Friday 11/10/2013 Issue 14988 الجمعة 06 ذو الحجة 1434 العدد
11-10-2013

شوارعنا تئن من ضيمها

سآخذك في رحلة نجوب أنا وأنت في شوارعنا المهدرة حرمتها وكرامتها، ومن هنا فهي تئن من الضيم الجاري عليها ليل نهار. فما أن تضع قدمك خارج منزلك في طريقك إما لتمتطي سيارتك، أو لتؤدي إحدى الصلوات الخمس، أو لأية حاجة أخرى غير هذه وتلك،

فحذارِ ثم حذارِ أن تنزلق من جراء المياه المتدفقة من أحد أبواب جيرانك الذين يقومون بغسل فناء منزلهم ولم يأبهوا إلى أين ينتهي المطاف بالماء المتدفق بغزارة من غير حساب من الصنابير ومن دون إحساس للمنظر السيئ الذي تحدثه بجريانها في الشارع، وكذلك تكوينها لبقع نتنة مكونة للجراثيم والبكتيريا دون أدنى احترام لحق الجار والطريق.

وعليك الحذر أيضاً عند قيامك بركوب سيارتك خشية أن يصيبك انزلاق غضروفي نتيجة انزلاقك بسبب مياه غسيل السيارات المنسكب في المحيط القريب من موقف سيارتك، نظير قيام العمالة السائبة المستجدية لسائقي السيارات ليسمحوا لهم بغسل سيارتهم بمجرد وقوفهم عند هذا المحل، أو ذاك. وحذار حذار أن تصاب بكسر جراء سقوطك وأنت تهم بدخول أحد المحلات الذي يغسل مالكه ممر محله الذي هو في الأساس جزء من رصيف شارع عام مشاع. وذلك كله في مخالفة صريحة للمادة 1-2 التي تحظر استخدام تسرب المياه في الشوارع والساحات والحدائق العامة وما في حكمها من جراء غسل السيارات، أو المعدات، أو تنظيف الأفنية الخارجية للمباني، أو المنشآت وذلك باستخدام خراطيم المياه، أو غيرها من وسائل التدفق المباشر.

تعال لنكمل سوية رحلتنا الأخاذة الممتعة في أروقة شوارعنا التي تئن من وطأة ضيمنا لها ولن نستطيع أن نمضي قدما من دون حذرك من الغوص بالكثبان الرملية التي نثرها لتوه جارك الذي شرع لتوه ببناء منزل جديد، أو القديم الذي يقوم بعمل ترميم في منزله. كما أن عليك أن تبدى نفس القدر من الحذر والتوأدة عندما تهم بقيادة سيارتك كي لا تصطدم بأكياس الأسمنت التي قام بنثرها في عرضات الشارع، وأكوام البلاط، والحديد، والأخشاب وغيرها من مواد البناء التي تأخذ عادة حيزاً كبيراً من الشارع ولا تبقي له إلا جزء يسيراً يسمح بالسير بأمان فقط في حالة أخذ أقصى درجات الحذر والحيطة. ناهيك عن مكائن البناء، أو عمليات الخلط التي تحصل في وسط الشارع وعلى الإسفلت مسببة ارتفاعات وانخفاضات وتشوهات في الشارع.

وسواء كنت راجلاً، أو خلف مقود سيارتك فعليك الحذر تلو الحذر وأخذ الحيطة تلو الحيطة من الحفريات التي تئن تحت وطأتها شوارعنا التي لو نطقت لأنّت وصاحت بأعلى صوتها من توالي الحفر وتكراره ليل نهار، فهذا حفر لصرف صحي، وآخر لتصريف سيول، وثالث لكهرباء، واتصالات، والقائمة تطول على السارد. فالشارع يرصف اليوم وغداً تقوم جهة أخرى بحفره، وهكذا دواليك، ومن ثم تعاد سفلتته بشكل سيئ بنتوءات تتطلب القيادة بحذر، مخلفة مناظر تشوه جمالية شوارعنا، وجعلتها مستقبلة مدبرة لآلة الحفر والهدم والتشويه صباح مساء من دون كلل وملل وتحولت معها بذلك شوارعنا لورشة مفتوحة مليئة بالحفر لأجل غير مسمى ما يهدد أمن وسلامة مرتاديها.

ولنمض قليلاً في نزهتنا الممتعة لنجوب في شوارعنا التي تحولت إلى واحة للمطبات الاصطناعية ومثلها في ذلك الحواجز الأسمنتية على الطرقات العامة والشوارع الداخلية في الأحياء التي شوهت جمال شوارعنا، وأحالتها إلى مقصلة للمركبات بعددها، وأحجامها، وارتفاعاتها المبالغ فيها وكأنها بذلك الوسيلة الوحيدة للتهدئة المرورية من دون اعتبار لحجم المركبة ونوعها، خاصة سيارات الإسعاف والمطافئ، هذا فضلاً عن وضعها بشكل عشوائي وارتجالي. هذا فضلاً عن كثرة الانهيارات، والتشققات في القميص الإسفلتي، وانعدام الصيانة الدورية مما جعل طرقنا وشوارعنا تئن تحت وطأة بند الإهمال المزري، وليست ذات متانة كافية ثابتة ضد التشوهات المستمرة التي جميعها تظهرت غياباً كبيراً للمعايير الإنشائية والفنية لبناء طرقنا.

وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، وإنما نجد انتهاك حرمة شوارعنا جاء نتيجة عدم الاكتراث من رمي مخلفات المحال، والمنازل، ومخلفات البناء، في عرضاتها، ومن قائدي السيارات باختلاف أعمارهم، ووضعهم الاجتماعي، والاقتصادي وحتى الثقافي الذين لا يتوارى البعض منهم من رمي أعقاب السجائر، أو المناديل والقرطاس، وعلب العصائر والمشروبات الغازية من نافذة سيارته في منظر مقزز لا يمت لسلوك حضاري وبانعكاس يظهر جلياً غياب الذوق، وتراجع مستوى الالتزام، ومن دون اكتراث للسيارات الأخرى المارة، أو لحقوق النظافة العامة من لدن الكثير من قائدي المركبات.

هذا استعراض مقتضب لصور من انتهاك حرمة شوارعنا التي يسهم بها الأفراد والمؤسسات مجتمعين مشوهين بذلك جماليتها، ومقللين من كفاءتها وجودتها، وفي تشويه متعمد لمنحى حضاري يمكن أن يعكس تمدنا وتطوراً ملحوظا، أو تخلفاً يعكس الارتداد إلى عصور سالفة.

alseghayer@yahoo.com

@alseghayer

 
مقالات أخرى للكاتب