Al Jazirah Magazine Tuesday  20/11/2007 G Issue 243
الافتتاحية
الثلاثاء 10 ,ذو القعدة 1428   العدد  243
 
القمة.. والقائد القمة

 

 

أحسب أنني لن أذهب بعيداً أو قريباً حين أقول إن مؤتمراً للقمة يقوده قائد للقمة هو عبدالله بن عبدالعزيز لن يخذل متابعيه، ولن ينفض المشاركون من اجتماعاتهم دون قرارات تاريخية تليق بمثل هذا المؤتمر.

وأحسبني لن أجانب الصواب أيضاً حين أجزم بأن ما يُعَوَّل على مؤتمر قمة الرياض لدول منظمة الأوبك من نتائج تاريخية ستتحقق وستكون في متناول أيدينا ضمن توافق في الرأي، وتطابق في وجهات النظر، بما لم تشهد المنظمة مثلاً له في تاريخها.

* * *

فعبدالله بن عبدالعزيز الذي عُرف عنه حسن الإدارة لمؤتمرات القمة التي ترأس جلساتها، وحكمته في التعامل مع وجهات النظر المختلفة أثناء تداول الآراء بين القادة بعضهم مع بعض، ومكانته الكبيرة بين زعماء العالم بوصفه القائد التاريخي المعتدل الذي يتحلَّى بصفات المحاور البارع بأناة وهدوء وموضوعية، حيث سداد الرأي والعمق في التفكير والحرص على مصلحة الجميع، هو - لهذه الأسباب وغيرها كثير - ما دفعني للتفاؤل مبكراً بالنتائج المنتظرة من قمة الرياض.

* * *

وخادم الحرمين الشريفين إذ يرأس مساء اليوم واحدة من أهم القمم العالمية، بحضور عالي المستوى وكثير العدد، لأهم الدول النفطية التي تجمعها منظمة الأوبك، وتمد اقتصاد العالم بمقومات استمراره، بما في ذلك تشغيل مصانعه، إنما يرأس عبدالله بن عبدالعزيز قمة صناعة القرار المهم الذي تنتظره دول العالم في ختام جلسات القمة، بعد أن ظلت لأيام تسبق موعد انعقاده تحبس أنفاسها بانتظار ما سيتم اتخاذه من قرارات إستراتيجية مهمة.

* * *

وحين ينعقد مثل هذا الاجتماع تحت مظلة ودعم المملكة العربية السعودية - والملك عبدالله شخصياً - فإن هذا يعني الاطمئنان مسبقاً بنجاحه وصواب قراراته قبل أن تبدأ أولى جلسات القادة، إذ إن قدر المملكة - وهي الدولة المؤسسة للمنظمة - أن تواصل جهودها لتجنب هذا التجمع من الهزات والتحديات التي قد تواجهه من حين لآخر، وكلنا يذكر كيف تسابق الأعضاء في سنوات مضت للحصول على حصص إنتاجية أكثر مما حدد لهم في ظل سوق استهلاكي متواضع وأسعار متدنية آنذاك، بينما اختارت القيادة السعودية لنفسها دور الدولة المرجحة لتحافظ على تماسك وحدة القرار في المنظمة، مع ما كان يحرمها ذلك الموقف من عوائد نفطية كانت برامج التنمية في بلادنا أحوج ما تكون إليها.

* * *

حتى أمانة منظمة الأوبك، فلم تكن المملكة في أي يوم من الأيام على استعداد لأن تدخل في منافسة لأي من الدول الأخرى الأعضاء في المنظمة على كرسي الأمين العام لصالح مرشح منها، مع أنها هي الدولة الأكثر إنتاجاً والأكثر احتياطياً من النفط بين جميع الدول الأعضاء، بما يعطيها منطقياً الحق والأفضلية الاعتبارية في ذلك، لكنها وضمن سياساتها في الحفاظ على استقرار الوضع في المنظمة اعتادت أن تتجنب دائماً الدخول منافساً مع الساعين والراغبين في أن تتبوأ دولهم هذا المنصب، وهي مواقف مسؤولة وعاقلة وحكيمة ضمن ما يحسب للقيادة السعودية من إسهامات كثيرة قدمتها وتقدمها إلى اليوم في هذا الاتجاه.

* * *

إن أي خلل في المنظمة، أو تباعد في وجهات النظر بين أعضائها، لا يلقي بظلال من الأخطار على المنظمة أو على أعضائها مجتمعين فقط، وإنما يلقي بتبعاته وسلبياته على اقتصاد العالم وعلى جميع الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء، ومن هنا يأتي حرص المملكة الدائم ضمن دول أخرى في المنظمة بعدم التفريط بالمكاسب الكبيرة التي حققها التئام هذه الدول وتعاونها على مدى سنوات طويلة داخل إطار هذه المنظمة، من خلال الإيمان بأهمية ترسيخ هذا التعاون وتطويره وإمداده بالقوة التي تحميه من أي خلافات.

* * *

وإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بدعوته لإخوانه قادة دول المنظمة إلى هذا الاجتماع المهم في عاصمة بلاده الرياض، إنما يستوحي أهمية عقد مثل هذا المؤتمر من خلال قراءته لما ينبغي أن تكون عليه هذه الشراكة بين هذه الدول، بحيث تبقى منظمة الأوبك في وضع قوي يسمح لها دائماً بأن تؤدي دورها ومسؤولياتها بإمداد دول العالم بحاجتها من نفط دول أوبك، وبما يساعد على إنعاش الاقتصاد في العالم، دون أي تدخل أجنبي أو إملاءات خارجية.

* * *

والمملكة - حكومة وشعباً - إذ يستضيف مليكها عبدالله بن عبدالعزيز رؤساء الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في قمتهم الثالثة في مدينة الرياض لبحث توفير إمدادات السوق العالمية بحاجته من النفط ضمن دعم هذا التكتل للاقتصاد العالمي، وبخاصة أن دول المنظمة لديها من الاحتياطيات النفطية ما يمكنها من تلبية حاجة السوق، إنما لكي تبرهن المنظمة بذلك - كدول منتجة - على تحمُّلها لمسؤولياتها والتزامها بعدم الإضرار بالدول المستهلكة للطاقة، وبالتالي بالاقتصاد في العالم، وهذا هو ما يمكن استخلاصه مبكراً - وكما هو متوقع - من اجتماعات هذه القمة.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «2» ثم أرسلها إلى الكود 82244

خالد المالك


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة