًّا نقله المترجمون، وألهم الأدباء الفنانين، وشغل الدارسين، فقد ترجمها غالان إلى الفرنسية عام 1804م، وترجمها إلى الإنجليزية برتُن بين عامي 1882 و1885م، ثمَّ ترجمت بعد ذلك إلى مختلف اللغات.

وظهرت أول طبعة عربيَّة (ألف ليلة وليلة) عام 1814م عندما طبعت في كلكتا، ثمَّ طبعت في القاهرة بمطبعة بولاق عام 1835م... يظهر تأثير ألف ليلة وليلة واضحًا في الأعمال الأدبيَّة والفنيَّة التي أبدعتها مخيلة الفنانين والأدباء.. واهتم بها الباحثون وكتب حولها عديد من الدِّراسات الجامعية مثل: أطروحة الدكتورة سهير القلماوي التي أشرف عليها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، وأطروحة فريال غزول التي أشرف عليها تود وروف».

تحية تقدير وإعجاب لمعهد العلم العربي بباريس في إعادته الاعتبار وتقديره لمثل هذا العمل الخالد.

Abo-yarob.kashami@hotmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة