Al Jazirah Magazine Tuesday  01/05/2007 G Issue 217
الملف السياسي
الثلاثاء 14 ,ربيع الثاني 1428   العدد  217
 

بعد مرور شهرين على تطبيقها
وهم اسمه (خطة أمن بغداد)

 

 

* إعداد - أشرف البربري

هل تحقق خطة أمن بغداد التي مر على بدء تنفيذها شهران أي نتائج إيجابية؟ هذا السؤال طرحته صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية وسعت للإجابة عنه من خلال تقرير أحد مراسليها في العراق.

والحقيقة أنه يمكن الإجابة بنعم في بعض الأماكن ولكن كل يوم تظهر لدينا أدلة متضاربة على نتائج الخطة. ففي أسبوع واحد أعلن أحد المسؤولين الأمريكيين تراجع عدد القتلى المدنيين خلال شهر مارس الماضي بنسبة 26 في المئة مقارنة بشهر فبراير.

ولكن في المقابل شهد شهر إبريل الحالي تفجيرا انتحاريا استهدف مطعما ملحقا بالبرلمان العراقي داخل المنطقة الخضراء بقلب بغداد. وقد لقي ثمانية أشخاص على الأقل بينهم عضوان بالبرلمان حتفهم في هذا الانفجار. وهذا الهجوم جاء بعد ساعات قليلة من تفجير واحد من سبعة جسور رئيسية في بغداد.

ورغم أن أجزاء من العاصمة العراقية مازالت مناطق حرب واستمرار الهجمات خارجها فإن هناك بعض الجيوب التي أصبحت تستمتع بهدوء نسبي. ويرى بعض سكان بغداد أن الخطة الأمنية بدأت توفر لهم فرصة للحصول على قدر ضئيل من الاستمتاع مثل تناول الغذاء في أحد المطاعم والتنزه في بعض المتنزهات والحدائق العامة التي تحظى بحراسة أمنية مشددة أو القيام بجولات تسوق سريعة رغم الغموض الذي يحيط بالموقف ككل. وبشكل عام فهناك تراجع في عمليات القتل الطائفي وكذلك عدد التفجيرات اليومية بسبب زيادة الوجود العسكري سواء من جانب القوات الأمريكية أو من جانب القوات العراقية الموالية لها في الشوارع. ومن غير المتوقع أن تصل الزيادة في عدد القوات الأمريكية بالعراق إلى مستواها النهائي قبل يونيو المقبل.

في منطقة أبو جعفر المنصور التي كانت حتى وقت قليل منطقة أشباح بسبب أعمال العنف المستمرة فيها عادت بعض المتاجر لتفتح أبوابها وبدأ الناس يفتحون نوافذ منازلهم ويخرجون لشراء المشروبات الباردة والاستمتاع بتناولها في الشارع.

تقول لمياء علي التي تعمل بائعة في أحد المتاجر بالمنطقة إنه كان من الصعب وجود أي مشترين منذ شهرين ولكن الظروف تحسنت الآن بنسبة 65 في المئة. ويقوم سيد ياسين بالتسوق برفقة خطيبته زينب سمير حيث يشتريان ملابس الزفاف من هذه المنطقة لأن كل المتاجر في منطقتهم ذات الأغلبية السنية وتسمى العامرية مغلقة بسبب الهجمات الصاروخية التي استهدفت السوق التجاري بها قبل أيام.

يقول سيد ياسين إن الأوضاع لم تعد تحتمل لذلك فهو سيتزوج زينب ويرحلان إلى سورية قريبا.

في المقابل فإن سمر مهدي زوجة أحمد يقطان استغلت فرصة التحسن النسبي للأوضاع الأمنية وقررت إقامة حفل عيد ميلاد ابنها في أحد المطاعم رغم احتمال تعرض المطعم لتفجير انتحاري.

ولكنها تقول إنها مؤمنة بأنه (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا). وهي تستشهد بذلك رغم أنها غير محجبة وترتدي ملابس عصرية وهي الملابس التي لم تعد موجودة بكثرة في الشارع العراقي الذي بدأ يتجه بقوة نحو المزيد من المحافظة.

ويمكن القول إن المناطق التي يمكن التحرك فيها بأمان نسبي هي مركز المدينة ويمكن عدها على أصابع اليد الواحدة. فقبل الاحتفال بعيد الميلاد في يوم واحد كانت سميرة وزوجها يعملان في مكتبيهم بمجلس المراجعة العامة على الجانب الغربي من شارع حيفا بالعاصمة بغداد وعلى بعد نحو ميل واحد من المنطقة الخضراء. ولم يتمكن الزوجان من مغادرة المكتب في موعد الانصراف بسبب الاشتباكات المسلحة الدامية بين المسلحين والقوات الأمريكية والعراقية في منطقتي الشيخ عمر والفضل على جانبي النهر.

