Al Jazirah NewsPaper Sunday  08/10/2006G Issue 12428مقـالاتالأحد 16 رمضان 1427 هـ  08 أكتوبر2006 م   العدد  12428
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

دوليات

متابعة

منوعـات

نادى السيارات

نوافذ تسويقية

الرأي

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

تحقيقات

وطن ومواطن

وَرّاق الجزيرة

الأخيــرة

استرعى انتباهي
الهيئات.. جدلية التغيير والثبات؟
د. عبدالله بن ناصر الحمود (*)

ليس الحديث عن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأمر اليسير، ولم يكن كذلك أبدا على مر العصور التي أعقبت نشأة هذا الجهاز الحيوي منذ النشأة الأولى للدولة السعودية المعاصرة، التي أخذت على عاتقها دعوة الناس للمعروف من القول والفعل، وتحذيرهم من المنكرات، وفق منهج الله الذي ارتضاه سبحانه وتعالى للناس. ومن نافلة القول إن حساسية الحديث عن هذا الجهاز ليست لذات الجهاز ابتداء، ولكن للمعنى الذي يمثله، وللمضمون الذي يحمله، ومن هنا بات الحديث عن جهاز الهيئات وكأنه حديث عن ذات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ما جعل الشقة تزداد كثيرا بين (المتحاورين) أو (المتقاذفين) للمعاني والأشكال ممن يتحدثون عن هذا الجهاز وعن مهماته ووظائفه بين مؤيدين وناقدين. وحيث أتناول اليوم هذا الموضوع، فإنني أجزم بأنني لن أكون شذوذا عن هذه القاعدة، بل قد ينالني من تقاذف الصفات والأوصاف ما يمكن يراه البعض (الحق المحض!).
يجب ابتداء أن نؤمن بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قيمة من قيم المجتمع المسلم، ومبدأ لا يصح الحياد عنه، ولكن يجب أيضاً أن ندرك ونستوعب أن جهاز الهيئات إنما هو جهاز إداري يصح أن يجري عليه ما يجري على غيره من أجهزة المجتمع التنفيذية من النقد والرغبة في التطوير والتعديل والتصحيح المستمر على مر الأيام والسنوات دون أن يخالجنا قلق على المضمون الذي يعبر عنه الجهاز؛ لأن ذلك - بالضرورة - ليس هو موضع النقد. فعندما أقول إن رجلا اسمه (كريم) قد صار بخيلا، مثلا، فلن يؤدي ذلك إلى نفي الكرم من كلمة (كريم)، وعندما يكون (مقدام)، مثلا، رجلا غير شجاع، فلا يمكن أن يفهم من ذلك نفي الشجاعة والإقدام مطلقا.
إننا نحتاج اليوم إلى وقفة تأنّ مع ذواتنا؛ لنكون أقدر على تقبل النقد وأرحب صدرا، بدل الإصرار على واقع الحال؛ لأن دوام الحال من المحال في عالم تتغير فيه متغيرات العيش والحياة بمتوالية هندسية كبرى يجب أن نكون قادرين على اللحاق بها، عوضا عن الدعوة للثبات على ما ليس ثابتا بالضرورة. وفي معرض أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر، يجب أن نحظى باحترام كثير من الناس الذين هم من بيننا والبعيدين عنا، ولن يتحقق لنا هذا المطلب ما لم تكن آليات فعلنا وفق أحدث الرؤى العلمية المتخصصة وتبعا لأصح نظريات علم الاتصال الإنساني. ولن نتقدم في هذا الأمر ما لم نكن أرحب صدرا في تبادل الرؤى المجتمعية عن بعضنا، وقياس أدائنا لمهماتنا ووظائفنا عبر الآخرين، لعل الله تعالى أن يهدينا سبيل الرشاد في كل زمان وفي كل مكان، وفي كل نشاط من أنشطتنا.
مطلوب اليوم من جهاز الهيئات، أكثر من أي زمن مضى، أن يكون شفافا جدا في سياسته ونظمه ولوائح عمله، وأن يكون كثير منها متاحا لعامة الناس وخاصتهم على شبكة الإنترنت، حتى يعرف الناس حقوقهم وواجباتهم تجاه جهاز تنفيذي من أكثر الأجهزة تأثيرا في حياة الناس، ومن أهمها لصالح دينهم ودنياهم. وقد عجبت أنه ليس للرئاسة العامة للهيئات موقع شامل تفاعلي على الشبكة، وليس لها اتصال تقني متقدم مع الناس، في حين أن أفرادها قد يسجلون المرتبة الأولى في الاتصال المواجهي، لكنه الاتصال (مربط الفرس) وموضوع (التحاور) أو (التقاذف) الذي لن ينتهي إلا بالتعقل في موازنة الأمور، وبإتاحة قناة اتصال موضوعية وفعالة بين الناس والهيئة (بسمتها الرسمية) وليس عبر أفرادها الذين قد يصيبون وقد يخطئون.
ويجب تحويل الخطاب في بعض مواقع فروع الهيئة على الشبكة إلى خطاب خدمي يحترم الجمهور ويقدم له المعلومة ويتيح له قناة اتصال رسمية نظامية للعلم بطبيعة عمل الهيئة، ليس بعموميات الألفاظ فيما هو (معروف) وما هو (منكر)، ولكن بالتقنين الدقيق للمخالفات وللجنح وللجرائم التي تتعامل معها الهيئة، ونشر ذلك في سياسة معلنة للجمهور، فلا يكون بعد ذلك باب لاجتهاد مجتهد من أفرادها، ولا ناقد من خارجها إلا وفق أحكام هذا النظام وتلك السياسة. إن ترك أبواب الاجتهاد مشرعة للأفراد أو المراكز والفروع، سيترتب عليه بالضرورة اجتهاد نقاد تقبلهم طائفة وترفضهم أخرى، وسيترتب عليه رفض فئات من المجتمع أن يقع أفراد الهيئة في أخطاء مهما كانت المبررات؛ لأن الجماهير اليوم جماهير فطنة وذكية وقادرة على الموازنة بين أحوال وأوضاع كثيرة حول العالم، ولم تعد حبيسة (المحلي) ولا رهينة (الأمر الواقع). كما يجب أن تتيح الهيئات منافذ إلكترونية تسمح بالسؤال، عن المجهول، وبالتظلم السريع من بعض الأقوال أو الأفعال.
إننا في الوقت الذي يؤمن فيه المجتمع بقيمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لن يسعه أن يترفع جهازه الإداري عن النقد الذي طال ويطول غيره من الأجهزة السيادية والخدمية على حد سواء. إن صورة مجتمعنا الكبرى في الداخل والخارج ليست إلا نتاج تفاعلاتنا مع الكون والحياة فيه، ولا يصح أن تترفع بعض تلك التفاعلات عن النقد؛ لأن في ذلك كسادها، وإن هي كسدت قادت إلى ويلات ونكبات، الأحرى بنا أن نربأ بأنفسنا عنها.

(*) نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
alhuoodmail.yahoo.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved