Al Jazirah NewsPaper Tuesday  05/12/2006G Issue 12486مقـالاتالثلاثاء 14 ذو القعدة 1427 هـ  05 ديسمبر2006 م   العدد  12486
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

القوى العاملة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

شيء من
لبنان الصراع
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

يبدو أنّ الصراع بين الموالاة والمعارضة في لبنان لن يشهد حلاً قريباً. فكلُّ طرف متمسِّك بمنطقه وشروطه، وجميع من يسعون بين الفريقين لإيجاد مَخرَج من الأزمة، ها هم يعلنون فشلهم أمام تعنُّت وتمسُّك كلّ طرف بموقفه.
ومن يقرأ تاريخ لبنان السياسي يجد أنّه تاريخ أزمات، تصاعدت، حتى الحرب الأهلية التي بدأت في منتصف السبعينات، واستمرت لأكثر من سبعة عشر عاماً وحتى بدايات العقد الأخير من القرن الماضي، خرج منها جميع الفرقاء المتحاربين دونما انتصار أو هزيمة، وبدمار وخراب لبلدهم. مشكلة لبنان، كما هي مشكلة الإنسان الناطق بالعربية، أنّه لا يتعلّم من أخطائه، ولا يتذكّر من التاريخ إلاّ ما هو جميل ورومانسي، ويشطب من ذاكرته ما هو قبيح وبالذات ما كان مؤلماً. لذلك نسي اللبنانيون، قادة وشعباً، ويلات الحرب الأهلية؛ وها هو (تماحكهم) السياسي يجعل الجميع، موالاة ومعارضة، كمن يلعب في حقل ألغام لا يدري متى ستنفجر ألغامها فيه، لتعود الحرب الأهلية، أو تكاد، من جديد.
ولبنان (الديمقراطي) هو في التحليل الأخير اصطفافات (طائفية)؛ فكلُّ فريق، سواءً في الموالاة أو المعارضة، ينطلق - من حيث المبدأ - من مصلحة الطائفة أولاً، وليس من مصلحة الوطن. فالوطن لا قيمة له هناك عملياً، مثلما أنّه - دائماً - لا قيمة له في أولويات الإنسان الناطق بالعربية على هذه الرقعة المسمّاة المنطقة العربية، إذا ما قارنّاها بقيمة الانتماء للطائفة أو العشيرة أو حتى الأُسرة؛ رغم أنّ (الوطن) يبقى على مستوى الشعار، وربما الخطاب، حاضراً، ولكنه على أرض الواقع مغيب، فالوطن مجرّد (أرض) للتوافق والتعايش واقتسام الغنائم بين الطوائف؛ لهذا فإنّ الانتماء للطائفة يبقى هو الانتماء الحقيقي الذي يحمي وجود الإنسان، ومنه ينطلق في تحقيق ذاته. وهنا تصبح الديمقراطية، بآلياتها، وانتخاباتها، وبرلمانها، وأحزابها، وحرِّياتها، وقيمها، التي يتباهى بها اللبنانيون، في نهاية المطاف، مجرّد (محاصة) طائفية ليس إلاّ، تغيب فيها، ومن أجلها، مصلحة الوطن لتتقدم مصلحة الطائفة وأساطين الطائفة.
والطائفية في لبنان هي مفاهيم مخلوطة بالقبلية. لذلك فإنّ الصراع في لبنان لم يكن قط صراعاً سياسياً، ولكنه بكلِّ المقاييس صراعٌ بين (قبائل) طائفية، تتحالف لكنها لا تلبث إلاّ أن تختلف؛ تماماً كما تتحالف القبائل البدوية على اقتسام الماء والكلأ ردحاً من الزمن، ثم يختلفون، ليعود (الغزو) من جديد، ويُحاول كلُّ طرف الاستيلاء على ما في يد الآخر كغنيمة.
ولأنّ الطائفة فوق الوطن، وتأتي قبله في الولاء والانتماء، أصبح اختراق لبنان من قِبل الخارج سهلاً، طالما أنّ الذي يسعى للاختراق (يتماثل)، من حيث المرجعية الطائفية، مع الحزب الذي يمثل الطائفة. لذلك فإنّ (حزب الله)، وكبار قواده، لا يستحون، ولا يجدون غضاضة، عندما يعتبرون أنّ حزبهم (ممثل) إيران في لبنان، وهم - في المقابل - ممثلو لبنان في إيران، كما صرح بذلك أحد قادتهم. ف(العمالة) لإيران هي بالتعبير الطائفي الشيعي مقتضى مفهوم (ولاية الفقيه)، الذي (يتميّز) به حزب الله عن حركة أمل الشيعية أيضاً كأيديولوجية؛ ولعلّ مفهوم (ولاية الفقيه) سياسياً يعني أن ينصاع حسن نصر الله للولي الفقيه الإيراني انصياعاً كاملاً، لا يقبل النقاش، أو يحتمل ولو قدراً ضئيلاً من التساؤل فضلاً عن الممانعة .. يقول نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله، في كتابه (حزب الله: المنهاج والتجربة والمستقبل) ما نصه: (إنّ مشروع قيام دولة إسلامية هو في صُلب عقيدة حزب الله، وبهذا يكون حزب الله (امتداداً) للثورة الإسلامية في إيران)!.
ولم أفهم كيف تحالف التيار العوني الماروني مع حزب الله الشيعي؛ فهذا التحالف أشبه ما يكون بالزواج غير المتكافئ، والذي لا يمليه التوافق، حتى في الحد الأدنى من التوجُّهات، بقدر ما تمليه قضايا مصلحية وقتية ملحّة، وعلى المدى القصير أيضاً. ولك أن تتصوّر لو أنّ لبنان ذا الثماني عشرة طائفة، يُحكم بالطريقة الخمينية، ومن حزب (أصولي) لا يمثل حتى كلّ الشيعة، فكيف بكلِّ اللبنانيين، أين سيكون موقع عون وحزبه من هذه الجمهورية؟ غير أنّ التحالفات الطائفية في لبنان هي في الغالب ليست تحالفات تهتم بالأيديولوجيات كثيراً قدر اهتمامها بلعبة استقطاب الأصوات، وتمكين قادة الطوائف ونوابها من الحكم، حتى ولو كان على حساب التوجُّه الأيديولوجي. ففي لبنان لا تستغرب - إطلاقاً - عندما تجد تحالفاً بين حزب شيوعي صرف وبين حزب سلفي إسلامي، حتى وإنْ كانت أيديولوجيته تقومُ على (التكفير)!.
حرب الشوارع (السلمية) في لبنان، والتي تشتعل هذه الأيام بين الحكومة والمعارضة، هي صراع تحالفات طائفية، تلبس لباس الديمقراطية، وهي أبعد ما تكون عنها. إنّها لعبة حارة (كل من أيدو إلو) على الطريقة اللبنانية، مع استبدال اليد بالدولار (أحياناً) هذه المرة.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved