Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/10/2006G Issue 12427مقـالاتالسبت 15 رمضان 1427 هـ  07 أكتوبر2006 م   العدد  12427
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

تغطية خاصة

الرأي

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

المنشود
مَنْ سرق رمضان؟!
رقية سليمان الهويريني

يأتي رمضان كل عام، يُومض بريقه في صدرونا فيضيئها، ويلامس حواسنا فتنبسط أيدينا بالبذل والعطاء! ويجدد الهمة نحو أعمال الخير فتزكو النفوس وتتهذب الأخلاق..
ولقد كنتُ في جماعة تثري رمضان بالعمل الصالح وقراءة القرآن فحسب، وأجدني أتوجع حنيناً لسنوات انقضت كانت تلاوة القرآن فيها تُشكِّل ترانيم عذبة حين تمرُّ بين الأزقة والشوارع قبيل الإفطار، فلا تسمع إلا تراتيل لا تكاد تتبين معناها، فبعض الأفراد تشقُ عليه القراءة فلا يستطيع أن يقرأ قراءة صحيحة، لكنه يقرأه شعوراً منه بالتواصل مع خالقه فتجده يختم القرآن مثنى وثلاثاً، حيث يجد راحته وسعادته بهذا العمل اليومي الممتع.
ولو مررت على مسجد لحسبته خالياً بينما ثلة من الرجال والصبيان يملؤون أركانه بالذكر والتلاوة، فإذا اقتربت من مصدر الصوت وجدتهم وقد تمازجت قراءاتهم وكأنها طنين النحل مشغولة بإنتاج العسل المصفى، فقد كان الورع والسكينة والصبر يتغلغل في نفوس شبابنا وأشياخنا آنذاك، وإن كان شهر رمضان يمثِّل حرماناً مشروعاً عن الأكل، والشرب، فإنه أيضاً يُعد شهراً للتوقف عن الركض واللهث وراء الملذات، وموسماً سنوياً لاستشعار قيم عالية تتمثَّل في العبادة والعمل، وممارسة الصبر، ومحاسبة النفس، وتغيير السلوك للأفضل، بل إنه كان فرصة للاقتصاد في الاستهلاك والبذل للصدقات، وضبطاً للنوازع والرغبات.
ترى مَنْ سرق رمضان (الصوم)؟! وأبدله برمضان (الأكل والإسراف)؟!
ومَنْ أحال ليالي رمضان المشحونة بالمشاعر تجاه الخالق فحوَّلها لعواطف تجاه المخلوقين، حيث تكثر التهاني بدخوله، ثم بمرور العشر الأُول فالوسطى والأخيرة، وتزداد الزيارات والسهرات واللقاءات حتى الفجر؟! مما يؤدي حتماً إلى التفريط في أداء العبادات والطاعات ليلاً والتقصير في إنجاز الأعمال نهاراً، وفي ذلك انقلاب جذري لمدلول رمضان كشهر عبادةٍ، وعملٍ، وتهذيبٍ للنفوس، وفرصة للبذل والعطاء في النفس والمال.
مَنْ غيَّر شكل رمضان ومضمونه، وحوَّل السكون والهدوء لصخبٍ فضائي يتبارى فيه أصحاب المحطات على إلهائنا وإشغال أبنائنا عن دورهم المناط بهم لحمل لواء الدعوة ونشر الدين والعمل لرفعة الوطن؟!
مَنْ سرق فرحة الإفطار ولحظتها الهادئة وتحلُّق الأسرة حول مائدة إفطار هانئة بأصنافها اليسيرة وحوَّلها إلى همٍّ يومي لربة الأسرة فلا تدري ماذا تطبخ أو تقدم على السفرة لإرضاء زوجها وأولادها والمعازيم؟! فكثرة الخيارات تؤدي إلى الحيرة، وهي حيرة لو تعلمون قساوتها ومرارتها؟!
مَنْ سرق لحظات الوقوف اصطفافاً في صلاة التراويح وحوَّلها لوقتٍ مستقطع حيث بعدها يبدأ الركض والزحام والبحث عن الجديد في الأسواق والسعي لإرضاء الأذواق؟! وكأن رمضان صار لبعض الناس مهرجاناً للتخفيضات وبرامج التقسيط والتّسوق والشراء! حتى تحوَّل لاستنفار سنوي للأسواق والمطاعم لعرض المأكولات والمشروبات المتوفرة أصلاً في المنازل والأسواق طيلة العام، والفارق الوحيد هو ارتفاع أسعارها وإقبال الناس عليها، لدرجة أنها أصبحت مرتبطة بالعادات الرمضانية أكثر من الحاجة الفعلية لها! وما علموا أن رمضان شهر صوم يرغم على تنظيف الجسد من السموم التي حملها طوال العام.
ونحن ندرك أنَّ حُبَّ الإنسان للأكل تبعاً لطبيعته، لكن امتناعه عنه في وقتٍ معلوم التزاماً بدينه والتقليل منه حتى بعد الإفطار يربي لديه مقاومة الهوى المرتبطة بالإكثار من الأكل الذي يهزم المرء ويحيله إلى أداة طيِّعةٍ بيد الشيطان، وكثيراً ما حذَّر القرآن الكريم من اتباع الهوى لأن فيه إضعافاً لعزيمة صاحبه، والإسلام ما برح يربي المسلم ويعوِّده على العزيمة وتحمُّل المشقة مع استشعار الأمانة في كل حال، وهنيئاً لمن كانت مكاسبه الدينية تفوق مكاسبه الدنيوية.
أعيدوا لنا رمضان بوجهه الجميل وسحنته البريئة وكرمه وقلة مؤونته!!.
أعيدوا لنا هدوء رمضان، وخذوا صخبكم وضجيجكم!!

ص.ب 260564 الرياض 11342

rogaia143@hotmail.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved