Al Jazirah NewsPaper Sunday  08/10/2006G Issue 12428مقـالاتالأحد 16 رمضان 1427 هـ  08 أكتوبر2006 م   العدد  12428
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

دوليات

متابعة

منوعـات

نادى السيارات

نوافذ تسويقية

الرأي

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

تحقيقات

وطن ومواطن

وَرّاق الجزيرة

الأخيــرة

شيء من
الثقافة التلفزيونية
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

هذا العنوان ليس لكاتب هذه السطور، وإنّما للدكتور عبدالله الغذامي، الذي ألّف في هذه الثقافة الوافدة إلينا كتابه القيِّم (الثقافة التلفزيونية، سقوط النُّخب وبرز الشعبي) والذي هو بحق مرجع في هذه الثقافة، ويوضح بحرفية - معنى هذه الثقافة الجديدة في آليات الاتصال بين البشر في العصر الذي نتعايش معه.
وعندما كتبت في الأسبوع الماضي مقالي عن (طاش والإرهاب) تلقَّيت الكثير من ردود الأفعال، منها الساذج، ومنها العميق؛ غير أنّ الذي لاحظته من حواري مع بعضهم أنّ مفهومي (الدراما) ومفهوم (الثقافة التلفزيونية) ومتطلَّباتهما في العمل الإعلامي، هو ما يغيب عن هذه الرؤى؛ فمواجهة الانحراف السلوكي، مازال في ذهن الكثيرين يجب أن يكون بالطرق والأساليب (الكلاسيكية)، كالوعظ والمناصحة؛ في حين أنّ منجزات اليوم الإعلامية قد أتاحت لنا أساليب أكثر تأثيراً، وأمضى نفاذاً إلى عقول البشر من الطريقة التقليدية لمواجهة الانحرافات، وهي تفعيل (الصورة)، و(الدراما) للوصول إلى هذه الغايات.
ولا يمكن أن تكون مؤهَّلاً في الحديث في هذه المجالات، إلاّ أن تعي ما هو مفهوم ثقافة (الصورة) كوسيلة جديدة للاتصال، بعد مراحل (المشافهة) و(التدوين) و(الكتابة) كما يقول الدكتور الغذامي. وهي التي أصبحت الآن وسائل تقليدية مقارنة (بالصورة)، إضافة إلى أنّك يجب أن تكون مدركاً تمام الإدراك لمدى أثر (البصريات) وليس (الصوت)، كوسيلة معاصرة وحديثة في عملية الاتصال الثقافي بين بني البشر.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ الحكم على مثل هذه الأمور، لا يمكن أن يتأتّى لأيِّ أحد إلاّ إذا فهم وأدرك أنّ (الصورة) وعلاقتها بالدراما هي أحد (أهم) أساليب التعامل الفني المعاصر. طاش كمنجز إعلامي ينتمي إلى فنٍّ تعارف العالم عليه باسم (الدراما التمثلية). وبالتالي فإنّ الذين وقفوا (بحدَّة) وغضب ضد (إرهاب أكاديمي)، لا يمكن أن يكونوا منسجمين مع أنقصهم إلاّ إذا كانوا يقفون ضد (مبدأ) التمثيل (الدرامي) كمبدأ. وهنا يختلف الأمر كلياً.
والسؤال: هل بالإمكان أن يمكن تصوُّر (تنفيذ) عمل درامي تمثيلي يسعى إلى محاربة الإرهاب، الذي يتذرّع بالإسلام، ويستغل مفاهيمه، دون أن يصوِّر الإرهابي (كرجل ملتحٍ)، يتذرَّع بقال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، يقصر ثوبه، ويردِّد المقولات التي يردِّدها الملتزمون، وذات المصطلحات التي يحتويها خطابهم، ويهتم بأن تكون تفاصيل البيئة (شكلياً) التي يعيش فيها ملتزمة ببيئة الإنسان النقي الملتزم، كلُّ ذلك من أجل أن (يصوِّر) للملتقِّي كيف يستغل هؤلاء الأشرار النصوص والمقولات الإسلامية لخدمة أغراضهم الطاغوتية.
نعم، ربما تكون هناك هفوات هنا وهناك، غير أنّ الذي يفهم ما هو العمل الدرامي يدرك أنّ الأهم هو (صلب) العمل، وأنّ من العدالة في النقد الفني تفترض أن توازن بين الجزء المملوء من الكأس والجزء الفارغ منها، ليكون نقدك متّزناً.
ثم إنّ الاستهزاء إذا كان ثمة استهزاء لم يكن لذات العمل، وإنّما لتوظيف النصوص لخدمة غاياتهم الشيطانية. ولابن الجوزي رحمه الله، كتاب شهير اسمه (أخبار الحمقى والمغفلين)، كان فيه الكثير من هذه (الكفشات)، وبالذات على حمقى القراء والمعلمين.
ويقول تاريخنا الأدبي: إنّ أحد موالي المهدي قال لمن حضر مجلس الخليفة: ما تفسيركم لقول الله عزَّ وجلَّ {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ ... ...} «68» سورة النحل. قال بشار بن برد الشاعر الذي كان حاضراً المجلس: النحل التي يعرفها الناس؟. قال: هيهات!؛ النحل بنو هاشم!. وقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ} «69» سورة النحل يعني العِلْم. فقال له بشار ساخراً: (جعل الله طعامك وشرابك وشفاءك فيما يخرج من بطون بني هاشم). هنا سخر بشار و(استهزأ) ليس بالقرآن، وإنّما بهذا التفسير الأحمق للنَّص القرآني.
كما أنني أتذكّر بهذه المناسبة، سابقة في غاية الدلالة، مارسها مجلس كبار العلماء، في التسعينات هجرية على ما أتذكّر، عندما أرادوا أن يناقشوا موضوع (النقود والبنوك) من وجهة نظر إسلامية. يقول التاريخ إنّهم استدعوا محافظ مؤسسة النقد آنذاك المرحوم (أنور علي)، وناقشوه، وشرح لهم بالتفصيل كيف هي فكرة النقود والبنوك.
ولك أن تتصوَّر لو أنّ اللجنة الدائمة للإفتاء مارست (نفس) هذا الدور الذي قام به أسلافهم، وطلبوا (خبراء) في الإعلام، و(خبراء) في (الدراما)، وخبراء في (الصورة) كأداة تعبيرية، وأهميتها في العلاقات الإعلامية، وشرحوا لهم ضرورة هذا المجالات التي لا يمكن للعاقل اليوم أن يهمشها، ويتجاوزها، في هذا العصر الذي يفرض علينا ثقافته، شئنا أم أبينا.
والسؤال: هل لو مارس أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء التي حرمت (طاش) بل وحرمت الدراما من أساسها كما تقول تلك الفتوى، إيكال مهمة شرح هذه العلوم الجديدة على مشايخنا، للخبراء المتخصصين، ليتمكن مشايخنا تصوُّر هذه النوازل قبل تحريمها، أتراهم سيصدرون تلك الفتوى؟ أشك في ذلك.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved