Al Jazirah NewsPaper Friday  22/12/2006G Issue 12503أفاق اسلاميةالجمعة 02 ذو الحجة 1427 هـ  22 ديسمبر2006 م   العدد  12503
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

المجتمـع

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

لقاءات

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

تحقيقات

مدارات شعبية

الأخيــرة

فضل عشر ذي الحجة
معالي . د . أحمد بن علي سير المباركي (*)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
فإن من فضل الله تعالى ونعمه الجليلة على عباده أن هيأ لهم مواسم عظيمة تكون مغنما للطائعين وميدانا للمتنافسين من عباد الله الصالحين، يقول أبو عثمان النهدي: (كانوا يعظمون ثلاث عشرات؛ العشر الأخيرة من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من المحرم).
وإن من أعظم هذه المواسم وأجلها العشر من ذي الحجة، يقول تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}(27-28)سورة الحج، فالأيام المعلومات هي أيام العشر من ذي الحجة.
ويقول تعالى: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (12)سورة الفجر، فالليالي العشر هي عشر ذي الحجة، كما قال غير واحد من السلف.
وكما جاءت آيات تبين فضلها جاءت السنة كذلك؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام) يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) أخرجه البخاري.
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). أخرجه الطبراني والبيهقي بإسناد جيد.
وبتأمل هذه النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما نقل عن علماء الملة في كتبهم تخلص إلى أن في العشر الأول من شهر ذي الحجة من الأعمال الفاضلة والطاعات المتعددة ما يجعل المسلم يحرص كل الحرص على أن يغتنمها طاعة لله وتقربا إليه جل وعلا.
1- والسبب في امتياز هذه العشر بذلك هو اجتماع أمهات العبادة فيهن من صلاة وصيام وصدقة وحج مما لا يتأتى في غيرها. قاله الحافظ في الفتح.
2- وهي شريفة الزمان في كل البقاع، وشريفة المكان مما دل الدليل على شرفه، كما تقدم في الحديثين آنفا.
3- وفيها يوم عرفة اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم النعمة، فعن عمر رضي الله عنه: (أن رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية من كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة)، أخرجه البخاري.
4- وفيها يوم النحر كذلك، فهو يوم الحج الأكبر، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يوم الحج الأكبر يوم النحر) أخرجه أبو داود وابن ماجه.
فمن أدرك هذه الأيام العشر فقد أدرك نعمة عظيمة من نعم الله تعالى ينبغي أن يقدرها حق قدرها، وأن يستشعر هذه النعمة، ويغتنم هذه الفرصة بمزيد من العمل الصالح، ومن ذلك:
1- أداء الحج والعمرة، وهو أفضل ما يعمل، ويدل على فضلهما أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلى الجنة) أخرجه الشيخان، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) أخرجه الشيخان.
2- صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها وبخاصة يوم عرفة لغير الحاج، وجنس الصيام من أفضل الأعمال للحديث القدسي (قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) أخرجه الشيخان، وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله، دلني على عمل أدخل به الجنة، قال: عليك بالصوم فإنه لا مثل له) رواه النسائي والحاكم.
3- الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى ودعائه وتلاوة القرآن الكريم؛ لقوله تبارك وتعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} (28) سورة الحج، ولما حث عليه صلى الله عليه وسلم من الإكثار من ذكر الله في هذه الأيام على وجه الخصوص، كما جاء ذلك في حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - آنفا. وكان بعض السلف يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيام العشر فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهم.
4- كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوها، فإنها من الأعمال التي تضاعف هذه الأيام لما روى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه في الحديث القدسي (وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) أخرجه البخاري.
5- ومن أعظم هذه المناسبات وأبرك هذه الأوقات في أيام العشر يوم عرفة، فهو أفضل الأيام عند الله وأبركها، فليس ثمة يوم طلعت عليه الشمس أو غربت هو خير من يوم عرفة، فقد صح عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم أكثر أن يعتق فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو عز وجل يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء) أخرجه مسلم، وهو يوم يصغر فيه الشيطان ويدحر ويحقر ويغيظ لما يرى من مغفرة الذنوب وتجاوز الزلات من رب العالمين، فعن طلحة بن عبيد الله بن كريز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما رأى يوم بدر، قيل وما رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال: أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة) أخرجه مالك وعبد الرزاق وهو حديث مرسل صحيح.
6- والدعاء فيه خير الدعاء وأفضله وأحراه قبولا عند الله عز وجل، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) أخرجه الترمذي بسند صحيح.
7- ويكفي فضل هذا اليوم العظيم أنه يكفر السيئات ويغفر الزلات؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟) أخرجه مسلم.
ومن فضل الله على عباده ورحمته بهم أن فضل يوم عرفة لا يقتصر على أهل الموقف بل يمتد إلى غيرهم من المسلمين، ولذلك فقد شرع الله لغير الحاج صيام هذا اليوم ويؤجر بتكفير ذنوب سنتين، فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والباقية) رواه مسلم.
هذه نبذة يسيرة عن فضل العشر الأول من شهر ذي الحجة أوردتها للذكرى، وإلا فالموضوع كبير، عنيت به كتب السلف، وبخاصة كتب المناسك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

(*) عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث والفتوى



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved