Al Jazirah Magazine Tuesday  01/05/2007 G Issue 217
استطلاع
الثلاثاء 14 ,ربيع الثاني 1428   العدد  217
 

ألعاب فيديو
تنشر الرعب

 

 
* المدينة المنورة - خديجة الغامدي:

الإعلام يعد أحد الأجهزة المسؤولة عن انتشار الظواهر الاجتماعية والسلوكيات في المجتمع التي تتفاوت فيها الآراء بين السلبية والإيجابية. ومن تلك الوسائل التي تصلنا وتطرق باب كل منزل إما عبر جهاز التلفاز الذي أخذ الجزء الأكبر من اهتمام المجتمعات لتوصيل رسالته بالصوت والصورة مثل أفلام الكرتون أو عبر ألعاب الفيديو الوافدة التي تحمل في ثناياها ما يغرس في أبنائنا قيماً ومفاهيم تتنافى مع العقيدة الإسلامية الصحيحة، وبث كثير من الأفكار المفسدة للأخلاق، ونشر الخوف وزعزعة الأمن في نفوسهم... ليكون نتيجة حصاد أيدينا أزهاراً أينعت لقطاف ثمار العنف، والانطواء، وإعاقة فكرية للمفاهيم العقدية السليمة، وتجسيد القدوة في أبطال خياليين لا يمتون للواقع بصلة والتعلق بهم.

ويتمثّل أساس المشكلة لدى بعض الأسر في عدم إيجاد خطة واضحة ومحددة لكيفية شغل أوقات فراغ أطفالهم سوى مكوثهم أمام ما يبثه ذلك الجهاز دون رقابة ولساعات طويلة.

لذلك يجب علينا أن نوجد إعلاماً محصناً آمناً يكرس المفاهيم الدينية والأعراف الاجتماعية وبما يعزّز في أطفالنا وأبنائنا ثقتهم بأنفسهم، ويحترم عقولهم، ويحفظ نفسيتهم، فقد حان الآن إعادة توجيه الدقة والتفكير في أنظمة الرقابة!!

تِأثير قوي

* معلمة صفوف دنيا تقول: إن الأطفال في أعمارهم المبكرة يكونون أكثر عرضة للتأثير والتقليد لما يشاهدونه في أفلام الرسوم المتحركة كتلك التي تجسد شخصيات تمتلك قوة خارقة وقدرات مستحيلة كالقفز من أماكن مرتفعة وغيرها من المواقف الخطرة التي قد تهدّد حياة أطفالنا وينتهي الأمر بمأساة حقيقية.

وتضيف: يجب على الوالدين انتقاء ما يناسب أعمار أبنائهم ومتابعة ما يشاهدونه ومشاركتهم في الحوار.

* أحد الآباء يؤكّد على أن الطفل إذا تربى تربية دينية سامية ووجد الرقابة الكافية والمعقولة من الوالدين فإن التلفاز لن يكون بتلك المضرة أو السوء، وهناك برامج موجهة لثقافة وتعليم الأطفال ذات كم قليل بالمقارنة بالرسوم المتحركة التي تبث لساعات طويلة ومتواصلة.

سلاح ذو حدين

* السيدة ريم وهي (أم لثلاثة أطفال) أشارت إلى أن التلفاز سلاح ذو حدين.. وسلبياته أكثر، معلّلة ذلك بكثرة وتنوع القنوات التي تبث أفلام الكرتون، وقد تصل بعقول أطفالنا إلى حد الهوس والإدمان ومن ثم السيطرة على تفكيرهم وشغل أوقاتهم مؤدياً بهم إلى التأخر الدراسي وعدم تفاعلهم مع المحيط الخارجي ومكوثهم ساعات طويلة دون ممارسة أي نشاط بدني آخر، بالإضافة إلى الأضرار الصحية الناتجة عن سلوكيات خاطئة أمام الشاشة. وتضيف: لا بد من تشجيع وتنمية ميول أطفالنا وإكسابهم المهارات الضرورية للحياة والكشف عن قدراتهم الإبداعية.

أعمال نظيفة

* أبو عبد الرحمن يرى أن أضرار الرسوم المتحركة بدأت تقل تدريجياً عما كانت عليه في السابق نظراً لوجود عدد من القنوات التي تلبي متطلبات أبنائنا في إطار ينهض بمفاهيم العقيدة الإسلامية والأخلاقية والتي زاد من تميزها أنها تؤدى باللغة العربية الفصحى.

ويضيف: لا بد للمؤسسات المنتجة للبرامج أن تضاعف غنتاجها، بما يعزّز الجانب الأخلاقي في نفوس الناشئة مع خلوها من المخالفات الشرعية.

