Thursday 17/10/2013 Issue 14994 الخميس 12 ذو الحجة 1434 العدد
17-10-2013

الجدية والحزم في موسم هذا العام

لا يأتي نجاحٌ من فراغ ولا فشل بدون أسباب، فكلما كانت الاستعدادات مبكرة والاحتياطات قائمة أثناء تأدية المهام ارتفعت نسب النجاح وتضاءلت نسب الفشل وهكذا الحال في معظم الأعمال، غير أن من العوامل المهمة أيضاً في نجاح الأعمال،

أخذ الأمور بعزم وحزم وجدية فهي من الأسباب الهامة للنجاح، كما أن التراخي والكسل والتهاون من الأسباب المؤدية للفشل والهزيمة.

منذ بداية موسم حج هذا العام ونبرة الحزم والجدية طاغية على مشهد الموسم، ولذلك أسباب عدة في مقدمتها ما يشهده المسجد الحرام من أعمال توسعة مباركة ستساهم - بإذن الله - في زيادة الطاقة الاستيعابية للطواف بصفة خاصة والمسجد الحرام بصفة عامة، وقد بدأ الموسم بخفض نسب الحجاج القادمين، حيث وصل عدد الحجاج القادمين من الخارج 1.379.531 حاجاً من 188 دولة، وهم أقل من العام الماضي بنسبة 21%، أما بالنسبة للداخل فقد نجح شعار: (لا حج إلا بتصريح) لأن يتحول من شعار نظري تردده الأفواه وتعرضه اللوحات وغيرها من الوسائل الإعلانية والقنوات الفضائية، ليكون شعاراً عملياً ساهم في إعادة أكثر من 70 ألف حاج مخالف حاولوا التسلل للمشاعر المقدسة، كما ساهم في تحفظ الجهات الأمنية على أكثر من 138 ألف مركبة مخالفة وسيتم تطبيق العقوبات عليها إضافة إلى إعادة 26 ألف مركبة مخالفة عبر نقاط الفرز، كما تم ضبط 28 ألف مخالف لا يحملون تصريحاً للحج، إضافة إلى حصر أكثر من 85 مكتباً وهمياً يُروِّج لحملات حج وهمية.

هذه النتائج لم يكن لها لتتحقق لولا الجدية والحزم اللذين انطلق منهما موسم حج هذا العام، والتأكيد بأن لا حج إلا بتصريح والإعلان المستمر عن عدد الذين يتم إعادتهم من المخالفين، إضافة إلى الإعلان عن العقوبات التي رُصدت لهم والتي كانت مثار انتقاد البعض على الرغم من تأكيد سمو أمير المنطقة بأنها تُفرض لأول مرة ولا تزال قيد التقييم.

إن وجود الآلاف من رجال الأمن وأكثر من 4200 كاميرا في المشاعر، بعضها يتم استخدامه لأول مرة ويمكنه رصد أحداث على بعد 60 كيلو متراً، إضافة إلى الخرائط الرقمية ذات الجودة العالية من شأنه زيادة كفاءة مراكز القيادة والتحكم والسيطرة مما يساهم في سرعة رصد المخالفات واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.

إن الاستعدادات والخدمات والمشاريع التي تُقدم لضيوف الرحمن لا تتوقف فهي تتواصل عاماً بعد عام، وما أن ينتهي موسم حج ويغادر الحجاج، إلا وينطلق العمل استعداداً للموسم الذي يليه، وفي كل عام إنجاز جديد أو تدشين مشروع جديد يساهم في توفير المزيد من الخدمات لتيسير أمور الحج لضيوف الرحمن، فتارة نجد القطارات بين المشاعر وتارة نجد مشروع جسر الجمرات الجبار، إضافة إلى الجسور والأنفاق والطرق الجديدة والتي يتم تدشينها في هذه المنطقة عاماً بعد عام، وهكذا لا تتوقف عجلة البناء والنماء من أجل توفير أكبر قدر من الراحة والطمأنينة لضيوف الرحمن الكرام.

إن المشاريع الجديدة والتحضيرات والاستعدادات لا تقتصر على الطرق، بل وتشمل تطوير الخدمات الأخرى مثل الخدمات الصحية وما تقدمه من مستشفيات جديدة وميدانية، إضافة إلى شبكة الاتصالات وشبكة الطرق وشبكة المياه والصرف الصحي، إضافة إلى الخطط الأمنية والمرورية لتفويج الملايين ونفرتهم من مكان إلى آخر في وقت واحد وعبر شبكة من الطرق يتم تطويرها عاماً بعد عام، ويُضاف لذلك جهود الدفاع المدني والجوازات والهلال الأحمر والقوات الخاصة وأمن المشاة وغيرها من الجهات الأمنية.

إنه جهد جبار وعمل صعب يحتاج إلى طاقات بشرية هائلة لتوفير خدمات متكاملة لملايين من الناس في وقت واحد ومنطقة واحدة، وحتى تكون نتيجة هذا العمل متقنة وناجحة كان لا بد من إحكامها بضوابط وتشريعات وأنظمة يتم توعية الحجاج بها ومحاسبتهم على مخالفتها، فالإسلام يدعو للنظام والتنظيم ويحارب الفوضى والتهاون، والحج من أركان الإسلام الخمسة المحكمة بأعمال منظمة في وقت محدد وبطريقة محددة، فيجب أن تُؤدى هذه الشعيرة بطريقة نظامية، وأن يتم معاقبة من يخالف تلك الأنظمة بعقوبات تكون رادعة للمخالف ليكون عبرة لغيره.

 
مقالات أخرى للكاتب