Al Jazirah NewsPaper Tuesday  05/12/2006G Issue 12486مقـالاتالثلاثاء 14 ذو القعدة 1427 هـ  05 ديسمبر2006 م   العدد  12486
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

القوى العاملة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

التأسيس للمجتمع المدني في عهد الملك سعود 2-2
د. حسن بن فهد الهويمل

و (المجتمع المدني) بوصفه جماع المأسسة، لا يتحقق بمفهومه السليم، حتى تتحوّل السلطة التنفيذية من المركزية الإدارية إلى التنوُّع والتعدُّد، و (المملكة العربية السعودية) في سياق عالمها العربي جاءت متأخرة، ومن ثم فهي بأمَسّ الحاجة إلى اختصار الزمن، واللحاق بمن سبق، لكيلا تكون نشزاً في سياقها، وذلك ما اضطلع به الملك المؤسِّس، واقتفي أثره أبناؤه من بعده.
وعهد (الملك سعود) حَفِلَ بتحوُّلات مؤسَّساتية فرضتها طبيعة المرحلة التي عاشها، وأحسب أنّه توفّر لهذه المرحلة من الأجواء الملائمة ما مكّنه من تعجيل التحوُّل من مركزية الإدارة إلى التعدُّدية، وقد تمثّل ذلك حسّاً ومعنى، حيث عمد إلى التقسيمات الإدارية، وإنشاء المقرّات في آن، ولم تكن مبادراته جزئية، وإنّما تعدّدت وتنوّعت، وشملت التعليم والصحة والتجارة والصناعة والزراعة، وسائر متطلّبات المجتمع المدني.
لقد بدت بوادر الريادة للمجتمع المدني، في عهد (الملك عبد العزيز) رحمه الله، فبعد توحيد الأقاليم، وحَّد المسمَّى (المملكة العربية السعودية) عام 1351هـ، لتبدأ معركة البناء الحضاري، وفي السادس عشر من محرم عام (1352هـ) وضع نظام ولاية العهد، وعيَّن ابنه (سعوداً) ولياً للعهد، وفي عام (1354هـ) افتتحت مدرسة تحضير البعثات، ولعلّ باكورة التأسيس المؤسَّساتي يتمثّل في نظام المناطق الذي صدر عام (1359هـ) محدداً مهمات أمراء المناطق، وتأسيس مجالس إدارية، وأعقبه في عهد (الملك سعود) صدور نظام المقاطعات عام (1383هـ)، وظلَّ ساري المفعول حتى عام (1412هـ)، وهو العام الذي صدر فيه نظام المناطق، وواكبته أنظمة أخرى، كنظام الحكم والشورى، وهذه الكيانات أكدت الأهداف السامية للدولة، وهي أهداف تواكب مستجدّات العصر، دون المساس بثوابت الأُمّة ومسلّماتها. وإذا كان تشكيل مجلس الوزراء في عهد (الملك عبد العزيز) فإنّ النظام الأساسي له صدر عام (1377هـ)، وظلَّ ساري المفعول حتى صدور النظام الجديد عام (1414هـ)، ويُعَد هذا النظام حجر الزاوية لكلِّ مؤسسات المجتمع المدني، لأنّ لكلِّ وزارة عدداً من المؤسسات في مختلف المناطق، وهي مؤسسات لا يتحقق المجتمع المدني إلاّ من خلالها، ولم تقتصر جهود (الملك سعود) على إنشاء المؤسسات بل امتدت إلى سنِّ الأنظمة، والرجوع إلى موسوعة الأنظمة يؤكد أنّ له فيها القدح المعلَّى، ولن يتسع الوقت لتعدادها أو تعداد ما طرأ عليها من تعديلات. وما من قطاع محدث إلاّ وله نظام، يتقلّب مع الأوضاع وجوداً وعدماً، وذلك الحراك وتلك المرونة لب المجتمع المدني.
