Al Jazirah Magazine Tuesday  16/01/2007 G Issue 202
أنت وطفلك
الثلاثاء 27 ,ذو الحجة 1427   العدد  202
 
المشي
أولى خطوات الطفل للثقة بنفسه

 

 

انتظر بفارغ الصبر اللحظة التي يمشي فيها طفلك ويصبح قادرا على التنقل بمفرده في أرجاء المنزل. أو حتى في الخارج، لكنه بدلا من أن يستفيد من واقعه الجديد ليستكشف العالم من حوله، لا يتوقف عن مطالبتك بحمله بين يديك.

صحيح أن طفلك بات يعرف كيف يمشي بمفرده، إلا أنه يرفض ذلك، لا سيما عندما تذهبان معا إلى نزهة إلى الحديقة العامة، أو المركز التجاري، فما أن تخرجيه من عربته حتى يتسمر في أرضه ويبدأ في النحيب والبكاء رافعا يديه صوبك، في حين ترين الأطفال الآخرين يستمتعون بالركض من حولكم وتتمنين في قرارة ذاتك لو أنه يحذو حذوهم، لماذا يا ترى يرفض طفلك الابتعاد عنك ويصر على أن تحمليه بين ذراعيك؟!

يعتبر المشي إحدى المهارات الحركية التي تساعد الطفل على الانفتاح والتعاطي مع الآخرين، لهذا السبب، ربما يقلق الأهل من مسألة رفض طفلهم المشي وإصراره على أن يتم حمله على الأذرع، كي لا يتحول إلى إنسان منغلق على ذاته، منعزل عن العالم من حوله، لكن يشير الخبراء إلى أن لكل تصرف خاطئ سبب ما، فإذا تمكن الأهل من كشفه وتحديه، سهل عليهم إيجاد الحل لمساعدة طفلهم في تخطي مشكلته.

الخوف من العالم الخارجي

الطفل الذي يرفض المشي ويصر على البقاء إلى جانب والدته وعلى أن يُحمل على الأيادي للوصول إلى مبتغاه يعاني صعوبة في مواجهة العالم الخارجي، وهو يعتبر حضن والدته ملاذاً آمناً له على عكس هذا العالم الغريب عنه الذي يجد نفسه مرغما على خطو أولى خطواته فيه.

يشير الخبراء إلى أن الطفل من خلال رفضه المشي بمفرده يعرب بصورة أخرى عن عدم ثقته بهذا العالم الخارجي.

في إمكان أهله مساعدته من خلال اتباع بعض التكتيكات التي سبق أن أجريت وأثبتت نجاحها، مثلاً، إذا لاحظت يا عزيزتي أن طفلك يصاب بالهلع والخوف في كل مرة تبتعدين عنه حتى ولو لمجرد خمسين سنتيمتراً، أو يصاب بالإعياء عندما يفصل عنك، أو يطلب منك عندما يرغب في جلب شيء ما القيام بالأمر عوضاً عنه، بدلا من الذهاب بنفسه وجب عليك أن تفهميه أنك أمه ولا يمكنك أن تؤدي دور الوسيط بينه وبين العالم، وأن عليه أن يبدأ الاعتماد على ذاته في المشي والقيام بما يريده، لكن يجب أيضا أن تبثي في نفسه الطمأنينة ليتمكن من الانطلاق بعيدا عنك.

حاولي في البداية أن ترافقيه في كل استكشافاته الصغيرة واحرصي على اظهار العالم من حوله في صورة جميلة لا تثير قلقه أو مخاوفه، أما إذا كنت من النوع الذي يقلق كثيرا لفكرة ترك طفلك وحيدا في مكان ما، خوفا من أن يصاب بمكروه فيمكنك أن تعتمدي على بعض الخطوات الوقائية لضمان سلامته، كأن تضعين حاجزا أمام السلالم فيما لو وجد، وتخفين القوابض الكهربائية بعازل خاص، وتضعين مضادات الصدمات على الأثاث الخطر، وتضعين المواد الخطيرة بعيدا عن متناول يديه، اطمئنانك سوف ينعكس بشكل إيجابي على طفلك ما يمكنه من الابتعاد عنك بسهولة أكثر، وتدريجياً سوف ترينه يستمتع بالمشي في الحديقة العامة أو في اللعب بحرية مع رفاقه.

من المهم جدا قبل أن تدعيه يبتعد عنك، أن توضحي له المخاطر التي يمكن أن يواجهها، مثل عدم اللعب بالماء كي لا يقع في البحيرة، وأن تعريفه على المكان بشكل جيد كي يشعر بدوره بالأمان وبأنه قادر على السيطرة على محيطه، ولا تنسي بين الفينة والأخرى أن تطمئنيه من خلال القول: (لا تقلق أنا إلى جانبك، يمكنك أن تلعب بهدوء) أو (لا تخشى السير على هذا الحائط الصغير. فأنا إلى جانبك وسوف أمد يد العون لك).

يختبر مدى قدرة إقناعه

لا تنخدعي بمظهر طفلك البريء واعلمي أن وراء هذا الوجه الملائكي يختبئ إنسان محتال يستغلك إلى أقصى الحدود، هو يعرف تماما أنه ما أن يؤشر بإصبعه إلى شيء ما، حتى تسارعي إلى جلبه له، إذاً أنت موجودة هنا لتلبية رغباته وهو يعني ذلك ويستغل الأمر.

ما الذي يجب أن تفعليه. ينصحك الخبراء باعتماد استراتيجية (الأذن الصماء) فعندما يؤشر طالبا شيئا ما، تظاهري بعدم سماعك أو عدم فهم ما يريده، ثم اطلبي منه أن يجلب ما يريد بنفسه، وأن يعطيه لك، هنئيه في كل مرة يجلب الأشياء بمفرده، يمكنك حثه على ذلك من خلال، مثلاً القول له: (ما هذا الذي تريده؟ أرني إياه من فضلك؟ إنه أمر مثير هل تجلبه لي؟) أو (آه، تريد لعبتك؟ إنها هناك على الكرسي، هل يمكنك أن تعطيني إياها؟).

تجربة واقعية

تخبر إحدى الأمهات أنها كانت تمضي أغلبية وقتها في الحديقة العامة مع ابنتها التي كانت تفضل البقاء في حضنها لمراقبة الأطفال الآخرين، بدلا من أن تستمتع باللعب معهم.

وفي أحد الأيام قررت هي أن تجلس وسط الأطفال واللعب معهم، لكن ابنتها بقيت ملتصقة بها رافضة تركها وكتفيه بمراقبة ما يجري من حولها، تدريجياً، اعتادت الفتاة الصغيرة على فكرة وجود أولئك الأطفال، وبدأت تشاركهم اللعب، كانت بين الفينة والأخرى تنظر بطرف عينها لتتأكد من وجود أمها، ثم تعود للانغماس في اللعب، استغرق الأمر وقتاً طويلاً لكي تشعر الفتاة بالثقة في محيطها الجديد، إلا أنها في النهاية نجحت في فعل ذلك، وتمكنت الأم من الابتعاد عن ابنتها، وتركها وسط الحديقة تلعب وتجري وتقفز بكل حرية وفرح، وفي النهاية تشير الأم إلى أن ابنتها تلك أصبحت مستقلة وتعتمد على ذاتها وهي اليوم اجتماعية جداً.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسة

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة