Tuesday 15/10/2013 Issue 14992 الثلاثاء 10 ذو الحجة 1434 العدد

من يقف أمام تطور اقتصادنا المعرفي..؟

د. عبدالعزيز بن إبراهيم الحرقان

د. عبدالعزيز بن إبراهيم الحرقان

لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية التي نطمح إليها، وأن ننتصر في معارك التنافس الاقتصادي العالمي بدون ثقافة وفكر وعلم إداري يشجع على الابتكار، وأن نحدد العقبات التي تقف أمام تنمية اقتصادنا المعرفي، وأن نبدأ بمعالجة العقبات الصغيرة ذات التأثير الكبير على التطور والنمو.

في لقاء لي مع نائبة رئيس الشركة (جي أي) التي تعتبر من أبرز الشركات العالمية الرائدة وتستمد جذورها من شركة أسسها توماس أديسون المخترع الشهير، وهي إحدى الشركات القلائل التي يزيد عمرها عن 100 عام، سألتهاكيف استطاعت الشركة تحقيق هذا النجاح المذهل في الابتكارات في مختلف المجالات، فكانت إجابتها أن الشركة اتخذت الابتكار والاختراع منهجاً وسياسة، فالابتكار في المجال التقني قد يكون واضحاً للعيان، بتنوع منتجات الشركة، ومن خلال مختبراتها، ولكن المحرك الحقيقي للابتكار هو نظام الشركة الإداري. فالمختص تقنياً يرتقي ويكافأ على حسب إنتاجه أو عمله التقني، في ذات الوقت فإن الجانب الإداري يتولاه أشخاص مختصون لهم قدرة على القيادة. فالمدير الإداري يهتم بتحقيق ومتابعة أهداف المؤسسة وتوفير الموارد اللازمة لتحقيق هذا الهدف، بينما المدير التقني أو التخصصي يعتبر كقائد فريق يهتم باستغلال الموارد والعناصر والقدرات التقنية في الإدارة ككل لتحقيق الأهداف المرجوة.

نلاحظ أننا في المملكة نعطى صلاحيات واسعة للمدير.. فيكون المدير هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الإدارة، وهو الذي يضع خططها وإستراتيجياتها وينفذها. وتلاحظ في اجتماعات المدير مع موظفيه هو سيطرة الفكر الواحد الذي يقود نحو قتل التطور والابتكار. ويكون بذلك أول الضحايا هو المدير نفسه. فهذا الأسلوب يمنعه من الاستفادة من عقول موظفيه.. ولذلك نجد أن المدير المتفاعل أو المستثمر لعقول موظفيه هو في الواقع يخلق إدارة للكل مكونة من عقول جميع الموظفين والاستفادة من إمكانياتهم.. ويكون دورة التنسيق والتوجيه للوصول إلى الهدف الإستراتيجي للإدارة، وبذلك يصبح هو القائد والمنسق والمطور لتحقيق الهدف.

رئيس شركة انفوسيس الهندية، قال عن موظفيه المتخصصين والمهنيين «كلهم أذكى مني» عدد الموظفين الذين أشار إليهم أكثر من 100 ألف!.. فالمدير المتسلط يكون إدارة من عقل رجل واحد!، والمدير المستثمر والمنمي لجهود موظفيه ومساهماتهم الفكرية والتنفيذية والابتكارية يبني عقل موحد للإدارة.

فالمدير المفعل لقدرات موظفيه والمشجع لهم على التطوير والابتكار والقادر على خلق بيئة تفاعليه تنمو فيها الأفكار والابتكارات، هو المدير المفترض أن تكون أنظمتنا الإدارية قادرة على إعطائه فرصة الظهور وتولي مهام الإدارة.

نظام الخدمة المدنية يهتم بتحقيق العدالة بين الموظفين في المقام الأول، ولكنه لا يوفر وسائل للموظفين المبتكرين، ولا يكفل مكافأة للموظف المبتكر القادر على إنتاج خدمة أو منتج جيد، أو يقدم مكافأة للمدير الذي طور إدارته. وهذا ما يعيق تطورنا الاقتصادي.

بالرغم من عدم توحيد الإجراءات الوظيفية في الشركات السعودية، إلا أننا نلاحظ غياب سياسات الابتكار لدى معظم الشركات المدرجة في سوق المال، وفي الشركات الكبرى في المملكة. وعادة ما تشمل هذه السياسات على أنظمة تحكم عمل المدير في تنمية ودعم الابتكار بين موظفيه.

نحن بحاجة لتطوير سياساتنا وأنظمتنا الإدارية في القطاعين الحكومي والخاص حتى تكون قابلة وقادرة على تبني الابتكار وتطويره وتنميته، من أجل بناء اقتصاد وطني شامخ يقوم على المعرفة والابتكار ويكون ذا قدرة تنافسية عالمية.

- عضو مجلس الشورى السعودي

 
موضوعات أخرى