ولقد ظلّت البلاد في إطار التعليم العام، وما فوق ذلك كان عن طريق كليات مستقلة، وفي عام (1377هـ) افتتحت جامعة (الملك سعود) وتُعَد أول جامعة في الجزيرة العربية. وفي إطار مأسسة التعليم وتَحْديثه أنشئت مدينة (الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية) عام (1379هـ)، وكان اسمها إذْ ذاك (المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا) وهي هيئة علمية ذات شخصية اعتبارية، وذات أهداف حضارية، لها نظامها وأسلوب إدارتها ومجالاتها الزراعية والتعدينية والصناعية وغيرها. وتبع ذلك تأسيس (الرئاسة العامة لتعليم البنات) و (رابطة العالم الإسلامي)، وأثناء ذلك تعاقب التأسس لعدد من مرافق الدولة التي تحوَّل بعضها إلى وزارات، وليس من السهل تقصِّي المؤسسات التي أنشئت في عهده.
ولقد أشادت (الموسوعة العربية العالمية) إلى مجمل إنجازاته المؤسساتية واهتماماته الإسلامية والعلمية والثقافية، فعن بعض ذلك تقول: - (اهتم (الملك سعود) بالشؤون الإسلامية توسّع في إنشاء المعاهد الدينية، التي خُصِّصت لتدريس أصول الدين وأحكامه، وكذلك مدارس تحفيظ القرآن الكريم، كما أمر بطبع الكثير من الكتب الإسلامية، ودعم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووفّر أسباب الراحة للحجاج، ووسّع المسجد النبوي، وشرع في توسيع الحرم المكِّي، وعبَّد عدداً من الطرق، وقوّى الجيش، وزوّده بالأسلحة الحديثة، وفي عهده افتتحت أول جامعة في المملكة، وهي جامعة (الملك سعود) وأول كلية عسكرية هي كلية (الملك عبد العزيز) الحربية بالرياض).
والرّاصدون للأحداث يتفقون على اهتمام (الملك سعود) بتحديث أجهزة الدولة ومأسسة كافة القطاعات المجمعة في جهة واحدة. لقد كانت (وزارة المالية) إبان عهد (الملك عبد العزيز) أم الوزارات، فمنها نسلت الوزارات الواحدة تلو الأخرى، كانت بعض الوزارات قد استقلّت منها على عهد (الملك عبد العزيز) ك (وزارة الدفاع)، ثم جاء عهد (الملك سعود)، فتحاً مبيناً لتشكيل الوزارات والمؤسسات والإدارات العامة، مثل (وزارة المعارف) و (الزراعة) و (التجارة) و (المواصلات)، ولقد أنشئ مجلس الوزراء في عهد (الملك عبد العزيز)، ولكن نظامه وانعقاده كان في عهد (الملك سعود).
ولما أمر (الملك عبد العزيز) بإنشاء مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد تولّى (الملك سعود) ذلك، وسعى في تحويل كثير من الإدارات العامة إلى وزارات، حيث اتخذ إجراءين هامّين أحدهما: نقل الوزارات إلى العاصمة السياسية. الثاني: إنشاء مقر مناسب لكلِّ وزارة، كان معلماً حضارياً، ومجالاً رحباً لممارسة مهمات الوزارة، وفي ذلك تجسيد حسِّي وتهيئة مناسبة للأجواء، لكي تمارس كلُّ وزارة دورها بمعزل عن لداتها، والربط بين اتخاذ قرار الإنشاء المعنوي والحسِّي مؤشّر وعي عميق بأهمية التحوُّل المؤسساتي، إذْ لم يكتف بإنشاء الوزارات، بل ربط ذلك بإنشاء مقر ملائم، والمباني العملاقة مؤشّر استشراق للمستقبل، إذْ بقيت بعض الوزارات في مقرّاتها الكبيرة المنشأة، منذ أكثر من نصف قرن.