* أم عبد العزيز وهي (أم لخمسة أطفال ومعلمة) تقول: إن معظم الأطفال يقضون جل أوقاتهم بالقرب من التلفاز ولا ننكر وجود إيجابيات يكتسبها أبناؤنا من خلال متابعتهم لبعض البرامج التي تستحث عقولهم لمواكبة ما ينمي مداركهم العقلية، لكننا نعلم أيضاً أن سلبياته تفوق إيجابياته، فالعنف مثلاً يظهر جلياً في شخصيات كثير من أفلام الكرتون والتي تستتر وراء مسميات تدل على الخير مثل (رمز العدالة) (والخير هو الأقوى)، أما من ناحية الغزو الفكري والثقافي فلا يكاد يخلو فيلم كرتوني أو مسلسل من قصة حب وما يترتب على هذه العلاقة فإلى أين ستصل هذه القنوات بعقليات أبنائنا..!!

دراسة تثير الاختلاف

ففي كتابة بعنوان (الوحوش القاتلة) killing monsters يقوم المؤلف جيرارد جونز باستطلاع عقود من الأبحاث ويخلص إلى أن الإعلام العنيف يستطيع الحد من العدوانية. ويقول: (في نهاية يوم مرهق مشحون بالتوتر، فإن ألعاب الفيديو وسيلة فعّالة للتنفيس عن الاحتقان الداخلي).

وفي الواقع، فإن العلاج بطريقة ألعاب الفيديو ليس مزحة، فالمقعدون وضحايا الحرائق وأولئك الذين يعانون من الحثل العضلي قد استفادوا جميعاً من العلاج عبر ألعاب الفيديو، وفقاً لبحث أجراه مارك غريفيث وهو طبيب وأخصائي نفساني في جامعة نوتينغهام ترينت نشر السنة الماضية تقريراً بعنوان (القيمة العلاجية لألعاب الفيديو).

وقد طوّر أحد أخصائي علاج إصابات العمل تمارين مدتها ثلاث دقائق سجلها على أشرطة فيديو وزادت هذه التمارين من قوة اليد بالنسبة لأولئك الذين يتعافون من إصابة يدوية.

وهذا هو بالضبط نوع الانغماس، خاصة في برامج التلفزيون والألعاب العنيفة، الذي يجعل من هذه التجربة تجربة قابلة للإدمان.

إحساس بالعزلة

وقد قام الدكتور ديفيد غرينفيلد وهو طبيب نفساني في ويست هارتفورد، كناتيكت، ومدير مركز دراسات الإنترنت، بتمحيص هذه الظاهرة عبر دراسة لـ 18 ألف مستخدم للإنترنت بالتعاون مع شبكة أيه بي سي. وقد وجد غرينفيلد أن 6% من أولئك الذين يلعبون ألعاب الفيديو يصبحون مدمنين، ويقول: (فما يحدث في هذه الألعاب هو أنها تستثير إحساساً بالعزلة والانفصال عن البيئة المحيطة باللاعب. ولا يعود المرء واعياً بالزمان أو بالمكان، إذ يصبح جزءاً من اللعبة، ولا يعود هو الشخص الذي كان فيما سبق، بل تجسيد لشخصية خارقة ويصبح اللاعب معزولاً عن الخصائص المكتوبة لشخصيته. وهذا أمر خطير.

منافع صحية

ويقول غرينفيلد إن هذا صحيح على وجه الخصوص لشخص له صورة مهتزة أصلاً عن شخصيته ونفسه.

وفي مسح أكاديمي للاعبي الألعاب على شبكة الإنترنت، وجد الدكتور ستيفن كلاين من جامعة سايمون فريزر الكندية أن ثلاثة من كل 10 لاعبين يعترفون بأنهم يلعبون هذه الألعاب عوضاً عن القيام بنشاطات ضرورية أو أكثر أهمية وفي دراسة لها، وجدت الدكتورة يونغ أن 52% من مدمني الألعاب على الإنترنت يعانون من الاكتئاب الإكلينيكي أو من إدمان سابق أو من مشكلة القلق.

وتقول: (إذا كان المرء مصاباً بالاكتئاب، فإنه يعاني من مخاوف شديدة من رفض الآخرين له، ويحتاج من ثم لنوع من القبول. وحينما يشارك المرء في هذه الألعاب على الإنترنت، فإنه يشعر بأنه في مكان بديع لأنه يستطيع التخفيف من اكتئابه).

وفي الحقيقة تبيّن الدراسة بعض التأثيرات الإيجابية حتى لأكثر الألعاب عنفاً، حيث تحسّن كل شيء من التركيز إلى المهارات الاجتماعية. وفي تمحيصه للدراسات الطبية والنفسية حول هذه الظاهرة، اكتشف غريفيث أن (ألعاب الفيديو حينما تتم في الإطار الصحيح يمكن أن تكون لها منافع صحية لطائفة واسعة من المجموعات الفرعية، وأنه من المرجح أن تؤثّر الآثار السلبية في مجموعة فرعية صغيرة ممن يداومون على اللعب).

وباختصار، تثير الدراسات مثلها مثل ألعاب الفيديو ذاتها الخلاف، بيد أن الجميع يتفقون على أن مبيعات ألعاب الفيديو العنيفة ستستمر في الارتفاع.

أما السؤال المتعلق بكونها أمراً طيباً أم سيئاً فيعتمد إلى حد كبير على الصحة العقلية للاعب الذي يمارسها.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة