Sunday 13/10/2013 Issue 14990 الأحد 08 ذو الحجة 1434 العدد
13-10-2013

سلمان خان

سلمان خان رجل نبيل، اتخذ العلم والتعليم سبيلاً إلى المجد. تعلَّم فاستفاد وطبّق، ثم عَلَّم الملايين من الناس حول العالم. ما زال يُعلّم الناس كل عِلمٍ ممكن، كالرياضيات والكيمياء وغير ذلك.

سلمان خان فنّان لم ينفع العالم ولا حتى أمته بأي نوع من العلوم النافعة. حياته قائمة على الغناء والرقص والتمثيل، لم يأثُر عنه العالم شيئاً مفيداً بَنّاءً تنهض به الأمم.

كيف هذا؟ هل يمكن أن يجمع شخصٌ واحد بين العبث واللهو وبين العلم والتعليم؟ لا طبعاً! فرقٌ ما بين سلمان خان الأول وسلمان خان الثاني، فهما ليسا نفس الشخص. الثاني هو الممثل سلمان خان الذي ظل أكثر من رُبع قَرن يُمثل في الأفلام الهندية أنتج خلالها أكثر من 80 فيلماً.

هذا سلمان خان الثاني، أما سلمان خان الأول فهو رجل أمريكي تعُود أصوله لشبه القارة الهندية، نشأ في ولاية لويزيانا الأمريكية، وركَّز على الدراسة والتعلم حتى صار يحمل 4 شهادات: شهادتان جامعيتان واحدة في الرياضيات والأخرى في الهندسة الكهربائية، وشهادتا ماجستير إحداهما في علوم الحاسب والأخرى في إدارة الأعمال، كل هذا وما زال في منتصف الثلاثينيات من عمره. أما سبب شهرته فكان في عام 2004م عندما كان سلمان يُدرِّس الرياضيات لإحدى قريباته عبر الإنترنت، ولأن أسلوبه جيد فقد أتته طلبات أخرى من الأقارب والأصدقاء الذين يريدون تعلُّم الرياضيات، فعزم على توسيع نطاق تدريسه وأنشأ حساباً في موقعٍ شهير وأخذ يصنع فيديوات تعليمية تشرح الضرب والقسمة والجذور والتربيع وغيرها من العلوم الرياضية، ونجحت هذه المقاطع نجاحاً كبيراً حتى إن سلمان استقال من وظيفته - وكان يعمل محللاً استثمارياً في إحدى الشركات - وتفرَّغ لتعليم الناس، وأنشأ مدرسة خان وهي التي اشتهر بها وحملت اسمه، وهو موقع إنترنت فيه آلاف المقاطع المرئية التي تُعلّم الناس بأسلوب بسيط الرياضيات والحاسب والفيزياء والفنون والكيمياء والتاريخ والكثير غير ذلك، وانفجر نجاح الموقع انفجاراً، فحصلت تلك المقاطع المرئية على عدد مشاهدات تجاوز 250 مليون مشاهَدة في سنوات قليلة، وأقبل الناس من أنحاء العالم ينهلون من هذه العلوم التي طالما أبغضوها لأنها تُدَرّس بأساليب التلقين الجافة التي تجعل المرء يبغض العلم والدراسة، فكان سلمان بأسلوبه الشيق السهل دواءً لفشل المؤسسات التعليمية وجمودها، وظهر في وسائل الإعلام كأحد رواد التعليم، وحصل على منحة من إحدى الشركات قدرها مليونا دولار لتوسيع برنامجه التعليمي وترجمة مكتبته لِلُغاتٍ أخرى، وما زال حتى كتابة هذه السطور ساعياً جاداً في نشر العلم والتعليم لكل أرجاء العالم عبر مدرسة خان.

أتى من الهند رجلان، سلمان خان وسلمان خان، وشتّان بينهما شتّان!

Twitter: @i_alammar

 
مقالات أخرى للكاتب