ويأتي إنشاء الوزارات، ونقلها إلى العاصمة، وإنشاء المقرّات الضخمة لها دليلاً على أنّ المبادرات المؤسساتية كانت واعية، وتمثِّل (استراتيجية) إدارية ظلّت في تطوُّر مستمر، وأسهمت في التعجيل باستكمال المجتمع المدني. ولم يكتف عهد الملك (سعود) رحمه الله، باستكمال الوزارات ونقلها وبناء مقرّات لها، بل أعاد تنظيمها الهيكلي، وأنشئت إلى جانبها مؤسسات مستقلّة، وإدارات عامة لكلِّ قطاع لا يحتمل إنشاء وزارة.
ومنجزات (الملك سعود) ليست قصراً على عهده، بل كانت له بصماته الواضحة في عهد والده، إذْ هو أكبر أبنائه، وأكثرهم لصوقاً به، وتحسُّساً لرغباته، و (الملك عبد العزيز) حين أقعدته الشيخوخة أتاح لأبنائه (سعود) و (فيصل) فرصة تحمُّل المسؤولية ومواصلة المشوار الذي بدأه ومنحه كلَّ ما يملك من جهد ووقت.
والذين لم تَعُد عيونهم إلى ما قبل التكوين والبناء، لا يدركون الجهد المبذول، ولا يعرفون كم هو الفرق بين الأمس واليوم، إنّ قراءة التاريخ السعودي في دوره الثالث، وقراءة ما قبله مؤذن بالتوفر على معلومات قيِّمة، تضع أيدي الناشئة وعيونهم على أوضاع لا يتصوّرها إلاّ من عاشها وتجرّع مرارتها، والحديث عن منجزات الملوك والقادة ليس مجرّد إشادة، إنّه تذكير بالمعاناة التي عاشها الآباء والأجداد وبالأمجاد التي أنجزوها، ومن لم يعرف تاريخه لا يعرف نفسه، وجهل التاريخ مؤذن بالتفريط بالمنجز. إنّ على كافة المؤسسات الإعلامية والثقافية أن تتخول الناشئة بالحديث عن تاريخ حافل بجلائل الأعمال، لكي تعي الناشئة أمجادها، وتحافظ عليها.
وخلاصة القول إنّ عهد (الملك سعود) رحمه الله، كان حافلاً بالحراك الحضاري على مختلف الصعد، ويمثِّل تحوُّلاً جذرياً في كافة المرافق، فلقد اهتم بتحديث أجهزة الدولة، ومأسسة كافة القطاعات الخدمية المنطوية تحت إدارة واحدة ك(وزارة المالية) على سبيل المثال، وتحويل بعض الإدارات إلى وزارات استجابة للتوسُّع العمراني والنمو السكاني، وإحداث أنظمة، وتحديث القائم منها، والتوسُّع في شُعَبِ الخبراء والمستشارين، وتعميم التعليم وإشاعته في القرى والهجر، ومسايرة التطوُّر العالمي في تجديد المناهج، وتنويع التخصُّصات، وفتح باب الابتعاث إلى دول العالم للتوفُّر على كوادر ملمّة بمجمل التخصُّصات وإعطاء الخدمات الصحية والبيئية أهمية خاصة، وتمكين المدن الرئيسية من الاستفادة من ذلك، تمثّل ذلك في إنشاء المستشفيات والبلديات، وواكب ذلك الاهتمام بالثقافة والرياضة والإعلام.
ولما لم نكن بصدد التقصِّي والتفصيل، فإنّ الإشارة تؤكد على أنّ هذا العهد يُعَد عهد التأسيس الحقيقي للمجتمع المدني، ولقد أسهم في عملية الانطلاق التي جاءت على يد من خَلَف، نسأل الله تثبيت الأمن والاستقرار والرخاء والعون على الشكر المُقر بالنِّعم والمُقر لها، إنّه وليُّ ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved