Monday 07/10/2013 Issue 14984 الأثنين 02 ذو الحجة 1434 العدد
07-10-2013

السياحة الداخلية في مأزق جديد!

ما هي إلا أيام قليلة وتبدأ إجازة عيد الأضحى المبارك, عطلة جديدة تضع السياحة الداخلية تحت المجهر وأمام اختبار جديد تُجبر على تأديته أمام الناس وفي حضرة السلطة الرابعة.. اختبار تظهر نتائجه للعلن وأمام الملايين وتستطيع معرفة مدى نجاحها عن فشلها بمجرد مراقبة أعداد المسافرين الهائلة التي تزودنا بها الصحف مع بزوغ شمس أول يوم عطلة في مانشيت صحفي مستهلك “نصف مليون سعودي يقضون إجازة العيد خارج المملكة”!

أرقام فلكية تصرف في عدد من المدن العربية والأجنبية بضمير مطمئن ومرتاح في أيام الإجازات ترفع اقتصاد الدول وتسهم في انتعاش السياحة والتجارة, ما يجعل عدداً من المدن تضبط ساعاتها على موعد إجازة السعوديين, فنجد أن دبي مثلاً كمدينة باتت تتصدر المراتب الأولى كوجهة مفضلة للعائلات السعودية تتحضر لفتح أكبر مولاتها “دبي مول” على مدار الأربع والعشرين ساعة في مبادرة سياحية هي الأولى من نوعها في العالم لإدهاش السائح وإرضاء ذائقته المتطلبة, فتخيل مثلاً أن تتسوق والماركات العالمية من حولك في الساعة الثانية بعد منتصف الليل, أو أن تأكل وجبة خفيفة في طاولة أحد أشهر المطاعم العالمية الساعة الرابعة فجراً! هذا أعزائي ما فعلته دبي التي ما برحت تفاجئ زائريها بعلو سقف المفاجآت التي تمنحها وسعة صدرها لتقبل ومن ثم “تنفيذ” فكرة قد تبدو مجنونة لوهلة! كما وسمعنا أن بريطانيا قد تعفي السياح الخليجيين من التأشيرة أو “الفيزا” نظير ما قدمته جيوبهم لاقتصاد البلاد.

كل تلك الأرقام التي نسمع عنها تجعلنا نتساءل فما الذي يجري؟ وما قصة هذه الهجرة الجماعية القصيرة التي تنطلق مع انطلاق أي إجازة؟ ما الذي يبحث عنه السعوديون خارج أرضهم؟ وما الذي يجعل إحدى أغنى بلاد المعمورة عاجزة عن جذب شعبها إلى الداخل, ومبدعة في إطلاقه إلى الخارج محملاً بأموال هائلة وأرقام ضخمة يصرفها هناك.

طرحت على عدد من معارفي تلك الأسئلة المقلقة, فكانت إجابتهم تقريبا واحدة.. إنهم يبحثون عن الحرية أولا، وعن مواقع جديدة ثانيا بعيدة عن أعين المتلصصين..الشباب أيضا يريدون أن يأخذوا نفسا, بعد أن باتوا يشعرون بالاختناق حين ضاقت عليهم مدنهم بما رحبت, يريدون أن يدخلوا مركزا تجاريا للتسوق وقضاء وقت ممتع بصحبة الأصدقاء دون أن “ينط” عليهم رجل الأمن المكفهر الغاضب وينزع عليهم يومهم حين يقول اليوم “عائلات”! وفي المقابل وتريد العائلات أن تجد لها مكاناً آخر بعيدا عن “المول” الذي كانوا يمضغونه طوال العام فحفظوا محلاته ومطاعمه وزائريه, يريدون أن يحضروا أمسية شعرية, أو يستمتعوا بمشاهدة فيلم في قاعة سينما, أو ربما يتابعوا مسرحية هادفة ويستفيدوا من معرض عالمي راق.. كل تلك الأشياء تحمل في طياتها كلمتين قد تعود بالسعوديين إلى الداخل وهي الحرية ولا أعني بها (الانفلات) والكلمة الأخرى هي التجديد.. ليس كل من يسافر يبحث عن الانفلات أو الاستعراض ويعيش المفهوم المبتور والمشوه للسفر, منهم من يسافر بحثا عن الفن والجمال والثقافة, فكثيرا ما صادفت سعوديين في المتاحف والفعاليات الحضارية الراقية.

المشكلة في تلك الكلمتين التي خسرنا بغيابها الكثير وخسرت السياحة الداخلية أكثر.. حيث مازلت تدور في دوائر مفرغة وتصم آذانها قصداً أو سهواً عما يحتاجه ويريده الشعب.. الشعب لا يريد خيماً ترفيهية تنصب في الأعياد والمناسبات أو مهرجانات موسمية مملة.. نحن بحاجة إلى رؤية وفكر جديد لمشاريع ترفيهية حيوية تلبي رغبات الشعب باختلاف أذواقه وأعماره وفئاته وتفهم احتياجاته وترتقي لمستوى تطلعاته بل وتتفوق عليها, ليس عبر بناء أكبر عدد من المراكز التجارية التي يهرب منها المواطن متى ما سنحت له الفرصة.. فولله لا ينقصنا شيء عنهم كل ما نحتاجه هو الرؤية والإرادة وربما.. احترام رغبات وتطلعات المواطن, الذي مل من محاولة البحث عن فرص تمنحه إيجاد سعادته في وطنه, ويئس من صناعة ذكريات عائلية أو شبابية رائعة داخل حدوده, فبات يتسول السعادة على أبواب تلك المدن على الرغم من ضخامة الإمكانات البشرية والاقتصادية والجغرافية... ليظل السؤال.. إلى متى؟!

Twitter:@lubnaalkhamis

 
مقالات أخرى للكاتب