وقد أسفرت الاشتباكات عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل بينهم أربعة جنود عراقيين في حين أصيب نحو 16 جنديا أمريكيا في القتال الذي شاركت فيه مروحيات أباتشي الأمريكية وفقا لما ذكرته المصادر العسكرية الأمريكية.

يقول الزوج أحمد (عندما هدأت الاشتباكات قمنا بالسير في طريق بديل للعودة إلى منزلنا). وبعد ذلك تعرض جسر الصرفية للتفجير وهو الجسر الذي اعتاد الزوجان على عبوره للوصول من منزلهما في شارع فلسطين إلى مقر عملهما. وقد اسفر تفجير الجسر عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل وإصابة 29 آخرين.

والحقيقة أن تفجير مطعم البرلمان والجسر يحملان رسالة سياسية بالغة الأهمية ويمكن أن تؤثر على الروح المعنوية للحكومة ومؤيديها في الخارج. يقول مصطفى العاني مدير برنامج دراسات الإرهاب في مركز أبحاث الخليج بدبي (لقد ثبت خطأ القول إن خطة أمن بغداد سوف تتمكن من إبعاد المسلحين عن العاصمة العراقية ودفعهم إلى محافظات أخرى).

وقبل أيام قليلة أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وهي واحدة من عدد قليل جدا من المنظمات الدولية التي تعمل في العراق تقريرا قالت فيه إن (الموقف الإنساني في العراق يتدهور باطراد).

وقال بيير كراهنبول لوكالة أنباء أسوشيتد برس إنه لم يحدث أي تحسن في الأوضاع الأمنية بالعاصمة العراقية. وفي شرفة أحد المطاعم جلس متين ياشار في ملابس رسمية والعلم العراقي يرفرف وراءه حيث كان يشارك عدداً من زملائه الاحتفال بتخرجهم من كلية الطب بجامعة بغداد.

وقد كان الخريجون مزيجا من الدارسين والدارسات وقال متين إنه بعض هؤلاء الخريجين كانوا يتدربون في مستشفى الكندي التعليمي عندما لقي أحد الطلبة حتفه نتيجة إصابته برصاصة خلال الاشتباكات التي شهدتها منطقة الفضل. ويضيف: أنت تطلب مني أن أشعر بالقلق نتيجة هذا الحادث في حين أننا نعيش حياتنا لحظة بلحظة. وأضاف أن حوالي ربع الأطباء الجدد وعددهم 109 أطباء تخرجوا خلال العام الحالي غادروا بالفعل العراق ويحاول الباقون تكرار نفس الخطوة.

وقد طلب أحد أفراد المجموعة فاتورة الحساب حيث لن تستمر الجلسة أطول من ذلك لأنه على الجميع العودة إلى منازلهم بحلول الساعة السادسة وقبل حلول موعد حظر التجوال الليلي بأربع ساعات. فنقاط التفتيش والاشتباكات المسلحة يمكن أن تؤخر وصولهم إلى منازلهم عدة ساعات.

وفي شارع الربيع وهو شارع تجاري يمتلئ بالمتاجر والمطاعم والمقاهي أعاد بعض أصحابها فتحها منذ عشرة أيام بعد إغلاقها لشهور.

يقول موفق كامل صاحب أحد المتاجر إن الناس باتت متشوقة للسير في الشارع لذلك فهم يأتون للشراء ولو للحظات قليلة. وقد انتشرت في الآونة الأخيرة ملصقات دعائية على الجدران التي تحميها القوات الحكومية تقول (أنوار العراق لن تطفأ أبداً) كجزء من حملة العلاقات العامة التي تطلقها الحكومة. وفي هذه الحملة تظهر إعلانات تقدم مختلف شخصيات المجتمع العراقي أطباء وأمهات ومعلمين وعمال باليومية وسائقي أجرة والكل يدعو العراقيين إلى استئناف حياتهم اليومية الطبيعية رغم التهديدات الأمنية. وفي شارع المنصور وأمام متجر مشمشة للمشروبات والعصائر وقف نبهان غازي وعروسه علية سفير لتناول سلطة الفواكه.

والعريس لا يعمل حاليا في حين أن العروس تعمل معلمة في إحدى المدارس وهما يعيشان في منزل والد غازي في حي السيدية وهي المنطقة التي تعاني من اشتباكات متكررة.

تقول علية التي كانت ترتدي غطاء رأس أبيض (ليس أمامنا أي أمل ولكننا قررنا الزواج لأننا لا نستطيع الانتظار أكثر من هذا). ونحن محاصرون في منطقة السيدية باستمرار لذلك جئنا اليوم إلى شارع المنصور لنتنفس بعض الهواء.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة