Al Jazirah Magazine Tuesday  18/09/2007 G Issue 236
الافتتاحية
الثلاثاء 6 ,رمضان 1428   العدد  236
 
لبنان يكون أو لا يكون مرة أخرى!!

 

 

من يتابع التطورات والمستجدات على الساحة اللبنانية يصعب عليه أن يتعامل معها وكأنها شأن لا يعنيه، أو ينظر إلى تداعياتها كما لو أنه في مأمن منها؛ إذ إن لبنان جزء من الجسم العربي بما لا مجال إلى الانكفاء بعيداً عن القيام بمساعدته في تجاوز محنته.

* * *

وقدر لبنان أن يكون على هذا النحو من الاختلافات والتباعد في وجهات النظر على امتداد التاريخ؛ صراع بين القوى النافذة على الأرض من غير أن يستفيد أحد في لبنان من هذه الخلافات المزمنة، بينما كان من الحكمة مراجعة سلسلة المحطات الدامية التي عصفت بلبنان في سنوات ازدهار وتطور جيرانه، ومن ثم معالجة أوضاعه المتأزمة، بما يمنحه القدرة للتغلب على ما يفرق وحدة الكلمة فيما بينهم.

* * *

وأياً تكن مشاعرنا المخلصة نحو لبنان، والتعاطف مع ما يمرّ به من ظروف، فإنها لا تعالج وضعه المتأزم، ولا تغني عن احتكام القيادات اللبنانية إلى عقولهم، وتغليب مصلحة بلادهم ومواطنيهم على مصالحهم الشخصية، وبخاصة حين يكون المشهد السياسي في لبنان بمثل ما تعبر عنه وسائل إعلامهم، ويتحدث عنه مَن يشار إليهم على أنهم رموزه وقادته والمتحكمون بأمره.

* * *

على أن لبنان الجميل بما يتمتع به من مواصفات، وبما هو عليه من تميز، تعليمياً وسياحياً ومناخياً، يبقى ضعيفاً وفاقداً لكل هذه الصفات طالما بقي التناحر والتنافر وعدم الاتفاق على كلمة سواء بين رموزه وقادته على ما هو عليه، إلا أن يشاء الله غير ذلك، مما يستدعي إعادة النظر في الحسابات الخاطئة في إدارة كيانه، مع الإسراع بقراءة آثار كل هذه المواقف غير المسؤولة التي لن تخدم أحداً من اللبنانيين.

* * *

يذكّرني بالمناسبة صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن محمد بن عبدالعزيز، عن موقف أو حوار تم بين جده الملك عبدالعزيز والرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون، مضمونه حرص الملك عبدالعزيز - رحمه الله - على وحدة لبنان أرضاً وشعباً، وخوف جلالته من تأثير الخلافات فيما بينهم على مستقبل لبنان، وكأنه - رحمه الله - كان يتوقع أو يقرأ ما آل إليه الوضع في لبنان حالياً من أزمات وصراعات بين أبنائه.

* * *

ففي أعقاب انتهاء مؤتمر الطائف الذي جمع اللبنانيين، وفي لقاء ضمّ الأمير محمد بن عبدالعزيز بأخيه الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمهما الله - وكان الأمير فهد بن محمد بن عبدالعزيز من بين الحضور، يروي الأمير فهد أن والده الأمير محمد بن عبدالعزيز سأل الملك فهد بن عبدالعزيز عن نتائج المؤتمر فقال له الملك: إن التزموا بما اتفقوا عليه فهذا من مصلحتهم، فسأل الأمير محمد بن عبدالعزيز الملك فهد بن عبدالعزيز مرة أخرى: هل تذكر كلام الملك عبدالعزيز للرئيس كميل شمعون ومضمونه: (أنتم يا اللبنانيين بين مسلم ومسيحي كلكم في بيت واحد، إن اتفقتم وصرتم على قلب واحد، فبلدكم مصيف وسياحي جميل للعالم، وإن اختلفتم فإن هذا البيت سوف يطيح عليكم جميعاً)؟ فأجابه الملك فهد بقوله: نعم، أتذكر هذا جيداً، والمملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز وإلى ما شاء الله لن تتخلى عن لبنان وشعب لبنان.

* * *

هذا الموقف المبكر من الملك عبدالعزيز في درء الشر عن لبنان، والدفاع عن استقلاله، والحرص على وحدته، والشعور بالمسؤولية نحو مواطنيه، هو النهج والسياسة التي رسمها الملك عبدالعزيز للعلاقة السعودية - اللبنانية، وسار عليها أبناؤه من بعده، بما شجع المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز على تقديم المزيد من الدعم والمساندة والمبادرات لإنقاذ لبنان من حالة مفترق الطريق التي يمر بها، والتي تثير الخوف لدى الشرفاء والمخلصين في هذه الأمة.

***

لأبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة sms تبدأ برقم الكاتب (2) ثم أرسلها إلى الكود 82244

خالد المالك


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة